الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الاصول

32/04/20

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: تعدد الشرط واتحاد الجزاء.

 قلنا ان التنافي بين الشرطيتين اذا كان الحكم والجزاء واحدا فالتنافي بناء على ثبوت المفهوم، وكذا لو كانت الشرطية واحدة مع جملة حملية، وكذا التنافي بين الحمليتين كما في ما اذا قال ليس ينقض الوضوء الا ما يخرج من طرفيك ثم قال النوم ناقض للوضوء فهنا تنافي بين الحصر في الجملة الاولى والثانية الحملية، فهذا التنافي في هذه الامثلة هو مورد واحد من هذا التنافي الموجود في هذه الموارد الثلاثة

هنا يبحث بحثان

الاول: ماتقدم بيانه وهو هناك تنافي بين مفهوم احدى الجملتين مع منطوق الثانية ويحاولون حله اما بان يحافظوا على مفهوم كل من الشرطيتين ويتصرفوا بالمنطوق فيقيد كل منطوق بالاخر فيقال اذا ظاهرت وافطرت فاعتق رقبة، او يتصرف في المفهوم ويبقى المنطوق على حاله فيقال ان لم تظاهر فلاتكفر الا اذا افطرت

 وقلنا ان العمليتين غير صحيحتين فان تقييد المفهوم مع انه لازم للمنطوق لايصح لان المفهوم لازم للمنطوق فلو كان المفهوم مطلق فلامعنى لتقييده كما قاله الشيخ الانصاري (قده).

الثاني: بحث التداخل وعدم التداخل، وهو اذا تعدد الشرط والسبب في الخارج كما اذا قال ان نمت او بلت فتوضئ ثم تحقق البول والنوم اي وجد السببان في الخارج فهل يجب وضوءان او واحد وكذا البحث ياتي لو تكرر النوم فهل يتعدد الوضوء او لا، فالبحث يختلف وان كان المورد واحدا

 نقول تارة يكون الشرط قابلا للتكرار وتارة يكون الشرط غير قابل للتكرار

 فلو لم يكن قابلا للتكرار كما في (ان خفيت الجدران فقصر واذا خفي الاذان فقصر) وهنا نعلم ان المراد هو صلاة واحدة فقط فهنا الجزاء غير قابل للتكرار، فتعدد الشرط واتحد الجزاء ولكن الجزاء غير قابل للتكرار، فلو حصل خفاء الاذان فلابد من التقصير ومعه فيكون المفهوم ثابتا بلحاظ ماعدى الشرطيتين، وكذا اذا اجتمع عدة وطئ الشبهة مع عدة الطلاق او عدة الوفاة المعلومة فقد ذكر الفقهاء ان القاعدة هنا هي التداخل، وكذا اذا ارتد الرجل وزنى وهو محصن فالارتداد يوجب القتل وكذا زنا المحصن يوجب القتل فان كل من الفعلين يوجب القتل بانفراده ويمنع استناد القتل الى واحد فقط لعدم المرجح لذا ذكروا تداخل السببين، بمعنى اسناد القتل الى السببين، وكذا لو افسد حجته المستحبة بالجماع فحكمه انهاء هذه الحجة والاتيان بها من قابل ولكنه لو استطاع بعد ذالك ففي السنة الثانية يجب عليه حجة الاسلام والحجة التي افسدها فالجزاء واحد وهو الحج لسببين وهو الاستطاعة والافساد ولايمكن التكرار في العام الواحد، فتداخل السببين هنا واضح

 اما اذا كان الجزاء قابلا للتكرار فهل اذا اتفق وقوع الشرطين معا او في وقت واحد فهل القاعدة تداخل الاسباب او عدم تداخل الاسباب، ثم لو قلنا بعدم التداخل في الاسباب فهل في مرحلة الامتثال تتداخل المسببات او لاتتداخل المسببات

