الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/05/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: اشتراط الحاجة في ابناء السبيل في بلد السفر/ قسمة الخمس/ كتاب الخمس

ويشترط في ابناء السبيل الحاجة في بلد التسليم وان كان غنيّاً بلده (1).ولا فرق بين ان يكون سفرة في طاعة أو معصية (1).

1)تقدّم في الزكاة معنى ابن السبيل وقد قلنا: ان العبرة بالدفع اليه وان لم يكن هاشمياً هو الحاجة الفعلية بأن لا يكون متمكناً من القرض ايضاً كما لم يتمكن من بيع بعض أمواله، فان هذا هو معنى ابن السبيل «ابن الطريق» اذ يكون لا مأوى له يرجع اليه حتى يتمكن من الرجوع الى وطنه، فالأمر في الخمس كذلك فان من مصرفه هو إنقطاع المكلّف في غير بلده ولا يمكن الرجوع الى بلده الاّ من هذا الأمر.

2)لقد استدل السيد الحكيم قدس سره لهذا الحكم الذي ذكره صاحب العروة قدس سره بإطلاق الآية[1] وقد نوقش هذا الاستدلال بأن النصوص وكلمات العلماء من ان الخمس بدل الزكاة يقتضي ان يكون ابن السبيل قد سافر سفراً في طاعة.

ويرد على هذا النقاش: ان البدلية لم تثبت بحيث تكون كل احكام تفصيل الزكاة موجودة في مصارف الخمس.

نعم يقال في مناقشة صاحب العروة قدس سره في فتواه ومناقشة الاستدلال بإطلاق الآية: بأنّ اعطاء ابن السبيل اذا كان سفره معصية هو إعانة على الإثم، والاعانة على الاثم حرام، فلا يقع هذا الاعطاء واجباً شرعياً.

وقد يقال: انه لا دليل على حرمة الاعانة على الإثم، نعم التعاون على الإثم حرام بالآية الكريمة القائلة: «تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان»[2] وهو غير الاعانة على الاثم. اذا كانت الاعانة على الاثم حراماً فهو حكم تكليفي، فاذا كانت آية الخمس تثبت حكماً وضعياً وهو استحقاق ابن السبيل مطلقاً من الخمس، فالإعطاء لمن كان سفره معصية يكون عبارة عن إيصال الحق الى صاحبه وان كان هو اعانة على حرام تكليفاً.

اقول: ان هذا الكلام انما يصح اذا قلنا ان معطي حقّ ابن السبيل هو المكلّف بالخمس فيتمكّن ان يكون فعله حراماً تكليفاً وصحيح وضعاً ولكن بناءاً على المختار من ان الامام عليه السلام هو المستلم لكلّ الخمس ويصرف على ابن السبيل فهنا لا يمكن ان يفعل الامام الحرام ويصحّ وضعاً بل يعمل ما فيه مصلحة للدين فلا يكون حراماً.

وقد يقال في مناقشة الاستدلال لصاحب العروة قدس سره على المسالة: ان قيد الحاجة المأخوذة في مصرف الخمس بدليل لبّي أو لفظي يوجب صرف الحاجة الى الحاجة المشروعة ولا يشمل الحاجة غير المشروعة، وحينئذٍ لا حاجة مشروعة في سفر المعصية فلا يشمل اطلاق الصرف لإبن السبيل للذي يكون سفره غير مشروع.

ويرد عليه: اننا لا نعطي ابن السبيل حينما يتحرك الى المعصية، بل اذا انقطع به الطريق واراد الرجوع الى اهله وليس عنده شيء، فهنا سيكون رجوعه الى اهله «وترك المعصية التي قصدها أو تمّت المعصية التي ارادها» جائزاً

ولا يعتبر في المستحقّين العدالة (1).ومشروعاً فإعطاؤه من الخمس لأجل سفره الى اهله المشروع. اذن كلام صاحب العروة قدس سره ولم يصح اي دليل لتخصيص ابن السبيل بكون سفره طاعة.

1)لا دليل على اعتبار العدالة في المستحق في الزكاة فضلاً عن الخمس ولذا قال السيد الحكيم قدس سره: (لم يعرف القول باعتبارها هنا من احد وان كان مقتضى البدليّة – المستفاد من النصوص والفتاوى – اعتبارها هنا)[3] بل حتى في

الزكاة لم يعتبر في الأخذ العدالة، نعم وردت روايات تمنع اعطاء الزكاة الى شارب الخمر، ويمكن التعدّي منها الى ما هو أقوى حرمة من شرب الخمر كتارك الصلاة وفاعل المعاصي بحيث يكون الاعطاء من الزكاة موجباً للصرف في المحرّمات جهاراً، وهذا الذي وردت به الروايات وعمّمناهُ الى كل عمل أقوى حرمة من شرب الخمر كالمعاصي المتجاهر بها الكبيرة لا يحتاج الى دليل، ذلك لأن الزكاة هي لسدّ حاجات المؤمنين الشرعية وكذا الخمس لليتامى والمساكين وابناء السبيل، والصرف في المعاصي ليس حاجة شرعية للمؤمن.

ثم لنا ان نقول: ان منع اعطاء الخمس أو الزكاة لمن يعمل الكبائر هو واجب اذا كان رادعاً له عن المعاصي لوجوب النهي عن المنكر والصدّ عن تحقيق المعصية.

ولكن كل هذا لا يدلّ على اشتراط العدالة في المستحق، فلو كان انسان لا يصلي صلاة الصبح عمداً ويريد الصرف على اهله وعياله، فلا دليل على عدم جواز اعطاؤه من الزكاة أو الخمس اذا كان مورداً لها.ولو كان هناك دليل يمنع من اعطاء الفاسق الزكاة أو الخمس فهو حكم تكليفي والحكم التكليفي ينسجم مع الحكم الوضعي لو كان دليل الزكاة أو الخمس يشمل الفاسق (غير العادل) اعانة على الاثم، ولا سيما اذا كان في المنع الردع عنه» يريد به الحكم التكليفي اذا ثبت حرمة الاعانة على الاثم وكان في منعه ردع له عن المعصية.

اقول: هذا قد يقال انه صحيح اذا أراد صاحب الخمس ان يدفع حقّ السادات الى السادات فلو كان فاسقاً وكان هناك دليل على منع الخمس من الفاسق فهو حكم تكليفي فان كان هناك دليل يجوّز اعطاء الخمس الى الفاسق لأنه مالك وحقّ له فيتمكن ان يعمل الحرام ولكن تبرأ ذمته من الحقّ.

ولكن هذا لا يمكن ان نقوله اذا كان الخمس كله للإمام لأن الامام لا يتصور فيه ان يفعل الحرام، بل ما يفعله فيه مصلحة للدين وهو اعرف بحكمه.

[1] مستمسك العروة الوثقی، الحكيم، السيد محسن، ج9، ص571.
[2] المائدة/السورة5، الآية2.
[3] مستمسك العروة الوثقی، الحكيم، السيد محسن، ج9، ص571.