الأستاذ السید المکي

بحث الفقه

36/03/27

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الفقه \الجهاد
والتحقيق : أن نقول بأن الأقوى هو الجواز مطلقا سيما إذا توقف الفتح على ذلك ويمكن أن يستدل للجواز بما يلي:
1 – التمسك بإطلاق الأدلة وما فيها من التشدد المنافي مع القول بالحرمة بإلقاء السم كما في قوله تعالى: اقعدوا لهم كل مرصد وقوله تعالى إقتلوهم حيث وجدتموهم وقوله تعالى فضرب الرقاب ونحو ذلك من ما تقدمت الإشارة اليه.
2 – الأصل العملي عند الشك في الحرمة بعد عدم ثبوت أي حرمة للكافر وإن كانت الشبهة تحريمية .
3 – الإستدلال بما دل على ما هو أفضع من السم كما في الحرق بالنار والضرب بالمنجنيق وكالإغراق بالماء أو هي من النظائر في الشدة والتي قد يتأمل بها متامل .
4 – أنه لم يثبت إجماع فقهي على حرمة القاء السم وأن ذهب اليه الشيخ في النهاية لأنه هو بنفسه صرح في كتاب المبسوط بالجواز وتبعه أكثر المتأخرين ومن هنا عبر شيخ الفقهاء العلامة الحلي في موضوع السم على رأي .
 5 - ان الرواية التي دلت على هذا الإستثناء هي رواية النوفلي الحسين إبن يزيد عن السكوني العامي هي الرواية الوحيدة وهي ضعيفة سندا ودلالة أما سندا فلأن الحسين ابن يزيد المذكور وإن كان أديبا وشاعرا وعاش في منطقة الري لكنه لم يوثق لا عند النجاشي ولا في فهرست ورجال الشيخ الطوسي بل ذكر النجاشي عن قوم من القميين بأن النوفلي غلىّ في آخر عمره وعقب يقوله أنه لم يعثر له على رواية تدل على ذلك نعم له كتاب بعنوان التقية وكتاب بعنوان السنة , أما ما ذكره السيد الخوئي في كتاب كامل الزيارات لإبن قولويه فهو إعتماد على عبارة في المقدمة وقد عرفت مرارا أنها لا تدل إلا على وثاقة من روى عنهم مباشرة والدليل على ذلك وجود الكذبة والمعروفين بالضعف ما لا يخفى على إبن قولويه بل في بعض الروايات في الكتابين ورود "أُمنا"  فيها .
6 – لو سلمنا إعتبار النوفلي فالرواية مختلف في تفسيرها وإن كانت نسبتها الى العام القرآني نسبة الخاص الى العام مع إحتمال خصوصية للسم في الجملة لكن في لسان الرواية هذه العبارة : أن يلقى في بلاد المشركين مما يشير الى نكتة أخرى وهي قتل من لا يصح قتلهم من الكفار كالنساء والشيوخ لعبارة الإلقاء في البلاد وهذا ما نلتزم به
7 – إن الجواز مع الإضطرار على الأقل هو مقتضى رواية جميل الصحيحة سندا وفيها : ولا تمثلوا ولا تقطعوا شجرة ولا تغدروا إلا أن تضطروا اليها
8 – إن الشيخ الطوسي في كتاب النهاية بعدما أفتى بحرمة ألقاء السم قال: ومتى إستعصى على المسلم موضع كان لهم أن يرموهم بالمناجيق والنيران وغير ذلك مما يكون فيه فتح لهم وإن كان في جملتهم قوم من المسلمين فعن قوله مضافا للمجانيق والنار وغير ذلك يفعل ما لا يفعله السم بل إن قتل المسلمين من أجل الفتح لا يوازى بشيء وقد عرفت ما قال صاحب الجواهر من القتل بالبارود والحياة والعقارب مما يؤكد ما ذكرناه
9 – إن القتل بالسم لا ينحصر بإلقائه في الماء ولا بما هو محتمل بالخصوصية لسوء أثره فالسموم متنوعة فمنها نباتي ومنها معدني ومنها غازي فمن قبيل المثال مثلا يقال أن غراما واحدا من تراب الماس يشكل جرعة كافية للقتل وليس له طعم ولا رائحة ولا أعراض وقد يستمر الى ستة أشهر بعد تناوله ويخترق في النهاية العامود الفقري وكذا يوجد من نبات الفطر سيما ما يسمى بقبعة الموت وكذلك البوتاسيوم إذا زادت نسبته أدى الى جلطة مباشرة رغم وجوده في الدم ففي كل ليتر يوجد 200 ملغ منه وكذلك الزرنيخ فإن ما يقرب من مئة ملغ تقتل بعد ساعات فأما غاز السارين يعد من أسلحة الدمار الشامل يقتل في دقيقة والأخطر منه بستين الف مرة هو غاز الديوكسين فتكفي جرعة 50 ميكروغرام  . وكذلك نبات الشوكران وأخطر ما انتجته البشرية اليوم الكوتيونينيوم المستخرج من بكتيريا معينة وخطرها أن ملعقة من الشاي كافية لقتل مليار شخص ونحو ذلك كثير .