الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/06/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: امكان الاحتيال في الدفع الى مجهول الحال/ قسمة الخمس/ كتاب الخمس

نعم يمكن الاحتيال في الدفع الى مجهول الحال – بعد معرفة عدالته – بالتوكيل على الايصال الى مستحقّه على وجه يندرج فيه الأخذ لنفسه أيضاً ولكن الأولى – بل الأحوط – عدم الاحتيال المذكور (1).

1)اقول: ان هذه الحيلة ذكرها صاحب الجواهر قدس سره[1] لأجل براءة ذمّة الدافع وان علم ان الوكيل قد قبض

الخمس لنفسه وهو مشكوك النسب. وعلَّلها: بأنّ المدار على ثبوت الموضوع وهو علم الوكيل لا الموكّل ما لم يعلم الموكّل الخلاف، وهنا الموكّل لم يعلم ان الوكيل ليس بهاشمي، والوكيل وهو المشكوك يعلم انه هاشمي فيجوز له ان يتسلم من حقّ السادة، وحينئذٍ سيكون الموكّل شاكاً في صحّة عمل الوكيل، فيحمله على الصحّة في العبارات والمعاملات.

اقول:

1ـ اذا قبلنا دعوى مدّعي النسب اذا كان ثقة، لقيام السيرة العقلائية عليه اذا كان حسيّاً به، فلا حاجة الى مثل هذه الحيلة وتعليلها، نعم لو لم نقبل ما تقدّم من قبول دعوى مدّعي النسب اذا كان ثقة فتأتي هذه الحيلة، وتحتاج الى تعليلها، فهي حيلة على مبنى صاحب العروة لا على مبنانا.2ـ ان صاحب الجواهر قدس سره لم يستدل بصحة الاحتيال استناداً الى كفاية الدفع للوكيل العادل أو الثقة في إيصال الخمس الى مستحقيه في فراغ ذمّة الدافع، لأن مقتضى صحّة التوكيل هو اداء الحقّ الى مستحقه هو الغاء قيد المباشرة فقط، وامّا فراغ الذمّة للدافع فهو أجنبي عن معنى الوكالة خصوصاً اذا كانت بدفع الحقّ الى مستحقّه، فهي قد فرغت عن ان الموضوع له مستحقّ بعلم الموكّل ونظره. بل استدل بأصالة صحّة عمل الوكيل عند الشك في صحته، فلاحظ.

وقد نقول هنا: ان الوكالة في ايصال الحقّ الى مستحقّه هي عبارة عن مجرّد واسطة في الإيصال التكويني، فالوكيل هنا آلة محضة، فهو بعيد كلّ البعد في براءة الذمّة اذا لم يكن قد وصل الى مستحقيه بنظر الموكل.

3ـ بناءاً على صحّة هذا الاحتياط فلا حاجة الى اثبات العدالة، بل يكفي وثاقة الوكيل بانّه يقسّمها ويوصلها الى المستحق، ويدلّ على ذلك اخبار منها ما رواه شهاب بن عبد ربّه قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: اني اذا وجبت زكاتي اخرجها، فادفع منها الى مَن أثق به يقسّمها؟ قال عليه السلام: نعم لا باس بذلك.[2]

وصحيحة علي بن يقطين قال: سالت ابا الحسن موسى عليه السلام عمن يلي صدقة العشر من لا باس به؟

فقال: ان كان ثقة فمره ان يضعها في مواضعها وان لم يكن ثقة فخذها انت وضعها في موضعها[3] ولا فرق بين الزكاة والخمس.

وهذه الروايات كما ترى فرغت عن الواسطة الثقة، قد اوصَلها الى مستحقها، فهي قد فرغت عن ان المدفوع اليه هو مستحق للزكاة أو الخمس، فلا يشمل موردنا الذي يكون المدفوع اليه اذا علمنا انه اخذها لنفسه هو مشكوك الاستحقاق عند الدافع (الموكّل)، فلاحظ.

ثم ان صاحب الجواهر قدس سره قال: لكن الانصاف انه لا يخلو الاحتيال المتقدّم عن تأمل ايضاً[4] وقد ذكر

السيد الخوئي قدس سره وجه التأمل فقال: ان أصالة الصحّة مستندة الى السيرة القائمة على البناء على الصحّة، والقدر المتيقن من هذه السيرة هو ما اذا لم يعلم الموكّل الكيفية التي اوقع الوكيل فيها الفعل خارجاً [5] فيكون الوكيل هنا مستقلاً في عمله من دون علم الموكّل كيفية وقوع العمل فتجري الصحّة في عمله.

امّا اذا اعلم الموكّل الكيفية التي أوقع الوكيل فيها العمل خارجاً وشك في صحّة العمل حكماً، كما اذا وكّله في اجراء عقد والموكّل يشك في صحة العقد بالفارسية وعلم الموكّل ان الوكيل قد اجره باللغة الفارسية، فهنا لا يُعلم بجريان اصالة الصحّة.وكذا اذا شك في صحّة العمل موضوعاً: كما اذا وكّله في إيصال الخمس، والموكّل يشك في انه هاشمي وعلم الموكّل ان الوكيل قد أخذه لنفسه، فهنا لا يعلم بجريان اصالة الصحّة، لأنّ في هذين الموردين «الشك في صحّة العمل حكماً أو موضوعاً» اذا صدر الفعل من الموكّل الذي هو مكلّف بإيصال الحقّ الى أهله لم يكن مجزءًا فكذلك اذا صدر من الوكيل «وان كان الوكيل يرى الاستحقاق، فانه ليس مجزءًا).

 


[1] جواهر الکلام، الشیخ محمّدحسن النّجفی، ج16، ص444.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج9، ص280، أبواب المستحقين للزكاة، باب35، ح4، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج9، ص280، أبواب المستحقين للزكاة، باب35، ح2، ط آل البيت.
[4] جواهر الکلام، الشیخ محمّدحسن النّجفی ج16، ص106.
[5] المستند فی شرح العروة الوثقى، السید أبوالقاسم الخوئی - الشیخ مرتضى البروجردی ج25، ص326.