الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/04/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع / عدم جبر خسارة تجارة بربح تجارة اخرى/ خمس ارباح المكاسب/ كتاب الخمس

مسالة (74): لو كان له رأس مال وفرّقه في انواع من التجارة فتلف رأس المال أو بعضه من نوع منها، فالأحوط عدم جبره بربح تجارة اخرى، بل وكذا الأحوط عدم جبر خسران نوع بربح اخرى. ولكن الجبر لا يخلو عن قوة، خصوصاً في الخسارة. (1).

1)اقول: هذه المسالة التي طرحها صاحب العروة قدس سره لها اثنى عشر قسماً وهي:

1ـ تجارة واحدة.2ـ تجارات متعددة.3ـ زراعة وتجارة.وهذه الثلاثة اما يحصل فيها تلف أو خسارة وحاصل ضرب ثلاثة في اثنين فالأقسام ستة.وكل من التلف والخسارة اما ان يكون متقدّماً على الربح أو متأخراً وحاصل ضرب الستّة السابقة في هذين الوجهين يكون الناتج اثني عشر قسماً.وفي كل هذه الأقسام لا تصدق الفائدة فتجبر من الربح. اي كل هذه تنسب الى المالك واذا حصلت فائدة فهي للمالك، واذا حصل خسران أو تلف فعلى المالك.ففي هذه المسالة يكون الكلام في تلف أو خسارة أو سرقة حصلت في رأس المال المعدّ للتجارة.وقد فصّل صاحب العروة قدس سره بين تجارة واحدة كتجارة الملابس، فتلفت بعض اجناس الملابس الفاصونة وربحت بعض اجناس الملابس الاخرى كالحرير وكذا اذا كانت عنده تجارة واحدة في وقتين في الملابس في سنة واحدة ولكن خسر في عباءاتِهِ الشتوية وربح في تجارته بالعباءات الصيفيّة، فهنا يجبر الخسارة بالربح سواء تقدّم الربح أو تقدّم الخسران. ودليله هو: ان العرف والعادة جرت على احتساب الربح والخسارة في المجموع لا في كل واحد من التجارات، ففي آخر السنة يلاحظ المجموع ويحاسِب نفسه كأنه قد دخل معاملة واحدة تجارية بالملابس قد خسر فيها أو ربح. وبين ان يكون له استثمارات تجارية وزراعية، فاذا خسر أو تلف في بعض هذه الاستثمارات كالزراعة وربح في التجارة فانه لا يجبر بربح التجارة وكذا العكس «اي خسر أو تلف في التجارة وربح في الزراعة».وبين ما اذا كانت عنده تجارات في الرز والذهب فخسر او تلف في احدها وربح في الأُخرى فالاحوط عدم الجبر وان كان الاقوى الجبر.وهذا التفصيل من صاحب العروة قدس سره منسجم مع رأيه من انّ أوّل السنة هو الشروع في الكسب ولكن السيد الخوئي قدس سره ناقش صاحب العروة فقال:

ان الخسارة أو التلف في رأس المال اذا حصلت في سنة سابقة فانه لا يجبر في ربح السنة اللاحقة ولو في جنس واحد ذلك لأن كلّاً من السنتين موضوع مستقل وله حكم خاص.

وهذا لا يختلف مع صاحب العروة قدس سره ظاهراً لأن كلام صاحب العروة هو في الخسارة أو التلف في رأس المال والربح في نفس السنة، وليس في السنة الثانية.ويرد على السيد الخوئي قدس سره: اننا نقول اذا خسر مالاً وصرفه في سبيل تحصيل الربح «كما اذا صرف مالاً في استخراج المعدن أو في تجارة السيارات» ثمّ حصل خسران في المعدن أو السيارات فانه يستخرج من الربح اذا حصل فيهما بعد ذلك لأن الربح بعد مؤنة مورد الخمس، وهذا لا يتقيّد بالسنة، فاذا اشتغل باستخراج المعدن عدّة سنين وكذا اذا اشتغل بتجارة استيراد السيارات وكانت مدّة استيرادها اكثر من سنة وصرف مالاً لهذا الغرض وكان هذا الصرف ممّا يتوقّف عليه الربح، ثم خسر أولاً وربح ثانياً، فكل ما صرف وكل ما خسر أو تلف يستثنى من الربح الذي حصل اخيراً ولو كان الخسران في سنين متقدمة عديدة. نعم التقييد بالسنة انما يثبت في مؤنة الشخص وعائلته.

2ـ قال السيد الخوئي قدس سره: اذا كانت الخسارة او التلف في رأس المال سابقة على حصول الربح اللاحق في التجارة الواحدة في وقت واحد أو في وقتين من السنة أو التجارة المتنوعة كتجارة الحبوب وتجارة الثياب وتجارة السمن فلا تنجبر من الربح اللاحق، نعم اذا حصل ربح اولاً ثم حصلت خسارة بعد ذلك في التجارة الواحدة أو المتعددة فأنها تنجبر بالربح.

ودليل السيد الخوئي قدس سره هو: ان اول السنة هو ظهور الربح وليس الشروع في الكسب فحينئذٍ اذا خسر اولاً ثم ربح، فالربح خاضع للخمس باستثناء مؤنة ربحه ومؤنة نفسه وعياله، وعندها ستكون الخسارة السابقة ليست مصروفة في مؤنة الربح ولا في مؤنة اعاشته واعاشة عياله والخسارة السابقة لا توجب عدم صدق الربح المتأخر، فلماذا تجبر بالربح الذي يأتي بعدها؟!!وكذا الحال في الصرف في المؤنة قبل ظهور الربح فانه لا يجبر بالربح المتأخر.

نعم الجبر يختص بصورة ما اذا حصل ربح وبعد ذلك حصلت خسارة في سنة واحدة، فإنها تجبر بالربح السابق، لأنه لا يصدق عليه انه استفاد، لأن الربح السابق اذا جاء بعد خسران فهو في حكم العدم هذا ما ذكره السيد الخوئي قدس سره في مستنده[1] .

 


[1] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج25، ص280.