الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/05/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ اشتراط الايمان في الثلاثة الاخيرة/ قسمة الخمس / كتاب الخمس

ويشترط في الثلاثة الاخيرة الايمان (1).

1- ذكر صاحب العروة قدس سره «وهو المشهور ايضاً» اعتبار الايمان بالمعنى الاصطلاحي في اليتامى والمساكين وابن السبيل فضلاً عن الاسلام، فلا يعطى غير المؤمن من الخمس وان كان هاشمياً. وقد استدلّ السيد الخوئي قدس سره[1] لهذا الحكم الذي لم يرد فيه نصّ بالخصوص بجملة من النصوص [2] التي قالت: انما جعل الله هذا الخمس خاصّة لهم يعني بني عبد المطلب عوضاً لهم من صدقات الناس تنزيهاً من الله لهم ولا بأس بصدقات بعضهم على بعض كما في رواية حمّاد المرسلة أو ما ورد عن الامام الباقر عليه السلام: ان محمد (صلى الله عليه وآله) قال: ان الله لا اله الاّ هو لماّ حرّم علينا الصدقة ابدل لنا الخمس فالصدقة علينا حرام، كما في تفسير العياشي[3]

وبما ان الزكاة يعتبر فيها ان تعطى للمؤمن ولا يُعطى المخالف الاّ الحجر كما في بعض الروايات[4] فالخمس ايضاً كذلك، لأن معنى البداية هو: انّ من كان مستحقاً للزكاة «لو لم يكن هاشمياً» فهو مستحقّ للخمس «لو كان هاشمياً» اذن يعتبر في الخمس تحقّق شرط الزكاة وهو الايمان[5] .

ويرد عليه: ان النصوص المتضمنة للبدليّة ضعيفة السند، وان كان اصل تحريم الصدقة (الزكاة للأموال والفقراء) على بني هاشم هو بديل قطعي، وكذا جعلهم مصرفاً للخمس ممّا لا اشكال فيه، ولكن هذا لا يساوق معنى البدلّية التي توجب التشابه بين الزكاة والخمس في التفصيل.

ثم ان لنا ان نقول ان البدليّة قد ثبتت بدليل صحيح وهو ان الروايات الضعيفة اذا عمل بها المشهور انجبرت وصارت حجّة، والمشهور عمل بها فأصبحت حجّة. ولكنّها تقول بالبدلّية ليس الاّ ولا تنظر الى الشروط والمقدار والمصرف. وقد يستدل للحكم بإصالة الاشتغال، حيث تبرأ الذمّة يقيناً لو دفعنا الخمس الى الهاشمي المؤمن بخلاف غير المؤمن، فالاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني.

ويرد عليه: ﴿ان الآية الكريمة ﴾[6] عامّة في اعطاء الخمس للفقراء (اليتامى والمساكين وابن السبيل) سواء كانوا مؤمنين

أو غير مؤمنين، وكذا الروايات حيث اشترطت الفقر كما سياتي، والانتساب الى النبي (صلى الله عليه وآله) ولم تذكر الايمان، وهذا الدليل الاجتهادي مقدّم على اصالة الاشتغال التي هي أصل عملي لرفع موضوع الاصل العملي بالدليل الاجتهادي.يشترط في الايتام الفقر. (1).على اننا اذا شككنا في اشتراط الايمان في مستحقّ الخمس، فهو شك في اصل الاشتراط والبراءة تقول بعدم الاشتراط، ولو شككنا في اشتغال ذمّة المكلّف لو دفع الخمس لغير المؤمن، فالأصل عدم الاشتغال، لأن الاشتغال هو فرع شرطية الايمان، وهنا نشك في هذا الشرط فالأصل عدمه أيضاً.

نعم قد يستدل ثانياً لشرط الايمان بالإجماع الذي ادّعاه السيد في الغنية[7] وقال عنه صاحب الجواهر قدس سره: (لا يوجد خلافاً محقّقاً)[8] وقال عنه السيد الخوئي قدس سره: ان المسألة لا اشكال فيها [9] .

ويرد عليه: ان الاجماع عند القدماء غير محقّق لأن الخمس كان يُعطى الى الامام عليه السلام بأكمله، ويُعطى لوكيله في عصر الغيبة الصغرى، وامّا في عصر الغيبة الكبرى فقد اختلف في اصل صرفه او دفنه أو الإيصاء به، ومن استند الى صرفه الى خصوص المؤمنين من السادة فقد استند الى البدلية عن الزكاة «التي قلنا انها لا تدل على الاشتراك في التفصيل والشروط والمصرف لو تم الدليل على البدلية» أو الاحتياط واصالة الاشتغال أو الأخذ بالقدر المتيقّن، ومن هنا نعرف عدم وجود اجماع تعبّدي في المسالة.

