الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/05/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع / جواز التصرف في بعض ما تعلق به الخمس..../ خمس ارباح المكاسب / كتاب الخمس

مسألة (76): يجوز له ان يتصرف في بعض الربح ما دام مقدار الخمس منه باقياً في يده، مع قصد اخراجه من البقية، إذ شركة ارباب الخمس مع المالك انما هي على وجه الكلي في المعين، كما ان الامر في الزكاة أيضاً كذلك. وقد مرَّ في بابها (1).

1)اقول: ان جواز التصرّف في بعض الربح مبنيّ على احد امور ثلاثة:

الأوّل: ما اختاره صاحب العروة قدس سره: من ان الخمس متعلّق بالعين من قبيل الكلّي في المعيّن كما في الزكاة (اذن لا شركة في نفس الاعيان الخارجية) بل الاعيان الخارجية باقية على ملك المالك، فله ان يتصرف في بعضها ما دام يبقى للكلي مقدار يقبل الانطباق عليه.

ويرد على هذا الأمر: ما تقدّم في المسالة السابقة من عدم دلالة الأدّلة عليه، بل ظاهر الأدلّة ان الخمس والزكاة قد تعلّقا بالمال على نحو الشركة في المالية.

ثم لو صحّ ما ذكره صاحب العروة قدس سره فان التقييد الذي ذكره صاحب العروة قدس سره وهو «مع قصد اخراج الخمس من البقية» لم يتضح له وجه، إذْ له التصرف وان لم يقصد الإخراج، لأنّ مقدار الكلي موجود وهو لأهل الخمس.

ولهذا لم يذكر الماتن قدس سره هذا القيد في الزكاة حين قال في مسألة (31) من زكاة الغلاّت: الاقوى ان الزكاة متعلّقة بالعين لكن لا على وجه الاشاعة بل على وجه الكلي في المعين، وحينئذٍ فلو باع قبل اداء الزكاة بعض النصاب صحّ اذا كان مقدار الزكاة باقياً عنده» فهو هنا لم يذكر قصد الاخراج من الباقي، فلاحظ.

الثاني: ان الخمس متعلّق بالعين من قبيل الشركة في المالية «كما في الزكاة» وهذه الشركة في المالية كلّي ينطبق على ابعاض العين، وحينئذٍ لا مانع من التصرّف في البعض اذا بقي للماليّة الكلية ما ينطبق عليها خارجاً.

ويرد على هذا الأمر:

1ـ عدم صحّة قياس الخمس على الزكاة بعد ظهور الأدلّة هنا في الاشاعة، اذ قالت الآية الكريمة: «واعلموا انما غنمتم من شيء فان لله خمسه وللرسول....»[1] وهو ظاهر في ان المتعلّق هو خمس المغنم نفسه بحيث يكون الخمس المشاع للمستحق، كما اذا قال: بعت نصف الدار الذي هو ظاهر في الكسر المشاع.

وقوله عليه السلام في موثقة سماعة: (ما افاد الناس من قليل او كثير ففيه الخمس)[2] ، فان الكسر المشاع جزء من المركب.

ولكن هذا باطل: لأننا قلنا فيما تقدّم من ان قوام الغنيمة والربح هو المالية لا الغنيمة، وقلنا بقرينة الضرائب انها في الماليات وليست في الاعيان وان كانت الضريبة على العين، والروية مسمع بن عبد الملك التي حوّلت الغوص الى نقد، وجاء للأمام بخمسه، ولم ينكر عليه ذلك، بل أقرّه عليه.اذن لهذه للأدلّة وغيرها قلنا: ان الخمس في العين على جهة الشركة الناقصة التي سميناها «الشركة المالية».واذا تركنا الاشاعة للأدلّة على عدمها كما تقدّم ذلك، ولكن نقول: ان الشركة في المالية أيضاً تمنع من التصرف في المال والعين التي تعلّق بها الخمس، وذلك لأنّ المالية ليست كلية، وانما هي سارية في جميع اجزاء العين، فكل جزء من العين مشترك بين المالك والمستحق ولكن لا بعينه، بل بماليته مثل شركة الزوجة مع الورثة في مالية البناء وان لم ترث من نفس الاعيان، ولذا لم يكن للوارث التصرّف قبل اداء حقّ الزوجة لأنّ المالية سارية في تمام الاجزاء.

الثالث: ما قد يقال: بما انّ الخمس مثل الزكاة ضريبة مالية، فكما جاز في الزكاة التصرف للمالك في المال الذي عليه الزكاة مع ان الشركة ماليّة، فكذا في الخمس لان الخمس ضريبة مالية كالزكاة.

وهذا الأمر الثالث يحلّ لنا اشكالاً توجّه الى الخمس وهو: اذا كانت الشركة في الخمس مالية وهي لا تستوجب جواز التصرف في بعض الربح فلماذا قال العلماء بجواز ان يتصرف مالك المال في المال الذي عليه الزكاة فقالوا بجواز ان يتصرف في البعض قبل إخراج الزكاة؟.

والجواب: انما التزمنا بجواز ان يتصرف المالك في بعض ما عليه الزكاة مع أنّ الشركة ماليّة استناداً الى نصوص العزل وجواز الافراز للمالك، وان المالك له ولاية على تعيين الزكاة في بعض العين، وله ولاية على تعيين بعض الزكاة ايضاً بالأولوية.

وحينئذٍ نقول: ان لازم العزل هو تعيين حصة المالك في الباقي، اذن المالك له ولاية على تعيين حصته الشخصية من العين، وله ولاية على تعيين بعض حصته الشخصية.

اذن يجوز له ان يتصرف في بعض المال الذي هو خاضع للزكاة، لأنّ تصرّفه هذا يرجع الى تعيين بعض حصته فهي له والزكاة في الباقي.امّا في باب الخمس: فلم يرد دليل على جواز عزل الخمس بحيث لو تلف المعزول لم يضمن. ولا داعي لإجراء احكام الزكاة باجمعها في الخمس وان كانت الزكاة كالخمس من سنخ واحد حيث انهما ضريبتان، ولكن هذا لا يوجب تماثلهما في التفصيل كالولاية في العزل، فالتماثل في جعلها لا يوجب التماثل في تفصيلاتها، فثبوت الولاية في العزل في الزكاة لا يوجب الولاية في عزل الخمس خصوصاً اذا فهمنا ان الزكاة يجوز ان يصرفها صاحبها دون الخمس لأنه للإمام ولم يجز ذلك.اذن لا يجوز للمالك ان يتصرف في ماله الخاضع للخمس مادام مقدار الخمس فيه باقياً سواء قصد اخراجه من الباقي ام لم يقصده خلافاً لصاحب العروة قدس سره.

 


[1] الأنفال/السورة8، الآية41.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج9، ص503، أبواب یجب فیه الخمس، باب9، ح6، ط آل البيت.