 المقصود من التداخل في الاسباب هو اقتضاء الشرطين معا لحكم واحد فتكون هناك سببية واحدة لمجموع الشرطين وقد اصطلح البعض على هذا بالتداخل في مرحلة الجعل، والمقصود من تداخل المسببات بعد افتراض تعدد الحكم هو بعد تعدد الشرط في مرحلة الجعل فهل يكفي في مقام الامتثال الاتيان بفرد واحد من الطبيعة او فردين اصطلح عليه البعض التداخل في مرحلة الامتثال لافي مرحلة الجعل، ومثاله اذا اجتمعت شروط الطهارة كما لو أجنبت المرأة ثم حاضت ثم نفست فهل نقول ان هذه الشروط الثلاثة تعد سببية واحدة لمسبب واحد فهل يكفي غسل واحد او لابد من تعدد الاغسال

 فان قلنا ان الشروط لاتقتضي الاّ غسلا واحدا فهو يعني تداخل الاسباب، وان قلنا ان كل شرط يقتضي غسلا واحدا فمعناه عدم تداخل الاسباب

 ثم اذا ثبت عدم تداخل الاسباب بان كان لكل شرط غسلا مستقلا فهل في مقام الامتثال يكتفى بغسل واحد بحيث يصح تفريغ الذمة المشتغلة باغسال متعددة بغسل واحد فان قلنا بالاكتفاء في مقام الامتثال فهو يعني تداخل المسببات، وان قلنا لايكتفى بالواحد فهو يعني عدم تداخل المسببات، ولايفترق في هذا البحث تقدم احد السببين على الاخر

 هنا ذهب المشهور الى عدم التداخل في الموردين اي لاتداخل في الاسباب ولا في المسببات اذا كان المسبب قابلا للتكرار

 اما تداخل الاسباب فالمستند في عدم التداخل هو انهم قالوا اذا تعاقب السببان في الوجود او اقترانا في الوجود فاما ان يقتضيا مسببين او مسببا واحدا او لايقتضيان شيئا او يقتضي احدهما شيئا دون الاخر

فهذه اربعة صور

الاولى: انهما يقتضيان مسببا واحدا، فهو يعارض قاعدة ان كل سبب يحتاج الى مسبب

الثانية: لايقتضيان شيئا فهذا ايضا باطل لانه ينافي السببية

الثالثة: ان احد السببين يقتضي الوضوء دون الاخر فهو ايضا باطل لانه ترجيح بدون مرجح

الرابعة: وهو القول الاول وهو ان لكل سبب مسبب وهذا القول هو المتعين

صاحب الكفاية ذكرا دليلا آخر على عدم تداخل الاسباب غير هذا الدليل، فقال: ان الشرطية ظاهرة في حدوث الجزاء عند حدوث الشرط (والمراد من الحدوث هنا هو الحصول) لا الثبوت فقط، وعليه فالقاعدة هي عدم التداخل لان الشرط يقتضي حصول الجزاء به فلابد من تحصيل جزائين

وهذا الدليل متوقف على افتراض تعاقب الشرطين وعدم اقترانهما في التحقق، والاّ اذا اقترنا عند التحقق فان الحدوث عند الحصول حاصل وهذا يقتضي التداخل

وهناك اشكال آخر على صاحب الكفاية وهو حتى في صورة عدم التقارن يمكن ان يقال ان المؤثر هو السبب الاول دون الثاني فالبول ازال الطهارة فلابد من الطهارة فلو نام فلانقول زالت الطهارة فحتى في صورة التعاقب قد نقول ان المرثر هو السبب الاول دون الثاني، فنحن نحتاج الى ضميمة اطلاق السبب التام لكل واحد من الشرطيتين فالسبب الاول موجب للطهارة حصل معه سبب آخر او لم يحصل والسبب الثاني موجب للطهارة حصل قبله سبب او لا فنحتاج الى اطلاق السبب التام لكل واحد من الشرطين فلايكتفى بما قاله صاحب الكفاية من ان الشرطية ظاهرها حدوث الجزاء عند حدوث الشرط فلابد ان نقول بوجود اطلاق بكون السبب سببا تاما فيحصل عدم التداخل في الاسباب