الأستاذ السید المکي

بحث الفقه

34/07/26

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ النفقة "تابع"\ النفقة والتقدير
  الحمد لله رب العالمين والصلاة السلام على سيدنا وحبيب قلوبنا وشفيع ذنوبنا وطبيب نفوسنا ابي القاسم محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين .
 والتحقيق : ان القاعدة تقتضي عدم ربط الحقين ببعضهما والربط يحتاج الى دليل وما يمكن ان يكون دليلا احد امور:
  1. ان يقال بأن الزواج معاوضة وهذا أمر ارتكازي عقلائي تاريخي ومقتضى المعاوضة أو الشبه بها أن يكون للزوجة الامتناع عند امتناعه وهذا الارتكاز لا شك فيه ولكن يبقى الكلام فيما ذكره الفقهاء من أن الزوجية ليست معاوضة حقيقية وانما شبهت بها لوجود المهر اذ ورد لا نكاح الا بمهر ويمكن أن يجاب أن التشبيه بالمعاوضة ليس لجهة المهر فقط اذ ربما كان المهر ضئيلا لجوازه عندنا بل الأنسب بالمعاوضية هو النفقة ولذا ورد أنك تشتريها بأغلى الثمن فان ذلك ليس ناظرا للمهر .
  2. أن يستدل بالإطلاق فان الزواج يسوغ للزوج الاستمتاع بمجرد العقد وعصيان أحدهما في أمر ما لا يسقط هذا الحق ولو شك فيه فالأصل عدم السقوط وبالتالي لا يجوز لها أن تمنع نفسها . ان قلت: أن هذا لا يتناسب مع روح الشريعة الانساني . قيل: بأن للزوجة أن ترفع أمرها الى الحاكم الشرعي وليس ذلك منحصرا بنشوزها المقابل والحاكم يأمره أن يفيء الى أمر الله واِلا طلقها .
  3. أن يستدل بعمومات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فأن الرجل عند اساءته يجب أن يُنهى مع احتمال الردع والنشوز يحقق ذلك . ويرد عليه أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لهما مراتب والنشوز منها ليس مرتبة أولى فيمكنها اظهار الغضب او السماح له بحقه مع اغاضته وايضا فان ذلك مع احتمال ردعه لا مع تعاظم جبروته ولو سلمنا فانه لا يجوز بل هو واجب فيما لو احتُمل الردع بذلك .
  4. أن يستدل بقوله تعالى الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا ببيان أن القوامية ومنها الطاعة فيما يجوز انما حصل بسبب التفضيل التكويني سواء من قوة جسد أو رشد أو نقص عاطفة والنفقة فاذا تخلف ذلك فلا قيمومة له ويمكن أن يجاب بأن الرجل ان نشز بكلامه أو بمعاشرته أو بعدم الانفاق الجزئي فلا قائل بجواز الخروج لها من المنزل مع انه مفتضى القوامية المعاوضية وذلك فالآية تبرز حكمة السلطة المعطاة للرجل ولا تعني التحكم والتسلط المطلق عليه ولذا لا يجب ان تطيعه في كل شيء الا فيما افتضاه الاستمتاع وعلى أي حال فلا شك بأن نشوزها مخالف للاحتياط مع عدم ظهور دليل جلي وواضح في ارتباط حقهما ببعضه وان كان لنشوزها وجه وجيه تقدم من خلال الارتكاز .
  النفقة والتقدير
  أصبحت هذه المسألة معتركا للخلاف والتباين في الآراء سواء عند الخاصة أو عند العامة ومنشأ هذا الخلاف عدم وجود روايات مفصلة أو لبيان التفصيل ولأن الاحتمالات الثبوتية متعددة من قبيل :
  1. أن يراعى عرف بلد الزوجة
  2. أن يراعى حال الزوجة من خلال أهلها
  3. أن يراعى عرف البلد الذي تقطن فيه مع زوجها
  4. أن يراعى حال الزوج
  5. أن يراعى حال الزوجة بالقياس الى الزوج .
  ذكر فقهاؤنا موضوع هذا الوجوب دون بيان الحصر ففي كتاب المبسوط مثلا ذكر بأن الواجب في اللحم أن يطعمها في الأسبوع مرة وذكر آخر أنه يطعمها اللحم كل ثلاثة كما وقع الخلاف في أدوات التنظيف وكذلك في مثل الفصد والحجامة والمعالجات الصعبة للأمراض المستعصية .
  فبعضهم أخرج الأمر بالصعبة من وجوب الانفاق ولعله لأصالة العدم عند الشك بل أخرج بعضهم آلات التنظيف والمرض وظروف الطعام والشراب مما لا يدخل تحت اسم الطعام او الشراب ولعله استند الى ظاهر الروايات بظن أنها حاصرة من قبيل انفق عليها ما يقيم صلبها وفي أخرى ما يواري عورتها وفي ثالثة أشبع بطنها واكسو جثتها.
  وذكر صاحب الجواهر بأن المولى أمر بالمعاشرة بالمعروف وهو يقتضي وجوب كل ما ذكر لأنها تحت السلطنة وهو معنى القوامية وقد يؤيد ما ذكره صاحب الجواهر بما ورد في باب الزكاة خمسة لا يعطون من الزكاة الى أن ذكر والمرأة وذلك أنهم عياله لازمون له ومن الواضح أن هذا النص يقتضي الانفاق عاما وهو معنى اللزوم ولا حاصل للزكاة في الأكل والشرب بالنسبة للمحتاج
  وقد يقال: بأن سلطنة الرجل على المرأة ودخولها في عياله يقتضي ملاحظة حاله فهو الملحوظ وفي الكتاب الكريم ولينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما أتاه الله .
  وربما قيل: بأن الملحوظ هو حال الزوجة لأنه الانفاق والعشرة بالمعروف تختلف من شخص الى آخر . قال تعالى وعلى المولود لهن رزقهن وكسوتهن ببيان أن الاضافة تقتضي أن يلحظ حالها .
  ويرد عليه أن الاضافة لا تعني أكثر من الانتساب ولا نظر لها لحالها وليست الآية لبيان ذلك نعم لا يرد اشكال أن الآية في المطلقة اذ لا فرق عرفا ولا قائل بالفصل بين حالة الطلاق وبين غيرها.