الأستاذ السید المکي

بحث الفقه

36/04/05

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الفقه \الجهاد
ج – الغلول :  ذكر صاحب الرياض أنها حرام وقال بأنه لا خلاف في ذلك وهو الذي إختاره المحقق الحلي والعلامة الحلي والشهيد الثاني وغيرهم من الفقهاء ولا شبهة في الحرمة للغلول في الجملة لوجود النصوص السابقة والمعتبرة وفيها لا تغدروا ولا تغلوا . ولكن إستشكل الفقهاء في معنى الغلول لجهة إباحة مال الحربي ومن هنا ولدت تفسيرات للغلول ليتناسب مع ما سبق :
1 – أن الغلول هو أخذ المال منهم عند الهدنة ونحو ذلك حيث يكون مالهم محترما
2 – انها السرقة من الغنيمة قبل القسمة سرا أو انها السرقة من بيت المال إذ الغلول هو الأخذ مطلقا بغير حق قال تعالى ومن يغلل يأتي بما غل يوم القيامة آل عمران .
3 – أن الغلول هو مطلق الخيانة وشاع في خصوص الغنيمة ويمكن ان يوسع هذا المفهوم الى صورة الأكل والشرب من بيوتهم أثناء الحرب وأيضا التعميم لكل سرقة سيما من المال العام ولو بتخفيف الضريبة أو الإستخدام المفرط للمال العام وأخذه بغير وجه حق ويمكن ان يلحق بذلك هدايا العمال .
 والتحقيق أن العبارة مجملة وإن تضمنت معنى الخيانة إذ هي من الكبائر التي توعد الله عليها بالنار ولا بد أمام الإجمال من الأخذ بالمتيقن والواضح في حالة الجهاد منها الأخذ من الغنيمة قبل القسمة أو بعدها بزيادة الحصة أو أخذ المال في صورة إحترام مالهم لهدنة ونحوه وأما ما زاد على ذلك وإن حرم فلا يمكن ان يطبق عليه مفهوم الغلول وبالتالي ترتيب آثاره.
المسألة 19 : في الأسارى :
امأ الذكور فإن كانت الحرب قائمة فالقتل إلا أن يسلموا وإن لم تكن قائمة فلا يقتلون ويخير الإمام بين ثلاثة : إما المن . وإما الفداء . وإما الإسترقاق ولو أسلموا . وأما القتل : فالإمام مخير بين ضرب أعناقهم أو قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ويتركون الى الموت ويجب إطعامه وسقيه  وأن أريد قتله وحمل رأسه من المعركة
أ -  اما مع قيام الحرب فلا خلاف في حكم قتل الأسير الذكر كما صرّح به في الجواهر وهو ما إختاره الشيخ الطوسي وإبن سعيد والعلامة الحلي وغيرهم لم يحكى الخلاف إلا عن الإسكافي إبن الجنيد إذ أطلق القول بالتخيير بين الإسترقاق والفداء بهم والمن عليهم وهو قول عند العامة سيما الشافعي وستعرف أنه مخالف للنص وللفتوى وقد ذكر العلامة الحلي في كتاب المنتهى : أن القتل إجماعي ما لم يسلم . وذكر العلامة في الدليل ألنبوي المشهور أمرت أن أقتل الناس حتى يقولوا لا إلاه إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماؤهم وأموالهم .
وإستدل أيضا برواية وفيها : الأسير إذا أسلم فقد حقن دمه وصار فيئ . وأن الإمام ساعتئذ يتخير بين الثلاثة المذكورة ونص عليه الشهيد الثاني وذكره الشيخ الطوسي في كتاب التبيان جلد 9 . ونقل الشهيد الثاني بتعين المن إذ لا إسترقاق حال الكفر فيكون في حال إسلامه أولى مع أن عدم الإسترقاق هناك إهانة لأنه محكوم بما هو أعظم بخلافه ههنا نعم روو ضعيفا بأن النبي فدى أسيرا مسلما برجلين ولذا قال في الرياض لو تم هذا النص لأضفنا الى المن صورة الفداء ولا يظهر في الأدلة عندنا جواز إسترقاقه إذا أسلم ولذا أطلق الشيخ في كتاب النهاية القول بحقن دمه وكذلك في جامع إبن سعيد نعم في كلام أبي الصلاح الحلبي صفحة 257 إذا أسر المسلمون كافرا عُرِض عليه الإسلام ورغب فيه فإن أسلم أطلق سراحه وكان أسره والحرب قائمة . فالإمام مخير في قتله أوصلبه أو قطعه ... أو الفداء به .
          وربما إستدل بعضهم بقوله تعالى فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منًّ بعدُ وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها وبما أن ظاهر الآية مخالف لما جرى عليه الفقهاء حاول بعضهم دعوى التقديم والتأخير والأصل فضرب الرقاب حتى تضع الحرب أوزارها حتى إذا أثخنتموهم . وقال آخر ان الأية منسوخة لأنه كان الأسر محرما : ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض . وقال صاحب الجواهر أنه لو أسلم والحرب قائمة جاز للإمام المن عليه وهو أولى من الأسير بعد تقضِّي الحرب حيث لا يقتل هناك وإنما الخلاف في الإضافة على المن من الإسترقاق او الفداء ثم قال الإحتياط ان يقتصر على المن وقد يستدل بما ورد في الخبر عن علي بن الحسين عليه السلام : (الأسير إذا أسلم فقد حقن دمه وصار فيئاً ) [1]،لكنها ضعيفة جدا وما ذكر من أن النبي فادى بأسير مسلم رواية عامية ضعيفة للغاية سنن البيهقي جلد 9 ص 72 وكذا ما قيل من الأولوية وأصالة الحرية لحكمة وأما الفداء ففيه أن تسليم المسلم الى الكفرة وهو مما لا يقتضيه نظام الإسلام بعد الآيات


[1] وسائل الشيعة، الحر العاملی، ج15، ص72، کتاب الجهاد، باب23، ح2، ط آل البيت.