الأستاذ السید المکي

بحث الفقه

34/07/03

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \الحضانة
  الحمد لله رب العالمين والصلاة السلام على سيدنا وحبيب قلوبنا وشفيع ذنوبنا وطبيب نفوسنا ابي القاسم محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين
 الحضانة والاسقاط
  وهي مسألة قد تبدو بديهية لأول وهلة نظرا لما شاع عند علمائنا من أن الحضانة حق ومن الواضح ان الحق يقبل الاسقاط ويقبل المساومة والمفاوضة عليه في مقابل الحكم الشرعي الذي لا يقبل ذلك مع الاشارة الى الخلاف ,عندما يدور امر شيء بين الحق والحكم كرجوع المطلق هل هو حق او حكم شرعي بالجواز.
  ولكن ثلة من علمائنا الكرام سيما من المعاصرين كالسيد الحكيم والخوئي ذكروا بأن الحضانة بالنسبة للأم حق والوجه في ذلك ان هذا الحق نشأ من مسألة الرضاع فهو تابع له، واما بالنسبة الى الأب والجد فالحضانة بمعنى الولاية وهي لا تقبل الاسقاط كسائر الولايات وذهب بعض المعاصرين الى القول بالإطلاق فلا فرق بين الأب وبين الأم لأن السلطة على الحق كالسلطة على المال بل لعله أولى بالإسقاط كما في عبارات السيد الاصفهاني رحمه الله .
  وقد أشرنا سابقا الى الخلاف في مسألة هذا الحق لجهة صاحبه هل هو الحاضن أو المحضون وأن المشهور عند الخاصة وعند العامة انه حق للحاضن ولذا لا يجبر الحاضن على ذلك وربما ربط الاسقاط بذلك اذ لو كان الحق للمحضون لما جاز للأم ولا للأب ان يسقطا ذلك يؤيد ما ذكرنا ما ذكره السيد علي في الرياض تبعا للشهيد الثاني في بعض كلامه وأكده صاحب الجواهر بأن القاعدة تقتضي الاسقاط في الحق وذهب معاصر ثالث الى أن حق الحضانة لا يقبل الاسقاط لا من الأم ولا من الأب وذهب رابع الى اجبار الحاضن على الحضانة وان جاز التنازل للآخر فقط لا للآخرين .
 والتحقيق :ان يقال ان ما يمكن الاستدلال به لصالح المرأة هو رواية ايوب ابن نوح الضعيفة وفيها ... سبع سنين الا ان تشاء المرأة حيث تدل بظاهرها على ان الخيار في الحضانة بيدها بقاء واسقاطا وهذا هو معنى الحق . ويمكن:
  الجواب : اولا ان الرواية ضعيفة , وثانيا ان ربط الحضانة بالمشيئة لا يعني الاسقاط فالخيار لصاحبه كحق في الهبة لا يقبل الاسقاط فكون الأمر تحت السلطنة وتحت اليد لا يعني الاسقاط ولذا فان للأب حق الحضانة وهي غير الولاية ولا يقبل الاسقاط على المشهور بل كاد ان يكون اجماعا ومن هنا نقول بأن الحقوق ليست امرا مخترعا من الشارع بل هي امور ثابتة لدى العقلاء يعملون على اساسها ولها احكام ثابتة وعلى رأس ذلك القابلية للأسقاط والمقايضة والمعاوضة الا ان يدل دليل على غير ذلك كما في موارد السلطنة على المال الذي حذر من مفرداته بعض الأمور كشراء الخمر ونحوه ولذا فالقاعدة تقتضي عدم الفرق كما ذهب اليه بعض المعاصرين بين الأب وبين الأم وهذا لا علاقة له بالنسبة للولاية فإنها ثابتة للأب كحكم شرعي وضعي " الأب ولي " ولذا نخالف جمهرة من المعاصرين الذين أفتوا بعدم قابلية السقوط بالنسبة للأب لعدم الدليل المكين من رواية صحيحة او من قاعدة ثابتة .
