درس الاصول الاستاذ حسن الجواهري

جلسه 11

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الشرط المتأخر

الكلام في الشرط المتأخر والاشكال الذي سجل عليه بأن الشرط المتأخر هو عبارة عن تاثير المتأخر في المتقدم اي تأثير الشرط الذي هو متأخر في المتقدم وهذا محال، لأن تاثير الشرط في حال وجود المشروط فهو يعني تاثير المعدوم في الموجود ( اي تأثير المعدوم وهو الشرط في صوم المستحاضة) وتأثير المعدوم في الموجود لا يجوز عقلاً، واذا كان تأثير الشرط في وقته (اي في وقته يكون الصوم ذو مصلحة) فهذا يعني انقلاب الواقع عما وقع عليه حيث وجد الصوم وانتهى وسقط الامر ثم بعد ذلك وجدت مصلحة في هذا الفعل الذي سقط امره وهذا محال، لأن الفعل وهو الصوم حينما يسقط أمره فيعني تحقق المصلحة والغرض فكيف نقول بأن الغرض لايتحقق الاّ بوجود الشرط الذي هو متأخر، هذا روح الاشكال .

قلنا في الحقيقة اذا أردنا ان نلخّص المطلب عندنا عشرة امور:

الشرط المتأخر للوجوب

وهذا الشرط المتأخر للوجوب فيه ثلاثة فروض:

الاول: شرط متأخر للوجوب في مرحلة الجعل.

الثاني: شرط متأخر للوجوب في مرحلة المجعول.

الثالث: شرط متأخر للوجوب في مرحلة الملاك.

الشرط المتأخر للواجب

أي لنفس الفعل لا للحكم، وفيه فرضان:

الاول: شرط متأخر للواجب في عالم الواجب .

الثاني:شرط متأخر للواجب في عالم الملاك، في مرحلة الملاك والمصلحة.

الشرط المتقدم

والشرط المتقدم أيضاً خمسة فروض، شرط متقدم للوجوب، وشرط متقدم للواجب.

فيكون المجموع للفروض هي عشرة فروض.

والخلاصة:

ان الاشكال الذي سُجل على الشرط المتقدم و الشرط المتأخر هل يمكن حله بهذه الفروض العشرة ؟.

بالنسبة الى شرط الوجوب المتأخر وهو صوم المستحاضة ليلة الأحد شرط لصحة وجوب صومها (شرط للوجوب) في عالم الجعل وهذا هو لحاظ، واللحاظ هو شرط مقارن ومعه فلايوجد تأثير وتأثّر، فلا يأتي الاشكال هنا.

أما شرط الوجوب في مرحلة المجعول فقد قلنا ان المجعول هو أمر تصوري وليس امراً حقيقياً، فمرحلة المجعول ليست ناظرة الى الحكم والوجوب بل الجعل ناظر الى الحكم والوجوب، فالمجعول هو الجعل الذي جعله المولى اذا وجد موضوعه في الخارج فكأنما القى هذا الجعل على ذلك الذي وجد موضوعه، فالاستطاعة وجدت للشخص فالقى عليه وجوب الحج، فالحكم هو الجعل واما المجعول فهو شيئ تصوري ليس فيه تأثير وتأثر، بل المجعول فيه انطباق انتزاع اي لما يوجد الموضوع في الخارج فيتحرك، فالمجعول ليس مرتبطاً بالحكم بل يعبّر عنه بأنه مرحلة الانطباق والانتزاع.

وأما شرط الوجوب في عالم الملاك أي عالم الفعل في الخارج، فتقول ان الصوم فيه فائدة للمرأه المستحاضة بشرط ان تغتسل ليلة الأحد، وليس الشرط هو الذي يولد المصلحة، كالمصلحة في شراء النفط بالصيف بشرط أن يأتي الشتاء ويبقى حياً يرزق، اذاً لايقال بأن الشرط هو الذي ولّد المصلحة.

وأما الشرط المتأخر للواجب، يعني يريد حصة من الواجب كالصوم الذي بعده غسل، فهنا لا يوجد جعل ومجعول.

وأما الشرط المتأخر للواجب في عالم الملاك،

فالاشكال هو ان الفعل موجود في الخارج ولكن ملاكه متى يحصل ؟، فاذا حصل ملاكه عند الشرط فيثبت تأثير المتاخر بالمتقدم، ولكن نقول انه يوجد أمر آخر غير هذا، وهو ان الصوم قبل الغسل يوجد أثراً في المرأه وهذا الأثر يبقى الى زمان الشرط المتأخر فصار شرطاً مقارناً، فالأثر الحاصل من الصوم مع الغسل فيه الأثر.

