الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الاصول

32/04/06

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: اقتضاء النهي عن العبادة اوالمعاملة للفساد.

 كان الكلام في تطبيقات النهي عن المعاملة وقد تقدم القسم الاول وهو اذا كان النهي تحريميا قد تعلق بالمسبب كما في النهي عن بيع السلاح لاعداء الدين والنهي عن بيع النجس الى المسلم وقلنا ان هذا النهي يدل على التحريم ولكن الفتوى من قبل العلماء هي صحة هذه المعاملة لعدم الملازمة بين التحريم والبطلان

تطبيقات تعلق النهي بآثار المسبب

 ذكر العلماء ومنهم السيد الخوئي قال: يحرم ولايصح بيع المصحف الشريف على الكافر على الاحوط وكذا يحرم تمكينه من المصحف وكذا الحكم في بيع العبد المسلم من الكافر

 هنا ذكر البعض ان البيع اذا حصل صح وان كان قد فعل حراما، لكن لايمكّن الكافر من القران ولايمكن الكافر من العبد المسلم بل يباع لهما، فالحكم بالحرمة والبطلان موجود وتعليل هذا الحكم من انه لايمكّن منه فيكون تطبيقتا للنهي عن النقل والانتقال لابالنهي عن جميع اثار المسبب لان بعض اثار المسبب وهو البيع للكافر وكالة فقالوا بصحة ذالك

 اذا سوف يكون الفعل محرما ولكن البيع صحيح لذا ملك الكافر العبد المسلم وملك القران ولكن لايسلم اليه بل يباع له ويدفع اليه الثمن فلماذا قال السيد الخوئي لايصح مع قولهم انه يباع له والبيع فرع الصحة

 فهذا المثال لايمكن ان يكون مثالا للنهي عن جميع اثار المسبب الذي يستكشف منه بطلان المعاملة، لاننا نريد النهي عن اثار النقل والانتقال بحيث هذا النهي يكون دالا على بطلان المعاملة فعنده تكون فتوى السيد الخوئي صحيحة فانه يحرم ولايصح لان جميع الاثار محرمة اما انه يباع له كما قالوا ولكنه لايمكّن من القران فان البيع له يعني ان البيع صحيح

 فهذا المثال ليس تطبيقا للنهي عن اثار المسبب الذي يستكشف منه اثار المعاملة فيستفاد من فتوى السيد الخوئي وغيره ان هذا النهي عن جميع الاثار بحيث يدل على بطلان المعاملة وليس كذالك فان هذا المثال ليس بصحيح

التطبيق الثاني

 ذكر الفقهاء بطلان بيع الخمربالاضافة الى الحرمة

 نقول ماهو سبب حكمهم بالبطلان مع انه لاتوجد رواية تقول ببطلان بيع الخمر باضافة الحرمة؟

 نعم يوجد هناك نهي عن بيع الخمر، فيكون حكمهم ببطلان المعاملة ليس الاّ لحرمة جميع الانتفاعات ومعه يصير تطبيقا لما نحن فيه، وجاء في الروايات الامر باحراقه فالنهي هو نهي عن جميع الانتفاعات به، والروايات هي (ثمن الخمر سحت) والسحت يعني الحرام هو نهي عن جميع آثار المسبب، وهذا النهي يدل على بطلان البيع بالدلالة العقلية الالتزامية

مثال آخر: هياكل العبادة كالصليب والصنم وآلات القمار، فيحرم تعليم صناعة هياكل العبادة وتعلمها والعمل بها واخذ الاجرة عليها واجارتها من جميع الوجوه والتقلبات كله حرام، فان تحريم هذه الامور اذا كان تحريما لمنافعها الغالبة فلايكون لهذه الهيئة شيئ محلل بل جميع منافعها محرمة فيكون النقل والانتقال محرم فيكون اكل للمال بالباطل لان النهي عن اثار المعاملة دليل عقلي على بطلان المعاملة

 ايضا هناك روايات تقول (ثمن البغي سحت ومهر البغي سحت وثمن المغنية سحت وثمن العذرة سحت) فقد يقال ان هذه الروايات حرمت الاثار المترتبة على النقل والانتقال، فاي تصرف فيه هو سحت فيدل بالدلالة الالتزامية على البطلان عقلا لان المعاملة غير صادقة عقلا

الآن قد نقول اين يقع النهي عن الربا؟

 فهل النهي عن الربا المحرم والذي تبطل فيه المعاملة هو نهي عن المسبب او نهي عن اثار المسبب

