الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الاصول

32/03/11

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: اجتماع الامر والنهي.

 قلنا فيما تقدم ان الكلام يقع في صورة الاضطرار الى التصرف في المغصوب والاضطرار الى التصرف في المغصوب له صورتا:

الاول: الاضطرار لابسوء الاختيار، وقدم تقدم البحث عنه في الدرس السابق.

الثاني: الاضطرار بسوء الاختيار، كما لو كان دخوله في المكان المغصوب بسوء اختياره، بمعنى انه يمكنه ان لا يدخل في المغصوب ولكنه دخل بسوء اختياره.

فالكلام هنا في صورتين:

الاولى: هل يجب عليه الخروج .

الثانية: هل يجب عليه الصلاة حين الخروج .

 لايقال انه اذا دخل في المغصوب فيجب عليه الخروج بلا كلام، فكيف نتكلم انه هل يجب عليه الخروج اذا دخل في المغصوب بسوء اختياره؟، فقد يقال نعم يجب عليه الخروج بلا كلام، ولكن هناك كلام في وجوب الخروج عليه، لان الخروج مع انه واجب لكنه حرام لانه تصرف في ارض الغير بدون اذنه، فالخروج هو واجب وهو حرام .

 ولكن هنا لابد ان نرفع اليد عن حرمة الخروج لان بقاء حرمة الخروج مع الدخول غير معقول فهو امر ونهي على شيئ واحد فلابد من رفع اليد عن حرمة الخروج فبعد ان يدخل يمتنع زجر المكلف من التصرف الخروجي، لان زجره عن الخروج يكون تصرفا زائدا في الغصب، وان لم يراد من الحرمة زجره عن الخروج فهو خلف كونه نهيا بداعي محركية المكلف عن عدم الخروج، فلابد ان ترتفع الحرمة ولكن الفعل يبقى مبغوضا لان النهي والخطاب قد سقط عن الخروج بعد الدخول، وقدحصل سقوط النهي بعد العصيان ودخوله في المغصوب وفوّت غرض المولى، اذاً هذا مبغوض يستحق عليه العقاب فلابد من ان لانقول بالنهي عند الخروج من الارض المغصوبة ولكن العقاب ثابت عليه لانه مبغوض، فالخروج فورا من المغصوب هو مقدمة لترك الحرام في الآن الثاني لانه ان لم يخرج صار حراما في الآن الثاني والثالث وهكذا فالخروج مقدمة لترك الحرام في الآن الثاني والثالث.

لايقال: كيف يامرنا المولى بالخروج ويبغض الخروج.

فنقول: نعم هنا بغض للخروج وحب ايضا للخروج، لكن البغض للخروج يكون مغلوبا لمصلحة اقوى في الخروج من الغصب، وحينئذ فستكون لدينا محبوبية غيرية اي يحب الخروج لانه مقدمة لترك الحرام فحب الخروج صار واجبا غيريا لاجل ترك الحرام، وهذا الوجوب الغيري هو فعلي حالاً والمبغوضية قد زالت فعلا وان كانت باقية شأناً، فالمبغوضية شأنية لوجود مصلحة غلبت على المبغوضية وهي كون الخروج مقدمة لترك الحرام، فيمكن ان يكون شيئ مبغوضا وهو محبوب.

لايشكل: كيف نوفق بين حرمة الخروج والكون خارج الدار، فلابد من ان تكون المقدمة واجبة لامحرمة، وهذا يعني ان الشيئ واجب ومقدمته محرمة.

والجواب: ان اللازم عقلا للامر بكون الانسان خارج الدار والخروج مقدمة له، اللازم عقلا ان يكون المكلف قادرا عليه مع الانقياد وهذا هو ميزان صحة التكليف وصحة الامر بالشيئ، وهنا الامر يكون خارج الدار والخروج مقدمة له حينما دخل الارض المغصوبة ، فالان يريد ان ينقاد الى المولى فحينئذ خروجه ليس مخالفا مع انقياده للمولى بل يكون خروجه من لوازم الانقياد وحفظ مصلحة الواجب المترتب عليه الخروج لا ن الامر بذي المقدمة انما يكون صحيحا وان كانت مقدمته تقع معصية للنهي الثابت من التحرك الخروجي والساقط بعد الدخول،وان كانت المقدمة تقع مبغوضة شأناً، لان الميزان في توجه التكليف ان يكون الشيئ مقدورا عليه مع كون الانسان منقادا الى المولى، اذاً فالخروج واجب ولكن فيه حزازة شأنية فلايوجد نهي خطابي لانه غير معقول هنا، فيجب عليه الخروج اذا دخل الارض المغصوبة.

 وهل تجب عليه الصلاة في المغصوب حال الخروج مع ضيق الوقت او لاتجب؟ فنتكلم على المبنيين.

فان قلنا بجواز اجتماع الامر والنهي، فتقع الصلاة صحيحة، لوجود عنوانان كالنظر للاجنبية حال الصلاة، ولكن صلاته لو كان اختيارية فهي توجب مزيدا من الغصب فهل تجوز له، نقول كلا لايجوز بل لابد من الاقتصار على اقل قدر من الغصب، ولكن لو عصى وصلى صلاته الاختيارية فايضا نقول صحيحة بناء على القول بالترتب، هذا كله على الاحتماع.

اما اذا قلنا بالامتناع، اي لايمكن ان تكون صلاته صحيحة في الارض المغصوبة وهو معاقب، فيتحقق هنا التعارض ومعه يتساقطان لانه عجزّ نفسه عن امتثال كلا الخطابين بناء على الامتناع، لكن هنا في هذه الصورة بخصوص الصلاة يوجد لدينا دليل آخر يقول (لاتسقط الصلاة بحال) وهذا يقتضي ان ياتي بالصلاة حتى على فرض كون الصلاة مبغوضة، والمبغوض انما يكون غير قابل للتقرب به لان بديله غير مبغوض، أما اذا كان بديل الصلاة في الارض المغصوبة مبغوضا اكثر وهو ترك الصلاة فهو اكثر مبغوضا من الصلاة في الارض المغصوبة فهنا يمكن الصلاة في الارض المغصوبة، ومقامنا من هذا القبيل فان ترك الصلاة بالمرة ابغض للمولى من الصلاة في المغصوب، وحينئذ يمكن التقرب بالمبغوض الاقل ولايكون صحة الصلاة هنا دليلا على انها محبوبة.

أمثلة عرفية

 لو اتهم شخص بتهمة وكان حكمه الاعدام، فلو سُجن خمسة اعوام فهو تقرب للشخص مع كون السجن ايضا مبغوضا الاّ ان بديله وهو الاعدام ابغض منه، اما اذا كان بديل السجن هو عدم السجن فلايمكن التقرب بالسجن، فيمكن التقرب بهذه الصلاة حتى بناء على الامتناع، كما ان الصلاة اذا كانت اختيارية فهي تستوجب تأخيراً اكثر فلوعصى وصلى فالصلاة صحيحة بناء على الترتب.

 واما اذا كان متمكنا من الصلاة خارج الدار لان الوقت غير ضيّق فيتعين عليه ذلك.