الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الاصول

32/04/16

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: مفهوم الشرط.

 تقدم ان هناك اشكالات ثلاثة على من قال بمفهوم انتفاء سنخ الحكم عند انتفاء الشرط

تقدم الاول وهو عبارة عن ثبوت الجزاء في غير موضع الشرط كما اذا قال ان بلت فتوضئ ثم قال ان نمت فتوضئ فثبت الجزاء وهو الوضوء في غير موضع الشرط في الشرطية الاولى وهي بلت فقد ثبت الجزاء عند النوم ان نمت فتوضئ اي انتقض الوضوء فمن قال بمفهوم الشرط قال ان اداة الشرط استعملت في الشرطية الثانية مجازا

ولكن نقول لانرى المجازية في البين بل الاستعمال الحقيقي فأداة الشرط استعملت في معناها فلا مجاز هنا مع ان من قال بمفهوم الشرط قال ان اداة الشرط هنا مجازا

الاشكال الثاني اذا ثبت وجود علة اخرى غير الشرط في الجملة الشرطية فماذا يقول من قال بالمفهوم وانتفاء سنخ الحكم يقول لايلغى المفهوم بل يثبت المفهوم بلحاظ ماعدى الشرطين، اي اذا خفي الاذان والجدران فقصر فنقول الا يكون هذا دليلا على عدم ثبوت المفهوم، ففي هذا المثال قالوا يثبت المفهوم فيما عدا الشرطين

فنقول ان العلة الثانية تدل على عدم وجود المفهوم للجملة الشرطية الاولى وانما الجملة الشرطية الاولى تدل على الاتفاق بين الشرط والجزاء ووجد اتفاق ثاني بين العلة والجزاء وهو يعني ان الركن الثاني للمفهوم وهو ان الجزاء هو نوع الحكم هذا غير ثابت

الاشكال الثالث على من يقول بوجود المفهوم فنقول نحن بوجداننا العرفي نرى عدم المفهوم لبعض الجمل وهي شرطية وهي التي يكون فيها الجزاء جملة خبرية (اذا اكلت السم متّ) فاذا لم تاكل السم لم تمت وهو يعني الخلود وهذا باطل

ونجيب عليه بان هذا ليس دليلا على من قال بالمفهوم فالجزاء غير معلق على اكل السم بل الجزاء هو الاخبار بالموت، فلو لم تاكل السم فلانخبرك بالموت وان اكلت السم فسنخبرك بالموت ومعه يلزم انكار المفهوم في الجمل الخبرية التي يكون الجزاء فيها اخبارا، فتارة الجمل انشائية مثل اذا جائك زيد فاكرمه وتارة توجد جمل اخبارية عن حكم شرعي مثل اذا سافرت وجب عليك قصر الصلاة مع ان القائلين بالمفهوم لايفرقون بين الجمل الخبرية والانشائية فكلاهما يقولون بالمفهوم، والصحيح ان هذه ليست جملة اخبارية بل هي اخبارية في مقام الانشاء

 فهذه اشكالات ثلاثة تسجل على من قال بالمفهوم

التطبيقات التي ذكروها

اولا: الاية القرانية وابتلوا اليتامى حتى اذا بلغوا النكاح فان آنستم منهم رشدا فادفعوا اليهم اموالهم فاستدلوا بانه اذا لم تستانسوا الرشد ممن بلغ النكاح فلاتدفعوا اليهم اموالهم فهو مفهوم صحيح ولكن اذا بلغ النكاح ولم يكن رشيدا وصار عمره ستين سنة فهل لاندفع اليه فهنا مسكوت عنه مع انهم يقولون مع ذالك لاندفع اليه المال، فالمفهوم موجود ولايمكن انكاره لكن هل المفهوم هو انتفاء شخص الحكم او نوع الحكم

الثاني: قال الامام الصادق (عليه السلام) فيما رواه محمد بن مسلم اذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شيئ فان لم يبلغ قدر الكل فتنجسه النجاسة ولكن الكلام اذا لم يبلغ قدر كر فينجسه كل شيئ فلو جاء دليل وقال الماء القليل الذي له مادة لم ينجسه شيئ فهل هذا يكون معارضا لتلك الرواية، فالمفهوم لهذه الجملة ارتفاع شخص الحكم

