الأستاذ السید المکي

بحث الفقه

34/07/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ نفقة المطلقة بائنا
  الحمد لله رب العالمين والصلاة السلام على سيدنا وحبيب قلوبنا وشفيع ذنوبنا وطبيب نفوسنا ابي القاسم محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين .
 وهذه النقطة يدخل تحتها فرعان
 الأول: ان نفترض ان المطلقة كانت خلية
 الثاني: ان تكون المطلقة حاملا
  لا خلاف بين الأصحاب في عدم وجوبها في الفرع الأول كما لا خلاف في وجوبها في الفرع الثاني ويدل على الفرع الأول وعدم الوجوب مضافا الى خروجها عن العنوان المقتضي وهو الزوجية وان اعتدَّت فان العدة لحكمة الحمل وغيره.
  ومن هنا احتاج الزواج منها الى عقد جديد حتى للزوج وكذلك يدل عليه الاجماع المستفاد من تتبع كلمات الاصحاب. قال البحراني في الحدائق: ان الحكم موضع وفاق . وقال الشيخ الطوسي: أنه اجماع الفرقة , وزاد في الجواهر ان الاجماع بقسميه على عدم الوجوب.
  وقال ابن ادريس لا نفقة لها في عدتها فان كانت حاملا فلها النفقة بلا خلاف وفي رواية سعد بن ابي خلف اذا طلق الرجل امرأته طلاقا لا يملك فيه الرجعة فقد بانت منه ساعة طلقها وملكت نفسها ولا سبيل له عليها وتعتد حيث شاءت ولا نفقة لها ونحوها الكثير سيما في المطلقة ثلاثا وان كانت الرواية المذكورة الصحيحة شاملة لكل المفردات.
  نعم ورد في رواية ابن سنان ما يدل على ثبوت النفقة للمطلقة مطلقا ولا ضير في ذلك لأن نسبتها مع روايات البائن نسبة المطلق الى المقيد ولا وجه لما فعله بعض الأعاظم من حمل رواية ابن سنان على الاستحباب فانه بلا وجه يفتصيه كما انه ليس عرفيا وهذا لا اشكال فيه وانما الاشكال في الفرع الثاني اي الحامل فقد صرح جماعة باللزوم وادعى على ذلك جماعة الاجماع كما دلت عليه روايات ايضا ففي صحيح الحلبي عن الصادق عليه السلام انه سئل عن المطلقة ثلاثا الها النفقة او السكنى .قال: احبلى هي؟ قلت: لا . قال: فلا. فان ذلك ظاهر عرفا حيث استفصل عن التفصيل والمغايرة في الحكم بل يمكن التمسك بالآية المباركة في اطلاقها :وان كنا اولات حمل فانفقوا عليهن حتى يضعن حملهن. لشمولها للبائن وللرجعية وفيما ذكرنا كفاية عن استعراض الروايات الباقية وانما وقع الاشكال في موضوع هذا الوجوب:
  1. هل النفقة للحمل ام للزوجة الحامل ويترتب على ذلك ثمرات منها ارتداد الحامل بعد الطلاق
  2. ما لو تخلف الزوج المطلق عن الانفاق مدة فلو كانت النفقة لها تُقضى وان كانت للحمل بما هو القريب لا تقضى . منها لو كان للحمل مال من وصية أو نذر ونحو ذلك ومن الواضح عندنا عدم وجوب النفقة على القادر ومنها ما لو اعسر المطلِق بالنفقة فإنها تجب على الجد لو كانت للحمل ويمكن ذكر موارد مرتبطة بتنقيح الموضوع . نسب القول لجمهرة من أصحابنا الى ان النفقة للحمل بل نسب للأكثر سيما في كلمات القدماء ومن تلاهم كالشيخ الطوسي في النهاية وابن حمزة وابن ادريس نعم قال الشيخ في المبسوط قيل فيه قولان : احدهما النفقة لها لأجل الحمل وهو أصحهما عند المخالف والثاني النفقة للحمل وهو اقواهما عندي واختاره ايضا ابن البراج وعمدة ما يستدل لهذا القول أمور:
  3. ان النفقة المذكورة تدور مدار الحمل وجودلا وعدما وهذا يشير الى انها للحمل
  4. أن حكم الانفصال يساوق حكم الاتصال فلو انفصل الولد كانت النفقة له
  5. ان الاصحاب رووا أنه ينفق عليه من ماله ان كان وهذا مؤشر على ان النفقة له ويمكن ان يؤيد العكس بأمور: لوجود لوازم لا نلتزم بها
 
  1. ان النفقة مقدرة وفي الحمل لا تَقَدُر لها وهذا دليل على انها نفقة أقارب لأنها غير مقدرة
  2. أن النفقة تسقط بيسار الولد عادة وههنا لا يفتى بالسقوط
  3. أنا لا نفتي بثبوتها على الجد ولو كانت للولد لثبتت
  وكل ما ذكر غير مسلّم اذ النفقة للزوجة مقدرة اجمالا فلا تقدير تفصيلي لا في الأقارب ولا في الزوجة واما السقوط فنحن نفتي به مع الغنى ولا مانع من الثبوت على الجد كما لا يوجد اجماع على أحد القولين بل ولا شهرة لعدم تعرض الكثير لهذه المسألة بل لا يوجد نص صريح بل مقتضى ظاهر الآية المباركة انفقوا عليهنّ هو انها لها وان وجبت بسبب الحمل بل في بعض الروايات ما يساوق ذلك انفق عليها حتى تضع حملها وفي أخرى وعليه نفقتها بالمعروف نعم لا يقال بأن الاستصحاب يثبت وجوب النفقة لها ولم يخرج من دائرته بالأمارة الا البائن الحائل فيبقى الباقي تحت الاستصحاب لأنه يجاب بوضوح أن البائن مغايرة للزوجة وللرجعية لأنها زوجة فلا موضوع واحد عرفا ليستصحب ، ومن هنا تعرف النقاش فيما ذكره الأصحاب من أدلة فان دوارن الأمر وجودا وعدما لا يحتم انها للحمل فلعله جزء ملاك .
  وأما قضية الاتصال والانفصال فهو من الغرائب فان الشريعة جمعت ما تفرق وفرقت ما اجتمع وأما أنه ينفق عليها من ماله فهي غير مسلمة اذ ورد في رواية الكناني ينفق عليه من مالها وهي في المتوفي عنها زوجها لا في المطلقة ومن هنا يكون الأوفق بالقواعد وعملا بالظهور هو كون النفقة لها بسبب الحمل ويترتب على ذلك سائر الآثار.
 والحمد لله رب العالمين