الأستاذ السید المکي

بحث الفقه

36/03/06

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الفقه \الجهاد
المسألة العاشرة: تستحب المرابطة على الأقوى حتى مع إستتار الإمام وهي الإرصاد لحفظ الثغور وتستحب ولو بإيداع فرس ونحو ذلك ولا تجب إلا بالنذر وحدها ما بين ثلاثة الى أربعين يوما على الأقوى . ذكر صاحب الجواهر أنه لا يجد في الإستحباب خلافا ونسبه الى الفاضلين والشهيدين مستدلا بالأصل الخالي عن المعارض إذ الآيات أو ما إستدل به لا يقتضي سوى الثناء والمدح على المرابط وهو يساوق الإستحباب وفي المقابل نقل عن المقداد في كتاب التنقيح القول بالوجوب كفاية وقال صاحب الرياض بالإستحباب المطلق ولكن يتأكد مع وجود الإمام وقال الشيح في كتاب النهاية صفحة 290 والمرابطة في سبيل الله فيها فضل كبير وثواب جزيل غير أن الفضل فيها يكون حال كون الإمام ظاهرا وحدها ثلاثة أيام الى أربعين يوما فإن زاد على ذلك كان حكمه حكم المجاهدين وثوابه ثوابهم ومتى لم يكن الإمام ظاهرا لم يكن فيه ذلك الفضل وما ذكره الأصحاب من الإستحباب متين لأن الأدلة لا يستفاد منها سوى ذلك من قبيل رباط ليلة خير من صيام شهر وقوله عليه السلام العين التي لا تمسها النار عين باتت تحرس في سبيل الله وقوله عليه السلام كل ميت يختم على عمله إلا المرابط باب 6 و 7 جهاد العدو الباب الحادي عشر .
          نعم روى الحميري في قرب الإسلام عن محمد إبن عيسى عن يونس عن الرضا عليه السلام في من اوصى للرباط في ذلك الزمن الى بعض أصحابنا حيث أمره الإمام بالرد إذ عرف صاحب المال وإلا " إن كان هكذا فليرابط ولا يقاتل ...
          ولكن يقاتل عن بيضة الإسلام فإن في ذهاب بيضة الإسلام دروس ذكر محمد صلى الله عليه وآله ولكن الإستدلال بالأمر في قوله فليرابط في غير محله لأنها في سياق المنع والرد هذا من جهة وفي المقابل ورد في بعض الروايات النهي عن المرابطة بل في لعضها التهديد ففي رواية عبدالله بن سنان الضعيفة للغاية الويل يتعجلون قتلة في الدنيا وقتلة في الآخرة ما الشهيد إلا شيعتنا ولو ماتوا على فرشهم فهي ضعيفة أولا: بعلي بن معبد وبواصل الذي يكاد أن يكون مجهولا وهي في مورد الرباط لحفظ دولة الجور لا لأجل حفظ بيضة الإسلام وهذا نلتزم به ومنها يفهم بأن الرباط مغاير للقتال والجهاد بل يعني أن يكون عينا وإعلاما ورصدا ودراسة لوضع المشركين والكفرة وبيان مدى خطرهم والإنذار وهذا مستحسن في كل زمن يخشى منه على العام وإطلاق النصوص شاهد على ما ذكرنا سيما أنها صدرت من أئمتنا في ظروف دولة الجور .
          واما ما ذكره الشيخ الطوسي وجماعة من التحديد بثلاثة لجهة القلة الى أربعين لجهة الكثرة فقد منع منه الإسكافي إبن الجنيد وقال إن أقله يوم واحد تمسكا بالإطلاقات ومن العامة من وافق على ذلك أيضا وقد وجه المحقق العراقي ذلك بحمل الرواية الواردة في التحديد على الأفضلية لأن العنوان العام ينطبق عليه اما ما ورد في ذيل الرواية فإن زادت كانت جهادا فحمله على الثواب الفائض لكن في الجواهر ذكر أن تحديد المذكور أفتى به الشيخ والعلامة والشهيد الأول والكركي والشهيد الثاني بل في منتهى العلامة نسبته الى علمائنا وبما أنه تترتب عليه ثمرات والنذر الخ .
           ويمكن أن يقال بأن الإيجابيين لا يتعارضان ولو كان أحدهما مطلقا والآخر مقيد وبناء عليه يتم ما قاله العراقي رحمه الله ولكن التامل في الصيغة اللغوية والإتيان بلام الجنس والتقديم مفيد للحصر عن أهل اللغة مضافا لما ذكره الأصحاب ومضافا الى أن الإطلاقات تأسيسية لبيان ثواب ومن هنا يكون الأقرب ما ذكره الأصحاب واما كلمة الثغر وهي في اللغة الموقع الذي يخاف منه وما يعرف اليوم بنقطة الضعف فليست شرطا إذ المطلقات شاملة لغيره سيما أن الرباط للرصد والإخبار لا لسد نقطة ضعف فحسب سيما في المواقع الطبيعية .