الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/07/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ بعض الملحوظات في مستحق الخمس/ قسمة الخمس / كتاب الخمس

ملاحظات في الخمس: 1ـ مَن تزيّا بزي اهل العلم وانتسب اليهم ووضع اسمه في دفتر الشهرية من دون ان يؤدي خدمة او يقوم بواجب ولو بالقوة, فلا يستحقّ هذا الحقّ (حقّ الامام عليه السلام) ولو اخذ منه كان سارقاً.2ـ مَن تزيّا بهذا الزي الشريف ونسب الى الحوزة ولكن جعلها سلّماً للوصول الى الدنيا المحرّمة ولا يعمّهُ من اين اتته الدنيا ولا يهمّه من اي طريق يركبه اليها فان هذا من اتباع الشيطان ويكون سبباً لطمس الحقائق وتفصيل الغافلين وتحريف احكام الشرع المبين, وبسبب ردّه للمؤمنين حينما يجدون اعماله مخالفة للشرع وهو منتسب اليهم, فلا يجوز له الارتزاق من حقّ الامام عليه السلام.3ـ هناك من تزيّا بزي اهل العلم ويدّعي ما يدّعي الاّ ان تصرفاته تصبّ في خندق اعداء اهل البيت عليهم السلام فتراه يُحسن علاقاته مع الخط المعادي لأهل البيت عليهم السلام أو الخطّ العلماني, ويعادي علماء الاسلام من اول صدر الاسلام الى يومنا هذا, فيصف بالجهل ويصف رواياتهم بأنها عين كدرة ويشتم ويهين ويعتدي ويتطاول على مؤسسات الدين العلمية والحوزوية, كل ذلك بحجّة اصلاح المنظومة الدينية, فكلّ همّه ليس هو الاصلاح الهاديء (ان كان هناك فساد) بل همّه تهديم ما كان موجوداً من مؤسسات دينية ومن شعائر حسينية تقوّي المذهب, بل هي النتيجة الحاصلة من ايجاد الدين وليست مقدمة له, وتراهُ جاهلاً بالمنظومة الدينية ويريد اصلاحها بلفظه, الاّ انّ واقعة يريد تهديمها لأن العلماء والمؤسسات والشعائر تحدّ من تطلعاته الدنيوية, فمثل هولاء يعملون هذا العمل, بحيث نرى ان بعضهم ليس له هم الاّ التهديم والتضعيف والتسقيط لرموز الأمّة من المتقدمين والى المتأخرين, بلغةٍ بذيئة, بحيث يظهر نفسه انه هو الحريص على هذا الدين, فكل ما طرح سابقاً وأُجب عليه من اشكالات وانتقادات يظهر نفسه انه هو الموجد لها بحيث يصدّق جمهوره المسكين غير المطّلع على حقائق الأمور ان ما يقوله صحيح, فمثل هذا شيطان قد تزيّا بزي اهل العلم يحرم اعطاء الخمس له كما يحرم تأييده والحضور في مجلس بحثه, لأنه عدّو للمذهب بصورة الحريص عليه.4ـ اذا اذن الحاكم الشرعي لآخذٍ في أخذ الحق الشرعي دفعاً لشرِّه أو ضرره او لخطئِه في تشخيص حاله, والمدفوع اليه يعلم انه لا يستحق هذا الحق لأنه ليس من خدمة الدين, فلا يحلّ المال كذلك الشخص, لأنّ الحاكم الشرعي وان كان معذوراً قد ادّى وظيفته بالفحص الا انه لا يحلّل حراماً ولا يغيرّ حقاً ولا باطلاً, فالمال المدفوع كالرشوة التي يدفعها صاحبها عند الضرورة دفعاً للشرِّ, يحلّ له دفعها ويحرم على آخذها أخذُها واكلُها, او يكون كالمال المأخوذ بشهادة الزور الذي هو قطعة من النار وان كان الحاكم به نبيّاً أو وصيّاً.5ـ وليس من مصارف هذا الحق العاملون عليها الذين يتولون اخذه من صاحبه وايصاله للحاكم الشرعي, فان ذلك (وان قلنا انه لا يتحقق الاّ بالنصب من قبل الحاكم الشرعي) هو في الزكاة فقط ولا يشمل الخمس, فالذي جاء بالحقّ الشرعي ليس له منه نصيب اذا لم يكن من اهله ويعطيه الحاكم من دون ان يكون له حقّ فيه لأنه قد جاء به وحينئذٍ فاذا كان موصل الحق من مصارفه في نفع الدين أو انه محتاج الى هذا المال لإعاشته اللازمة له بحيث لا يتمكن ان يعيش من دون ان يعطي من هذا المال وهو متدين فيجوز اعطاؤه من هذا الحق, وقد يدفع الحق كله, والاّ فلا يجوز اعطاء قسم من هذا الحق لمن جاء به وان لم يكن مستحقّاً.6ـ اذا دفع الحاكم الشرعي (أو المالك بأذن الحاكم) حق الامام عليه السلام لحاجته ونفعه الديني وكان ممن يسوغ الدفع اليه, فهنا نقول لا يملك الآخذ هذا الحق وذلك لعدم توقف الغرض على التمليك غالباً, وحينئذٍ يبقى هذا المال في يده يباح له التصرف فيه من دون ان يملكه فلا يجب فيه الخمس لو حلّ رأس السنة, ولا تجري احكام المواريث عليه لو مات, نعم يستحقه من ورثته من هو مصرف له بنظر الحاكم الشرعي بعد مراجعته.