 فيوجد شرط وحكم ويوجد عدم الشرط وعدم الحكم ويوجد ماء قليل له مادة، فالجملة الشرطية تدل على الاول وتدل على الانفكاك لو لم يوجد الشرط لكن لاتدل على ان هذا الجزاء غير موجود لموضوع اخر

الثالث: قال الشيخ المظفر (قده) وهو ممن ذهب الى مفهوم الشرط قال: ان ظهور الجملة الشرطية في المفهوم مما لاينبغي ان يتطرق اليه الشك الا مع قرينة صارفة او تكون الجملة الشرطية لبيان الموضوع ويشهد لذالك استدلال امامنا الصادق (عليه السلام) بالمفهوم في رواية ابي بصير قال سالت ابا عبد الله (عليه السلام) عن الشاة تذبح فلاتتحرك ويهراق منها دم كثير عبيط فقال لاتاكل ان عليا (عليه السلام) كان يقول اذا ركضت الرجل او طرفت العين فكل فان استدلال الامام علي (عليه السلام) بهذا القول لايكون الاّ اذا كان للجملة مفهوم وهو اذا لم تركض الرجل اولم تطرف العين فلا تاكل

 ونقول نعم ان هذا هو المفهوم لانه ربط بين ركض الرجل وطرف العين والاكل فاذا لم تطرف العين ولم تركض الرجل فلاتاكل فهو ربط بين هذين فبين عدم الشرط والحكم يكون انفكاك، لكن الكلام هو ان هذه الشاة اذا لم تركض الرجل ولم تطرف العين فهل ان الحكم بجواز الاكل منتفي اصلا او لا فنقول يوجد مفهوم ولكن في غير هذا الموضوع كحالة الضرورة فنقول ان هذه مسكوت عنها

الرابع: وقد يستدل لما ذكرنا ببعض النصوص الظاهرة في المفروغية عن افادة الشرط للمفهوم كصحيح عبيد بن زرارة قال قلت للامام الصادق (عليه السلام) قول الله عزوجل فمن شهد منكم الشهر فاليصمه قال وما ابينها من شهد فاليصمه ومن سافر فلايصمه وهذا مفهوم ولكنه انتفى الشرط فينتفي شخص الحكم وهو الصوم، فيوجد اتفاق بين الحضور والصوم وتنافر بين الصوم والسفر، ولكن المسافر في المدينة المنورة او الذي نذر الصوم في السفر فالرواية واضحة في المفهوم ولكن من سافر عشرة ايام فهل يصوم او لا فهذه مسكوت عنها

الخامس: قوله تعالى فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن تاخر فلا اثم عليه ففي تفسير الاية قال الامام (عليه السلام) فلو سكت بعد قوله فمن تعحل في يومين فلا اثم عليه فلم يبقى احد الاّ تعجل لانه يفهم منها ان من لم يتعجل فعليه الاثم، ولكن القران قال ومن تاخر فلا اثم عليه وهذا التطبيق ينفعنا ولاينفع من قال بالمفهوم لان الجملة الاولى لو كان لها مفهوم فيعني الجملة الثانية تكون معارضة مع اننا لانفهم منها التعارض

السادس: (اسلم تسلم) قالوا بدلالتها على المفهوم، ونحن نقول نعم لها دلالة على المفهوم اما سلامتك اذا كانت مرتبطة بعقد الذمة فيمكن ان تسلم من الموت بعقد الذمة، بينما من يقول بالشرط يقول لو لم تسلم فلاتسلم حتى بعقد الذمة ونحن لانقول به

 هذه تطبيقات ذكرت لمفهوم الشرط وهي صحيحة ولكن ينتفي شخص الحكم عند انتفاء الشرط لا انه ينتفي نوع الحكم لان الحكم في مورد اخر هل موجود او لا فهو مسكوت عنه