الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الاصول

32/03/16

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: اجتماع الامر والنهي.

 بعد ان قلنا ان اجتماع الامر والنهي جائز لان الاوامر والنواهي تتوجه الى العناوين، او تتوجه الاوامر والنواهي الى العناوين بما هي فانية في الخارج الا ان ما هو موجود في الخارج ليس هو واحد وانما هو اثنان ويعبر عنه بالواحد الانظمامي.

 بعد ان قررنا هذا رجعنا الى الميزان لنرى هل له وجود في الخارج واين يتحقق الواحد الانظمامي فيجوز اجتماع الامر والنهي، واين لايتجقق الواحد الانظمامي وانما يوجد واحد اتحادي فلا يجوز اجتماع الامر والنهي للتضاد.

 ذكرنا مثالين رئيسيين وكانت لهما فروع متعددة.

المثال الاول الرئيسي: الصلاة في الدار المغصوبة وقلنا ان الموجود في الخارج هو واحد اتحادي لان السجود ينتزع منه الصلاة، فالصلاة منتزعة من امور متعددة وهي ركوع وسجود وتكبير فالركوع ينتزع منه الصلاة والسجود ينزع منه الغصب لان الغصب منتزع من النوم في مكان ليس له او الاكل لشيئ ليس له او التحرك في مكان ليس له، فنفس هذا السجود هو غصب ونفسه هو صلاة فالموجود في الخارج هو واحد اتحادي فلا يجوز اجتماع الامر والنهي.

والمثال الاخر الرئيسي: الذي ذكرناه هو الوضوء بالماء المغصوب فقلنا ان الوضوء هو غسلات ومسحات فاراقة الماء على الوجه هو غسل وهو غصب للماء فهو واحد اتحادي ينتزع منه الوضوء لان الغسل جزء الوضوء وينتزع منه الغصب لانه تصرف بالماء المغصوب فهو واحد اتحادي وليس انظماميا.

 نعم قلنا في الفرع الاول ان الصلاة اذا كانت ايمائيّة وصلى في المغصوب فهذا في الحقيقة ايضا ليس واحد اتحاديا ولا واحدا انظماميا، لان هذا عبارة عن ان الصلاة الايمائية في حال الغصب جائزة لان الصلاة الايمائية ليست تصرفا كالنظر الى الاجنبية في الصلاة وهو خارج عن مسالتنا.

المورد الثالث: وهو اذا كان عند الانسان ماء مباح وكان المكان الذي يتوضوء به مغصوبا بمعنى ان المكان هنا مغصوبا لاالماء، فتارة لا يوجد مكان مباح للوضوء الاّ هذا المكان المغصوب، فهنا لايوجد امر بالوضوء لان الامر بالوضوء لابد ان يكون مقدورا ومباحا شرعا، وهنا الوضوء بالمكان المغصوب يكون حراما والشارع لايامر بالحرام، وهذا يرجع الى قولنا ان لم يكن مكان مباح يتوضئ فيه بل يوجد فقط مكان مغصوب فيصير تزاحم لان الامر بالوضوء موجود والامر بالتصرف في المكان المغصوب ايضا موجود وهو لاقدرة له عليهما معا فيقع تزاحم بينهما ومعه فتخرج عن مسالتنا، فان مسالتنا اذا كانت هناك مندوحة للخلاص من الحرام، اما اذا لم يكن هناك مكان مباح ولا توجد مندوجة من الخلاص من الحرام والموجود فقط هذا المكان المغصوب ويريد ان يتوضئ بالماء المباح فيتحقق التزاحم لان المورد هنا قد خرج عن اجتماع الامر والنهي، وبما ان النهي شمولي والامر بدلي فلايوجد امر في هذه الصورة لان الله لايامر بالحرام.

المورد الرابع: اذا كان هناك مكان مباح آخر يتمكن ان يتوضئ به بالماء المباح حينئذ فالامر بالوضوء بالماء المباح موجود لكنه ترك التوضئ بالماء المباح وجاء للارض المغصوبة وتوضئ بها، فنقول تارة الارض مغصوبة ولكن الماء مباح والفضاء الذي يتوضئ به ومسقط الماء مباح كما اذ غصب انسان دارا على الشارع ثم اشترى الفضاء من الحكومة فوضع فضاء للدار المغصوبة فالفضاء ملكه ولكن الدار المغصوبة ليست ملكه فعندما توضئ اخرج يده وبدنه من الشباك واخذ يتوضئ بالماء المباح ففي هذه الصورة لاريب في الصحة وقد خرج عن محل كلامنا لان الوضوء هو غسلات ومسحات وهذه مائها وفضائها ومسقط الماء بعد الوضوء مباح لكن الوقوف مغصوب فهنا فعلان انظم احدهما الى الاخر فيكون قد توضئ حال الغصب لانه توضئ بالمغصوب، فهذا جائز لكنه خارج عن مسالتنا وهي اجتماع الامر والنهي لان المطبق هنا ليس واحدا في حين ان مسالتنا لابد ان يكون مطبقهما واحد.

