الأستاذ السید المکي

بحث الفقه

36/07/16

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الفقه \الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

الشرط الثاني: التأثير : لا ينبغي الشك بعدم الوجوب مع العلم بعدم التأثير مطلقا سواء في الأمر او في النهي وقد ذكر صاحب الجواهر انه لا خلاف فيه وفي كتاب المنتهى الإجماع على ذلك " غير القلب" وهذا الكلام تقييد لمن قال بالوجوب الكفائي أما على ما ذكرناه من بقاء الوجوب معه صدق المنكر من جهة ومع إحتمال التأثير من جهة أخرى أو على مذهب العينية فليس الأمر واضحا وإن كان الشك في الصغرى لأنه مع ذلك يبقى إحتمال التأثير واردا هذا كله إذا لم نقل بما ذكره بعض الأعاظم من أن الأمر والنهي يستبطنان نوعا من عقوبة فقد يلتزم بالوجوب رغم عدم التأثير كعقوبة للآخر ولو يلتزم بغيره كإجراء للعقوبة  . ولكن فقهاءنا عمموا القول بعدم الوجوب حتى لصورة الظن قال المحقق الحلي : لو غلب على ظنه أنه لا يؤثر لم يجب وزاد في الجواهر أن ألأكثر من الأصحاب قائلون بذلك وإعترض في الجواهر وغيرها بأن الأوامر مطلقة ولولا الإجماع لوجب حتى مع العلم بعدم التأثير وخروجه لا يضر ببقاء الباقي تحت الإطلاق قال إبن حمزة في الوسيلة ويجوز تأثير أمره ونهيه وكذلك قال الحلبي ابو الصلاح : ومنها تجويز تأثيرهما لأن الأدلة مطلقة ولا يشترط غلبة الظن بالتأثير وفي كلمات الشهيد الأول في الدروس إشتراط إمكان التأثير وإستجود هذا الإطلاق الشهيد الثاني في كتاب المسالك لإنسجامه مع الأدلة نعم كما عرفت ذهب المحقق والعلامة الى سقوط الوجوب مع الظن بعدم التأثير وفي كلمات إبن إدريس في السرائر بعد ذكر الظن العطف بأو يجوزه نعم ذكر إبن أبي المجد الحلبي " وثبوت العلم او الظن بتأثير الأمر او النهي " .
والتحقيق: أن ادلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على كثرتها مطلقة ولا يرفع اليد عنها إلا بدليل وإخراج صورة العلم كان للإجماع وإلا لأمكن بقاؤه إما إيذاءا كما قلنا أو وقاية بالنسبة للآخرين . وأما ما ورد في رواية مسعدة " أنما هو على القوي المطاع العالم بالمعروف من المنكر " فإن المطاع لا يعني الحصول خارجا وإنما هي ظاهرة في إحداث الداعي لدى الآخرين وما يعرف بالقابلية وهذا الإرتكاز يجعل المورد في هذه الرواية كما يقال في موارد توهم الحذر في باب الأوامر المانع من إنعقاد ظهور إناطت الوجوب بالمطاعية فضلا عن الإشكال في مسعدة كما تقدم وكذلك الكلام فيما يمكن ان يستدل به في رواية أخرى وفيها إنما يُؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر مؤمن فيتعض أو جاهل فيتعلم واما صاحب سوط او سيف فلا فهي أيضا ناظرة لدخل القدرة عند الامر الى التوصل الى غرضه لا لبيان شرط العلم بالتأثير أو الظن ويمكن أن يؤيد ما ذكر بما أوجبه الفقهاء من الإنكار القلبي مع العلم بعدم التأثير ويجاب بأن ذلك لا علاقة له بالآخر فإنها من الواجب العيني أولا وفيها لحاظ لنفس الآمر وثالثا ليست من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
أما بقاء الجواز أو الإستحباب فلا شك في عدم بقائه من جهة الوجوب لما عرفت في علم الأصول من أن الوجوب أمر إعتباري بسيط إما ان يرتفع كلاًّ او يثبت كلاًّ فهو ليس بمركب وأما من جهة اخرى فقد يقال بأصالة البراءة من حرمة الإيذاء لإنصراف أدلة إيذاء المؤمن عن صورة الفاسق المُنكِر خصوصا ما ورد في بعض الروايات من لزوم مواجهة العصاة بوجوه مكفهرة مع إستلزام ذلك للأذى عادة إلا ان يقال أن ذلك برجاء الردع وكلامنا مع عدم التأثير ولذا القول بالجواز بل الإستحباب حتى مع عدم التأثير قول قوي جدا .
الشرط الثالث: الإصرار: لا شك أيضا في سقوط الوجوب مع العلم بالترك لم تلبس به لإرتفاع موضوع الوجوب وهذا لا كلام فيه وقد ذكر المحقق الحلي لو لاح منه أمارة الإقلاع سقط الإنكار وعقَّب في الجواهر بانه بناء عليه هو حرام والإشكال ههنا اوضح فالأمارة الظنية غير الحجة لا ترفع الوجوب مع إطلاق ادلته لأنه بمجرد فعله هو فاسق ويجب نهيه عن ذلك ولكن جمعا من الفقهاء ذكروا ما يغاير هذه النتيجة .