ثم اننا قد سبق منّا ان الخمس بأكمله للإمام، وان اليتامى والمساكين وابناء السبيل هم مصرف للخمس وبهد يثبت ان البدلية غير صحيحة، لأن الخمس يصرف في شؤون الولاية والحكومة بإذن الامام أو نائبه، ولا إشكال في ان من جملة مصالح الحكومة هو رفع غائلة الفقر من كافة طبقات المجتمع «مؤمناً كان ام غير مؤمن، فاسقاً كان ام غير فاسق» فالإمام له صلاحية الصرف المطلقة كما تقدم في صحيحة البزنطي[10] بخلاف الزكاة التي تدفع من قبل المكلّفين وقد جاء في ادلتها عدم جواز دفعها الى غير المؤمن.

1)ذهب الشيخ في المبسوط وابن ادريس في السرائر[11] [12] الى نفي اشتراط الفقر في اليتيم تمسكاً بإطلاق الآية الكريمة. ولكن الصحيح ما ذهب اليه صاحب العروة قدس سره وذلك: لإنصراف الضرائب التي توضع على المكلّفين الى المحتاجين، والحاجة تساوي الفقر، فاليتيم وان كان مطلقاً يشمل الفقير وغيره، الاّ ان العرف يفهم من اليتيم الفقر

والحاجة وعدم الكفيل للمعيشة وعدم قدرته على العمل.

فلو قيل: اذا كان المراد من اليتيم الفقير، فهو داخل تحت المسكين، فلا حاجة الى ذكره، وحينئذٍ سيكون المراد

من اليتيم ما يشمل الفقير ولا يشترط فيه الفقر.

فالجواب: ان ذكر اليتيم قد جاء لأهميته والتأكيد عليه وانه أشد حاجة من المسكين البالغ الذي لا يكون في معرض الضياع والحرمان وفي طريق الموت بخلاف اليتيم فانه في معرض الحرمان والضياع وفي طريق الموت فقد ذكر بخصوصه

لأهميته وفقره وانه أشدّ فقراً من الفقير البالغ كما ذُكِر المسكين الفقير في آية الزكاة فالمسكين أشدّ فقراً من الفقير.

اضف الى ذلك ووردت روايات ضعيفة دالّة على اشتراط الفقر في اليتيم، فقد روى حمّاد بن عيسى عن بعض اصحابنا عن العبد الصالح عليه السلام في حديث طويل قال: وله (يعني الامام عليه السلام) نصف الخمس كُمُلا، ونصف الخمس الباقي بين أهل بيته فسهم ليتاماهم وسهم لمساكينهم وسهم لأبناء سبيلهم، يقسّم بينهم على الكتاب والسنة ما يستغنون به في سنتهم، فان فضل عنهم شيء فهو للوالي، فان عجز أو نقص عن استغنائهم كان على الوالي ان ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به.....»[13] وكذا رواية احمد بن محمد عن بعض اصحابنا «رفع الحديث» الى ان قال «في اليتامى والمساكين وابناء السبيل» فهو يعطيهم على قدر كفايتهم فان فضل شيء فهو له وإن نقص عنهم ولم يكفهم أتمَّه لهم من عنده...»[14] .

هذا كله بناءًا على ان نصف الخمس لليتامى والمساكين وابناء السبيل.اما اذا قلنا بالصحيح من ان الخمس كلّه للإمام وصرفه بحسب المصلحة التي يراها الامام عليه السلام، فحينئذٍ اذا رأى مصلحة في اعطاء اليتيم غير الفقير فله ذلك اذا كان هذا من شؤون الولاية والحكومة وحينئذٍ ستكون موارد اليتم والمسكنة وابن السبيل من موارد صرف الخمس الذي يكون مرجعه الى الامام، فلاحظ.

[1] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج25، ص.
[2] مستمسك العروة الوثقی، الحكيم، السيد محسن، ج9، ص570.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج9، ص270، أبواب مستحقی الزکاه، باب29، ح7، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج9، ص270، أبواب من مستحقی الزکاه، باب29، ح7، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج9، ص270، أبواب من مستحقی الزکاه، باب29، ح7، ط آل البيت.
[6] الأنفال/السورة8، الآية41.
[7] غنية النزوع الى الاصول والفروع، للسيد ابن زهرة1: 130 وهذه عبارته: (ولا بد فيهم من اعتبار الايمان او حكمه وذلك بدليل الاجماع الماضي ذكره).
[8] جواهر الكلام، للشيخ محمد حسن النجفي، ج16، ص459.
[9] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج25، ص314.
[10] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج9، ص509، أبواب خمس، باب1، ح6، ط آل البيت.
[11] المبسوط في فقه الإمامية، الشيخ الطوسي، ج1، ص262.
[12] والسرائر، لأبن ادريس الحلي، ج1، ص115.
[13] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج9، ص520، أبواب خمس، باب3، ح1، ط آل البيت.
[14] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج9، ص521، أبواب خمس، باب3، ح2، ط آل البيت.