واما الشرط المتقدم للوجوب في عالم الجعل، فعالم الجعل هو عالم اللحاظ اي يلحظ الصلاة ويلحظ الوضوء قبله.

واما مرحلة المجعول، فقلنا انه لا يوجد فيه تأثير وتأثر وهو أمر تصوري وغير وآقعي، بمعنى ان الملتزم يغتسل ثم يصوم وهذا عالم المجعول.

واما عالم الملاك فان الشرط المتقدم لأجل ايجاد المصلحة في الصوم والشرط لا يولد المصلحة، ففي عالم الملاك يكون الغسل المتقدم لأجل ايجاد المصلحة، لا أن الشرط يولد المصلحة، ومعه يأتي الاشكال بل الموجد للمصلحة هو الفعل مع الشرط فلا وجود للتأثير والتأثر.

وبقي عندنا شرط متقدم للواجب ويريد حصة خاصة في عالم الواجب وهو الصوم قبله غسل فهو شرط متقدم للواجب، وأما في عالم المصلحة فنقول ان الغسل أوجد حالة في الانسان وهذه الحالة تكون موجودة مع الفعل كلاهما يحصلان الملاك والمصلحة، فالشرط ليس متقدما بل الشرط مقارناً.

جواب آخر

وجواب آخر في الفروض العشرة، وهو:

يوجد عندنا منهج فقهي ويوجد منهج آخر فلسفي، لماذا نأتي بالمعاني الفلسفية للشرط ونعطيها للشرط الفقهي، فالشرط له معنى بالفلسفة وله معنى آخر بالفقه، الشرط الفلسفي جزء العلة الذي يؤثر في المعلول فنأتي بالشرط الفلسفي للشرط الفقهي وتحدث لنا مشكلة، وفي الفقه الشرط يراد منه أن يكون مربوطاً مع المأمور به، فالشرط في اللغة هو الربط فالوجوب أو الفعل مقيد بالشرط وهو الحصة الخاصة ولا يريد فعلاً بدون شرط، فالشرط المتأخر كالمقارن بمعنى انه يريد الصلاة مع الوضوء، فيكون غسل المستحاضة (المأمور به بأمر غيري) بعد الصوم كاشف عن كون الصوم قبل الغسل هو من أفراد الحصة المأمور بها.

قلنا ان صاحب الكفاية يقول الاشكال وارد في الشرط المتقدم والمتأخر، غيره يقولون ان الاشكال وارد في الشرط المتأخر فقط.

السيد الخوئي والمحقق الأصفهاني من الذين قالوا ان الاشكال متمركز في الشرط المتأخر، فلذا أجابا على الشرط المتقدم، قالوا ان الشرط المتقدم على قسمين

قسمي الشرط المتأخر

القسم الأول: ان يكون الشرط المتقدم مقدمة اعدادية للمطلوب والمقدمة الاعدادية لا يستحيل تقدمها على المعلول زماناً، كمن يريد الصعود الى السيارة فيتقدم نحو السيارة خطوة خطوة ثم يصعد السيارة فهذه المقدمة الاعداية يمكن تقدمها على المعلول زماناً.

القسم الثاني: ان يكون الشرط المتقدم متمماً لفاعلية الفاعل أو قابلية القابل، وهذا ينبغي أن يكون مقارناً مع المعلول، يعني الصلاة تكون قابلة للقبول اذا كانت نحو القبلة.

فلا اشكال في الشرط المتقدم فانه تارة يكون مقدمة اعدادية، وتارة يكون مقارناً

والجواب:

ان هذا يصير شرطاً مقارناً وليس متقدماً، لانكم اذا التزمتم بالمنهج الفلسفي فلماذا قلتم ان هنا مقدمة اعدادية وهي متقدمة زماناً، في حين ان المنهج الفلسفي يقول المقدمة لابد ان تكون مقارنة، فالأفضل أن تقولوا ماقلناه من أن المشي شيئ خارجي يحصل ولكنه يوجد حالة التهيئ للصعود، فهذا الشرط فقهي أي يريد شيئ مرتبط بشيئ فهو يريد صوم قبله غسل.