المورد الخامس: محل الوضوء مباح والماء مباح وكذا مصب الماء ومحل الوضوء مباح ولكن هذا الماء يسري الى المغصوب ويمكنني ان اصنع حاجزا عن السريان الى ارض الغير ولكنني لم اصنع، فهذا جائز ولكنه خارج عن مسالتنا لان مسالتنا ان يكون المطبق واحدا للعنوانين وهنا المطبق متعدد.

المورد السادس: ان يكون الماء ومحل الوضوء مباح ولكن مصب الماء مغصوبا، وهذه الصورة تنقسم الى قسمين فنقول هل يوجد مصب آخر غير مغصوب يمكنه ان يستعمله؟.

 فان كان هناك مصب اخر فالامر بالوضوء موجود لكن قد انظم الى امر محرم وهو كون مصب ماء الوضوء مغصوبا وقد تقارنا فهنا تاتي مسالة اجتماع الامر والنهي لوجود المندوحة ولكن هل هنا فعل واحد او فعلان فنقول هنا فعلان قد انظم احدهما الى الاخر لافعل واحد كالنظر الى الاجنبية في الصلاة فهما فعلان تقارنا، فان الغسلتين والمسحتين تقارنا مع سقوط الماء على ارض الغير فالصلاة صحيحة وقد خرج عن مسالة اجتماع الامر والنهي.

 وتارة لايوجد مصب آخر حلال بل مصب الماء واحد وهو حرام فهنا يحصل التزاحم وقد خرجت المسالة عن اجتماع الامر والنهي وتدخل في باب التزاحم ويتقدم النهي لانه شمولي ومع التزاحم وتقدم النهي يكون الوضوء باطلا لعدم الامر حينئذ.

المورد السابع: الوضوء بماء مباح من آنية الذهب والفضة المحرم استعمالهما.

 فاذا انحصر الماء المباح الاّ في آنية الذهب والفضة فهنا يحصل التزاحم لان ملاك اجتماع الامر والنهي هو وجود المندوحة وهنا لا يوجد ماء مباح غير آنية الذهب والفضة فلا امر بالوضوء لتقديم جانب النهي لانه شمولي ومع التزاحم يتقدم الاهم لانه شمولي فلا امر بالوضوء فيجب التيمم.

 وان لم ينحصر الماء بهذه الانية فمع وجود المندوحة من استعمال الحرام فالامر بالوضوء موجود لقدرة المكلف على الوضوء في اناء غير محرم، ولكنه مع وجود المندوحة لو توضئ بالاناء المحرم فهنا نقول اذا اغترف منه فان الاغتراف محرم لكن الغسل حلال، فهنا فعلان لافعل واحد لان الغرف فعل وغسل الوجه واليدين فعل آخر فان غسل الوجه ليس استعمال لآنية الذهب والفضة والغرف هو استعمال لأنية الذهب والفضة فهما فعلان وقد خرج عن مسالتنا.

المورد الثامن: كون الماء مباح لكن الانية مغصوبة فيحرم استعمالها لكونها مغصوبة فحيما يغترف فهو حرام وعندما يغسل فهو حلال.

 فان كانت هناك انية اخرى مباحة فهو من باب اجتماع الامر والنهي فقد توضئ بالانية المغصوبة بسوء اختياره

 وان لم تكن هناك انية مباحة فهنا يكون تزاحم فاذا قدمنا جانب النهي فلايكون الوضوء صحيحا لعدم الامر به.

المورد التاسع: وهو الصلاة في المكان الذي يحرم المكث فيه، فتارة حرمة المكث للغصبية وتارة حرمة المكث لاللغصبية بل لشيئ آخر كمكث الزوجة في مكان لايرضى الزوج بمكثها فيه، او كالمعتكف في اليوم الثالث يجب عليه المكث في المسجد فخروجه للمقهى محرما، فاذا صلى الانسان في الاماكن التي يكون مكثه حرام فيها لاللغصبية.