الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/07/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: حكم الخمس في عصر الغيبة / قسمة الخمس / كتاب الخمس

وبالأسناد عن محمد بن زيد الطبري ايضاً قال: قدم قوم من خراسان على ابي الحسن الرضا عليه السلام فسألوه ان يجعلهم في حلّ من الخمس فقال: ما أمحلّ هذا تمحضونا المودّة بألسنتكم وتزوون عنّا حقّنا جعله الله لنا وجعلنا له وهو الخمس، لا نجعل لا نجعل لا نجعل لأحدٍ منكم في حلٍّ[1] .

وقد روى الصدوق في اكمال الدين بسنده ذكره عن محمد بن جعفر الاسدي قال: كان فيما ورد على الشيخ ابي جعفر محمد بن عثمان العمري قدس سره في جواب مسائلي الى صاحب الدار عليه السلام: وامّا ما سألت عنه من امر مَن استحل ما في يده من اموالنا ويتصرّف فيه تصرّفه في ماله من غير امرنا فمن فعل ذلك فهو ملعون، ونحن خصماؤه، فقد قال النبي (صلى الله عليه وآله) المستحل من عشيرتي ما حرّم الله ملعون على لساني ولسان كل نبي مجاب، فمن ظلمنا كان من جملة الظالمين لنا وكانت لعنة الله عليه بقوله عز وجل «ألا لعنة الله على الظالمين» «الى ان قال» واما ما سألت عنه من أمر الضياع التي لناحيتنا هل يجوز القيام بعمارتها واداء الخراج منها وصرف ما يفضل من دخلها الى الناحية احتساباً للأجر وتقرّباً اليكم: فلا يحلّ لأحد ان يتصرّف في مال غيره بغير اذنه فكيف يحلّ ذلك في مالنا؟! انه من فعل شيئاً من ذلك لغير امرنا[2] فقد استحلّ منّا ما حُرِّم عليه، ومن أكل من مالنا شيئاً فإنما يأكل في بطنه ناراً وسيصلى سعيراً[3] .

اقول: هذه الرواية فيها احكام عامّة أو الجواب لأمر عام يشمل ما نحن فيه.

ولكن هذه الرواية رواها الصدوق قدس سره عامّة لكلّ حقّ لهم ولكل مال لهم، وحينئذٍ نتمكن ان نقول: ان الروايات المتقدّمة في تحليل خصوص الخمس تخصصها ويكون الناتج ان كل مال لهم لا يجوز اخذه الاّ الخمس، فلاحظ.

وقد روى ابو علي بن ابي الحسين الاسدي قال: ورد عليّ توقيع من محمد بن عثمان العمري ابتداءًا لم يتقدمه سؤال: بسم الله الرحمن الرحيم: لعنة الله وملائكةُ والناس اجمعين على من استحلّ من مالنا درهماً (الى ان قال) فقلت

في نفسي انّ ذلك في كل من استحلّ محرّماً[4] فأي فضيلة في ذلك؟ فوالله لقد نظرت بعد ذلك في التوقيع فوجدته قد انقلب إليّ ما وقع في نفسي بسم الله الرحمن الرحيم: لعنة الله والملائكة والناس اجمعين على من أكلّ من مالنا درهماً حراماً[5] .

وما رواه المفيد قدس سره في المقنعة عن ابي بصير عن ابي جعفر عليه السلام قال: كل شيء قوتل عليه على شهادة ان لا اله الاّ الله وان محمداً رسول الله (صلى الله عليه وآله) فان لنا خمسه، ولا يحلُّ لأحدٍ ان يشتري من الخمس شيئاً حتى يصل الينا نصيبنا[6] .

اذن الروايات على بطلان الطائفة الاولى من الروايات وبطلان من يقول بها فيه روايات صحيحة، وحتى الروايات الاخرى الضعيفة قد عمل بها متشرعوا الشيعة ومشهور علمائهم فتنجبر حسب ما انتهينا في الاصول، ولا أظن ان احداً من العلماء قد عمل بهذه الطائفة الاولى من الروايات مع هذه الروايات المتعارضة معها، مع قوتها وتقدّمها على الطائفة الاولى لأنها أصرح وآكد، ولو تساويا في الصراحة أو الظهور وتساقطا فنرجع الى عموم الآية القرآنية التي توجب اعطاء الخمس الى أهله وهو عموم فوقاني يوجب الرجوع اليه عند تعارض الروايات.

أو نقول: ان الحجة هي الروايات الموافقة للقرآن الكريم، وامّا المخالفة فهي ليست بحجّة خصوصاً مع عدم العمل بها أصلاً. اضف الى ذلك جميع الروايات الواردة في الأمر بالخمس والآمرة بأخذه من المسلمين في الامتعة والضياع ومن الصنّاع بعد استخراج المؤنة

الطائفة الثانية: طائفة يظهر منها نفي التحليل مطلقاً مثل معتبرة ابي بصير عن ابي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: من اشترى شيئاً من الخمس لم يعذره الله، اشترى ما لا يحلّ له[7] .

والمراد بالحسين الواقع في السند هو الحسين بن سعيد الذي يروي عنه احمد بن محمد كما ان المراد بالقاسم هو القاسم بن محمد الجوهري. اذن تكون الروايات معتبرة[8] .

وهناك سندا آخر يتعرّض له صاحب الوسائل في باب بيع السرقة حيث يرويها هناك عن الحسين بن سعيد عن

ابان، اذن لا اشكال في السند اصلاً.

[1] وسائل الشيعة، للحر العاملي، ج9، ص539، ابواب الأنفال وما يختص بالامام، ب3، ح3، ط آل البیت.
[2] اي من غير امرنا من غير اجازتنا. من الاستاذ حفظه الله.
[3] وسائل الشيعة، للحر العاملي، ج9، ص541، ابواب الأنفال وما يختص بالامام، ب3، ح7، ط آل البیت.
[4] مراده ان الذي وقع في نفسه هو ان الحديث فيمن استحلّ من مال الناحية درهماً، وهو يشمل من لا يقول بوجوب الخمس في ارباح المكاسب مثلاً كأهل السنة والكفّار في جميع موارد الخمس، اما نحن فنأكل من اموالهم كالخمس غير مستحلّين له، لأننا نقول بالوجوب ولكن أُحلّ لنا الاكل، فنحن غير مستحلين. من الاستاذ حفظه الله.
[5] وسائل الشيعة، للحر العاملي، ج9، ص541، ابواب الأنفال وما يختص بالامام، ب3، ح8، ط آل البیت.
[6] وسائل الشيعة، للحر العاملي، ج9، ص542، ابواب الأنفال وما يختص بالامام، ب3، ح10، ط آل البیت.
[7] وسائل الشيعة، للحر العاملي، ج9، ص542، ابواب الأنفال وما يختص بالامام، ب3، ح5، ط آل البیت.
[8] اقول: ان القاسم بن محمد الجوهري لم يثبت توثيقه الاّ من كامل الزيارات بناءاً على حجية كل من جاء فيه لا على القول بحجية المباشرين لإبن قولويه فلا تكون الرواية صحيحة لأن القاسم ليس من المباشرين ولكن نقول ان بعض اصحاب الاجماع الصغير كصفوان ثبتت روايته عن القاسم وهو كافٍ في اعتباره عند الشيخ الاستاذ فتكون الرواية صحيحة من هذا الطريق. المقرر.