 واما دعوى الاجبار بملاك الاشفاق عليه فهي مسألة لا حد لها اذ رب ولد يعيش بين ابوين ويخرج مجرما وربما العكس فلا تؤسس قاعدة على اساسها دون دليل
 تنبيهات:
 الأول: ذكر العامة بأن الحضانة حق للحاضن على المشهور بينهم وأن الأم احق بالحضانة عند الطلاق أو الوفاة باستثناء حالات الردة او الفجور المضيع كالزنا والسرقة والغناء او لعدم الأمانة لكثرة خروجها عنه الخ .
 الثاني: لم يلتزم العامة بانتقال الحضانة الى الأب عند فقد الأم بل أبقوها عند النساء على خلاف عندهم في الترتيب فلدى الاحناف مثلا انها تنتقل الى أم الأم ثم الى ام الأب ثم الى الاخوات ثم الى الخالات ثم الى بنات الأخت ثم الى بنات الأخ ثم العمات .
 الثالث: ذهب العامة الى استحقاق الأجرة على الحضانة وأن لا حق للأب ان يقول للأم ارسليه الي ليأكل عندي لأنه اضرار بالأم كما افتى به الاحناف .
 الرابع: اختلف العامة في شرط الاسلام في الحاضن بعد اتفاقهم على البلوغ والعقل والقدرة والأمانة فقد ذهب الشافعي واحمد الى الاسلام ولم يشترطه الأحناف ولا المالكية .
 الخامس: فصل العامة في سقوط الحضانة بالزواج بين الزواج من أجنبي فتسقط حضانتها وبين الزواج من رحم تصله الحضانة بالترتيب فقالوا ببقائها وان تزوجت .
 السادس: ذهب المالكية الى سقوط الحضانة بالفسق وقلة الدين وبالإضرار كما لو كان الحاضن مجذوما وبالسفر الى ستة برد " 133 كلم " وفصلوا بين سفر الحج والضرورة كالمرض فقالوا بالعود .
 السابع: ذهبت المالكية من العامة الى أن مكان الحضانة هو مكان اقامة الأب وأنه لا يجوز لها السفر عنه والابتعاد بما قدّر سابقا .
 الثامن: ذهب الاحناف الى حق الرؤية اليومي فتخرجه الأم الى مكان يراه ابوه في كل يوم وربما اكتفي بمرة في الأسبوع وقالت المالكية ان الطفل ان كان صغيرا فحق الرؤية ثابت يوميا وان كان كبيرا ففي كل اسبوع مرة وقالت الشافعية بأن على الأم ان تأتي لزيارة البنت لأنها ابعد عن الانحراف ويبدو ان القضاء الشرعي في الدول العربية يخالف ما ذكر ففي القضاء المصري اعطيت حق الزيارة في الشهر مرة .
 التاسع: ذهب العامة الى ان بدء الحضانة هو من الولادة ويستمر الى سن التمييز على خلاف فيه فالاحناف على احقية الأم بالغلام الى سبع وبالفتاة الى بلوغها بأحد الأسباب وذهبت المالكية الى ان الحضانة في الغلام الى بلوغه وفي الأنثى الى زواجها ودخول الزوج بها هذا مع الطلاق أو الوفاة والا فالحضانة بينهما وذهبت الشافعية الى انه بعد سبع او ثمان يخير بين الأب والأم وفي القانون المصري فرقوا بين الصبي فالحضانة الى سبع وبين البنت فالحضانة الى تسع وفي القضاء السوري في الصبي الى تسع وفي البنت الى احدى عشر سنة بل ربط العامة حق السكنى للأولاد بالأمانة ما بلغوا فاذا لم يكن مأمونا الزم بالسكنى مع والديه .
 العاشر: صحح العامة الخلع في مقابل النقد وفي مقابل المنفعة كسكنى الدار وارضاع الولد والانفاق عليه او بإسقاط نفقة العدة نعم منع الاخناف من المفاوضة على الحضانة بالنسبة الى الأم بدعوى انه حق للولد .
 
 والحمد لله رب العالمين