الأستاذ السید المکي

بحث الفقه

37/03/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الفقه \أحكام الجماعة

 

اما الروايات تنهى عن ثلاثة وجوه: المنع المطلق. التخيير عند عدم السماع . والتفصيل .

اما الطائفة الأولى الدالة على المنع مطلقا فهي موثق سماعة عن "القراءة" خلف الإمام قال: لا . إن الإمام ضامن للقراءة "[1] باب 30 ح 3 ونحوها رواية الحسين بن كثيِّر وصحيح زرارة وصحيح محمد إبن مسلم أيضا وفيها من قرأ خلف إمام يأتم به فمات بعث على غير الفطرة وهذه الروايات دالةعلى المنع بالإطلاق ودالة على الحرمة أيضا وهي روايات متعددة واكثر من غيرها .

الطائفة الثانية : الدالة على التخيير وهي رواية واحدة: "رواها علي إبن يقطين سألت أبا الحسن الأول عن الرجل يصلي خلف إمام يقتدي به من صلاة يجهر فيها بالقراءة فلا يسمع القراءة قال لا بأس إن صمت وإن قرأ" [2] باب 31 ح 11 وهذه الرواية في خصوص حالة عدم سماع الإمام وظاهرة بل صريحة في التخيير ودالة على جواز ترك القراءة مع السماع ظهورا

الطائفة الثالثة: الدلة على التفصيل بين السماع ولو همهمة وبين عدم السماع روى سماعة في الموثق سألته عن الرجل يؤم الناس فيسمعون صوته ولا يفقهون ما يقول فقال إذا سمع صوته يجزيه وإذا لم يسمع صوته قرأ لنفسه باب 31 ح 1 وأوضح منها رواية قتيبة وهو الأعشى الثقة عن الصادق عليه السلام : " ... فلم تسمع قراءته فإقرأ أنت لنفسك وإن كنت تسمع الهمهمة فلا تقرأ" [3] باب 31 ح 7 وظاهرها وجوب القراءة عند عدم السماع وحرمة القراءة ظاهرة مع السماع ومثلها صحيحة عبد الرحمن إبن الحجاج حديث 5 صحيح وكذلك صحيح الحلبي وفيها ولم تسمع فإقرأ وهذه الروايات المفصلة ظاهرة كما ترى في جواز القراءة مع عدم السماع وظاهرها أيضا الوجوب بمعنى عدم ضمان الإمام ولا مانع من ذلك فنيا لأنها أخص من عموم ما سبق من ضمان الإمام ولكن الكلام في عدم وجود القائل بالوجوب مع عدم السماع وغايته القول بالإستحباب أو بالمنع المطلق وربما يؤيد ذلك بما تقدم من رواية إبن بقطين لأنها في مورد عدم السماع وأيضا فإن ما ورد من الأمر " في سياق توهم الحرمة " .

واما التعليل الوراد في بعض الأخبار بقوله تعالى وانصتوا لعلكم ترحمون فلا قائل به من العلماء سوى كلمات لإبن حمزة مما يؤكد الإستحباب كما هو في قراءة القرآن بشكل عام ولعله لأجل ذلك حمل بعضهم روايات المنع على الكراهة وأما الروايات المفصلة فهي صالحة لتقييد المطلقات على فرض دلالتها على المنع المطلق حتى في الجهرية وتكون رواية إبن يقطين القرينة على الجواز لا الوجوب ونشير الى أن الفتوى بالجواز بحسب ظواهر الادلة لا يفرق فيها بين قصد الجزئية أو بغير قصدها كما هو مقتضى الإطلاق فما ذكره اليزدي في محله وقد أفتى به من عرفت من القدماء والأعاظم .

المسألة الثالثة: ذكر السيد اليزدي في الأخيرتين بأن المكلف مخير بين القراءة وبين التسبيح سواء قرأ الإمام أو سبح سمع قراته أو لم يسمع . وهذه المسألة لم أعثر عليها في كلام كثير من القدماء كالشيح وسلار وإبن حمزة والصهرشتي وإبن البراج بل وكذلك مع المحقق والعلامةوالشهيد وإن أطلقوا القول بعدم جواز القراءة لأنها منصرفة الى الركعتين الأوليين وإنما تعرض لها جمع من الفقهاء فيما بعد وكلماتهم واضحة في الإخفاتية وغير جلية في الجهرية وما عثرنا عليه من الأقوال ثلاثة :

أ- القول بالتخيير بين القراءة وبين التسبيح إختاره إبن زهرة في الغنية والعلامة في المنتهى والمختلف والشهيد الثاني في الروض

ب- ما ذكره إبن إدريس ص 61 في السرائر [4] : وأما الركعتان الأخريان فقد روي أنه لا قراءة على المأموم فيها ولا تسبيح وروي أنه يقرأ فيهما والأول أظهر

ج- القول بتحريم القراءة فيهما مع إستحباب التسبيح إختاره السبزواري في كتابيه

اما الروايات فقد أشرنا سابقا الى الإطلاقات والعمومات تارة على المنع وتارة على الجواز واما ما ورد في الأخيرتين فهو عدة روايات

أ- ما رواه زرارة في الصحيح وفيه لا تقرأ شيئ في الأخيرتين فإن الله يقول وإذا قرأ القرآن يعني في الفريضة خلف الإمام فإستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون فالأخيرتان تبعا للأوليين[5] باب 31 ح 2 .

ب- ما رواه عبدالله إبن سنان في الصحيح إذا كنت خلف الإمام في صلاة لا يُجهر فيها بالقراءةحتى يفرغ وكان الرجل مأمونا على القرآن فلا تقرأ خلفه في الأولتين وقال يجزيك التسبيح في الأخيرتين قلت أي شيء تقول أنت قال أقرأ فاتحة الكتاب وظاهر قوله يجزيك دال على وجوب أمر يجزء عنه التسبيح .


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص354، أبواب صلاة الجماعة، باب30، ح3، ط آل البیت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص358، أبواب صلاة الجماعة، باب31، ح11، ط آل البیت.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص357، أبواب صلاة الجماعة، باب31، ح7، ط آل البیت.
[4] كتاب السرائر، ابن إدريس الحلي، ج1، ص284.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج4، ص861، أبواب قراءة القرآن ولو في غير الصلاة، باب26، ح5، ط الاسلامية.