ملحوظة: هناك ازمة ثقة بين المجتمع والعلماء والمبلغين في بعض المقاطع التي مرّت بحياتنا وهي قد تصوّر بمنظورين:

الاول: عدم قيام العلماء والمبلغين بواجبهم الديني من الدخول في المجتمع وسوقه الى حيث الفضيلة والعدالة, بل ان العلماء قد اكتفوا بالنزر القليل من العمل من اجل ايجاد المجتمع الصالح اذ يُرى البعض من العلماء والطلاب غير مهتمّين بأمر التبليغ والمجتمع.

الثاني: المال الذي يتعرّض له الوكلاء والعلماء, فلا يحسن التصرف فيه من قبل البعض فالمجتمع ينتظر من العلماء والوكلاء ان يصرف هذا المال في ترويج الدين والدعوة اليه واغاثة ذوي الحاجة من المؤمنين, ولكنهم يرون البعض يصرفه في الترف والبطر بحسب منظور الناس, فأوجب هذا انعكاساً سيئاً للعلماء وضاع الصالح منهم والطالح بفعل غير الصالح, حتى ظنّ البعض ان هولاء المتصدين لم يدخلوا سلك الحوزة الاّ للحصول على المال والكسب غير المشروع, وسلبت الثقة وشاع سوء الظن.

اقول: هذه المشكلة يمكن عدها مؤشّر خير لنا وذلك:

1ـ لأنها تكشف عن تحرر المجتمع من التقليد الاعمى لما يرونه انحرافاً, ولهذا فان العالم والمبلّغ المنحرف لا يمكن له ان يحرف المجتمع عن المسار الصحيح للطائفة ولو سوّلت للبعض من العلماء والمنحرفين نفسه بالانحراف نتيجة ضغوط خارجية أو لهوى النفس التي غلب عليها.2ـ كما انها تنبّه العلماء والطلاب والمبلّغين على كونهم مستهدفين للنقد والتمحيص, فيجب عليهم التيقّظ والحذر لتجنب المزالق والبعد عن مواضع التهم.3ـ اذن يجب الابتعاد من كل ما من شأنه ان يوجب التهمة في التوسعة في المعيشة, وان يبتعدوا عن مظاهر الترف والبذخ حتى لو كان المال كسباً شخصيّاً له أو إرثاً من ابيه الذي لم يكن من اهل العلم فضلاً عن كون المال من الحقوق الشرعية. ويجب ايضاً على المتصدي كالعالم والوكيل اذا اخذ عيشه من الحق الشرعي ان يصرف الزائد في المصالح الدينيّة الراجحة التي فيها رضا الله تعالى, فان هذا العمل يوجب التوفيق والتسديد ويوجب تأكيد ثقة الناس بالعلماء والطلاّب.

وعلى هذا ولتكن السيرة للعالم والطالب والمبلّغ والوكيل ما ورد في الحديث الشريف: (ما قلّ وكفى خير مما كثر والهى) فكيف بما كثر واوجب وهناً على المؤسسة الدينية.

جعلنا الله ممن يحتاط في هذه الأموال, وممن يقطع السنة من يطلق الكلام من دون تثبّت, وان كنا على علم بان البعض يطلق لنفسه الكلام على هذه المؤسسات الدينية مع علمه ان القائمين عليها هم افضل الناس ومن يحتاطون في صرف الحقّ الشرعي اشدّ الاحتياط, ولكن الحقد والحسد والانحراف يكون الواقع له لهذا الكلام, مع هذا نقول: الابتعاد عن مواطن التهم التي تجعل المتهمين مورد انتقاد المجتمع لهم.