نقول: ان الربا ينتقسم قسمين

الاول: الربا القرضي وهو ان يقرضه مائة دينار على ان يرجعة مائة وعشرة

 في كتابنا الربا فقهيا واقتصاديا كنا نقول ان المحرم ليس هو القرض وانما شرط الزيادة، اما نفس القرض فهو عقد صحيح يقتضي التمليك مع الضمان فالنهي متوجه الى شرط الزيادة لا الى عقد القرض، وبه الفتوى فقد قال العلماء: يحرم اشتراط الزيادة على المقترض بان يقرضه مالا على ان يؤدية باكثر مما اقترضه سواء اشترطاه صحيحا او مضمرا بحيث وقع القرض مبنيا عليه وهذا هو الربا القرضي المحرم الذي وعدنا الكتاب على حرمته، كذالك قالوا الظاهر ان القرض لايبطل باشتراط الزيادة بل يبطل شرط اخر فيملك المقترض ماياخذه قرضا ولايملك المقرض ماياخذه من الزيادة، وهذا هو الذي قلناه وعليه الفتوى

الثاني: الربا المعاوضي هو بيع مائة كيلو من الرز الجيد بمائتين بأرز رديئ، فهذه معاوضة ربوية محرمة بالنص الشرعي وهو محل اتفاق الفريقين، وان كان العقل لايرى فيه بأس

 فهنا قالوا ببطلان المعاملة من اساسها لان الروايات قالت يشترط التساوي في الصحة، فشرط الصحة غير متحقق لان شرط الصحة هو يبيع المكيل والموزون مع التساوي ويدا بيد وهنا التساوي غير موجود، فاذا لم يحصل التساوي فلم يحصل شرط الصحة، والنهي يفيد الحرمة فالمعاملة باطلة والنهي لايوجب بطلانها وانما يوجب الحرمة وهذا قلناه في كتابنا سابقا

لكن في بعض ابحاثنا المتقدمة قلنا:

 ان شرط صحة القرض ان لايشترط الزيادة فهو كشرط صحة المعاملة المعاوضية، ومع اشتراط الزيادة فان المعاملة تكون ربوية ويتبدل القرض الصحيح الى الربا المحرم، مع ان الغير قال بان القرض صحيح والشرط هو الباطل

فعندنا نهي عن العبادة ونهي عن المعاملة

 تطبيق النهي عن العبادة النفسي قلنا يوجب البطلان لان الفعل فيه مفسدة كصوم الحائض وصلاتها وصوم العيدين فلاقابلية للقابل، وذكرنا النهي الغيري وقلنا ان النهي الغيري عن المتعلق هل يوجب بطلان العبادة ام لا وقلنا بالبطلان

 والنهي عن المعاملة النفسي التحريمي كالنهي الذي تعلق باثار المسبب والان هذه القاعدة تشمل حتى الغيري بناء على ما اخترناه، اما الارشادي فهو يوجب البطلان وهو خارج عن البحث اما النهي عن العبادة التنزيهي الكراهتي فهو لايوجب البطلان

الان استثناءات هذه القاعدة

 الاستثناء المنقطع وهو اذا كان النهي المتعلق بالعبادة او المعاملة ارشاديا لاى شرط او مانع وهذا في النهي الارشادي، فاذا تعلق النهي عن العبادة او المعاملة وكان ارشادا الى شرط او مانع فيكشف عن بطلان العبادة او المعاملة اذا فقد الشرط او وجد المانع، وهذا النهي خارج عن البحث وهو استثناء منقطع، كما رواه اسماعيل بن سعد عن الامام الرضا (عليه السلام) عن الصلاة في جلود السباع قال لاتصلي فيها ومارواه على بن مهزيار عن ابي جعفر الثاني (الجواد عليه السلام) قال الفجر يرحمك الله هو الخيط الابيض المعترض وليس هو الابيض صعدا فلا تصلي في سفر ولاحضر حتى تبينه

 والرواية الاولى تدل على شرطية ان لايكون لباس المصلي من جلد غير المأكول، فهي تدل على شرطية ان لايكون اللباس من جلد غير الماكول

 والثانية دلت على شرطية ان تكون الصلاة بعد دخول الوقت يقينا وهو استثناء من الحرمة الى عدمها، وكذا اذا كان النهي ارشادا الى شرط في المعاملة كالنهي عن بيع الغرر فانه يرشد الى شرطية المعاملة وهو معلومية العوضين

 هناك بحث جميل وهو تطبيقي لنا فتارة نقول هذا الامر والنهي ارشادي وتارة هو مولوي فمن اين نعرف ان النهي ارشادي او مولوي

متى يكون النهي ارشاديا ومتى يكون مولويا؟

 منها حرمة التزويج في عدّة الغير دواما او متعتا سواء كانت بائن او رجعية او عدة الوفاء او غيرها فلو تزوجها الانسان في عدة الغير فانها تحرم عليه ابداّ، وهذا يعني بطلان العقد فالعرض عليها هو حرام ولا مسبب والحرمة هنا ابدية، فاستفيد البطلان من الروايات الخاصة