عنوان البحث: تروک الاحرام - حکم النظر في المرأة للمحرم
قال السید الماتن:
"الثامن النظر في المرأة من غیر فرق بین الرجل و المرأة و لیس فیه الکفارة، لکن یستحب بعد النظر إن یلبي، و الأحوط الاجتناب عن النظر في المرأة و لو لم یکن للتزیین"
في المسألة اربع فروع:
الاول: لا یجوز للمحرم النظر في المرأة رجلا کان او امرأة.
الثاني: لا کفارة للنظر فيها
الثالث: بعید النظر في المرأة یستحب تکرار التلبیة.
الرابع: لا یجوز النظر فیها و إن لم یکن للزینة!
إن المسألة خلافیة سواء کان بین المتقدین أو المتأخرین فبعضهم قال بالکراهة و البعض الآخر بالحرمة بل أن المحقق الحلي قد قال في الشرائع بالحرمة في حین أنه قال في المختصر النافع بالکراهة.
و من هنا أن الفاضل الاصفهاني عند عده تروک الاحرام قال:
"النظر في المرأة علی رأي وفاقا للتهذیب و المبسوط و النهایة و المقنع و الکافي و السرائر و الاقتصاد و الجامع.. و في الجمل و العقود و الوسیلة و المهذب و الغنیة و النافع: إنه مکروه و کذا الخلاف و لکنه یحتمل أرادة الحرمة"
[1]
و المحقق النراقي في المستند یقول:
"و منها: النظر في المرأة فإنه یکره علی الأقوی وفاقا للخلاف و الغنیة و المهذب و الوسیلة و النافع خلافا للمشهور فحرموه"
[2]
و صاحب الجواهر ذهب الی القول بالحرمة و نقل عن جماعة من المتقدمین ذلک ثم قال:
"بل نسبه غیر واحد الی الاکثر"؟
إذن المسألة خلافیه و لکل قول قائلون .و منشأل الخلاف هو التضارب في فهم الروایات و هي:
الروایة الاولی:
"محمد بن الحسن بإسناده عن موسی بن القاسم عن عبد الرحمن یعني ابن أبي نجران عن حماد یعني ابن عثمان عن أبي عبدالله علیه السلام قال لا تنظر في المرأة و أنت محرم فإنه من الزینة"
[3]
الروایة الثانیة:
" و بإسناده عن الحسین بن سعید عن فضالة عن معاویة بن عمار عن أبي عبدالله علیه السلام قال لا تنظر المرأة المحرمة في المرأة للزینة"
[4]
واللام في قوله : للزینه... اما للتعلیل بأنها تفید التعلیل او القیدیة و الوصف.
الروایة الثالثة:
"محمد بن یعقوب عن علي بن ابراهیم عن ابن أبي عمیر عن معاویة بن عمار قال قال أبو عبدالله علیه السلام لا ینظر المحرم في المرأة لزینة فإن نظر فلیلب"
[5]
الروایة الرابعة:
"محمد بن یعقوب عن علي بن ابراهیم عن أبیه عن حماد بن عیسی عن حریز عن أبي عبد الله علیه السلام قال لا تنظر في المرأة و أنت محرم لأنه من الزینة الحدیث"
[6]
لو کان ما بإیدینا هذه الروایات فقط فکان یجب أن نفتي بالحرمة فمن این جاءت الفتوی بالکراهة؟
و قد تمسک القائلون بالکراهة بالادلة التالیة:
الاول:
البعض رأی أن الاصل في کل شيء هو الإباحة و لذلک حملوا الروایات علی الکراهة.
و یرد علیه: مع وجود اربع روایات صحیحة لا مجال للتمسک بالاصل.
الثاني:
أن التعلیل في قوله علیه السلام: لأنه زینة! یفید الکراهة، لأن الروایة تقول لا تنظر الی المرأة لانه زینة و من الواضح أن النظر الی الزینة لیس بحرام کما لو نظرت الی حلي المرأة فإن النظر الیها لیس بحرام و کذلک في المقام، و علیه یلزم حمل الروایات الناهیة علی الکراهة!
یلاحظ علیه:
إن قول الامام: لا تنظر لانه زینة! لا یعني بحال أن المرأة زینة او أن النظر الیها زینة، بل المعنی أنه لا تنظر الی المرأة لتزویق و تزیین نفسک، فإن التزین حرام علی المحرم، فهاؤلاء القائلون بالکراهة لم یفسروا الروایة تفسیراً صائباً!
الثالث:
من الأدلة علی الکراهة حسب زعم القائل بها - هو أن الجملة الخبریة لا ظهور لها في الحرمة و لذلک تحمل علی الکراهة!
یلاحظ علیه:
اولا: کان من الروایات ما ورد فیه النهي و هو یدل علی الحرمة فلا تقتصر الروایات علی ما کان مضمونها خبریاً!
ثانیاً: أن الجمله الخبریة اقوی و آکد دلالة من الجملة الانشائیة في دلالتها علی الحرمة لأن المولی في جملته الخبریة یعتبر امتثال المکلف لأمره واقعاً فیخبر عنه و لذلک قالت الروایة: لا ینظر المحرم...، فجائت بصیغه الإخبار.
الی هنا اوضحنا المسألة و ادلة القول بالحرمة و الکراهة و لکن بقي هنا امور:
الاول: أن للنظر الی المرأة اقسام فتارة یکون النظر للزینة و اخری لرفع العیب و في ثالثه للنظر الی آخر کما في مرأة السیارات و في رابعة لشراء المرأة فهل أن کل انواع النظر هذه محرمة ام أن الحرام هو النظر لاجل الزینة؟
مایظهر من الروایات هو أن الحرمة تختص بالنظر الی المرأة لاجل الزینة فحسب!
[1]
.کشف اللثام ، ج 5، ص 355.
[2]
.المستند، ج12 ، ص 44.
[3]
.الوسائل الشیعه، باب 34، ابواب تروک الاحرام، ح 1.
[4]
.الوسائل الشیعه، باب 34، ابواب تروک الاحرام، ح 2.
[5]
.الوسائل الشیعه، باب 34، ابواب تروک الاحرام، ح 4.
[6]
.الوسائل الشیعه، باب 34، ابواب تروک الاحارم، ح 3.