الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/03/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: هل يسقط الخمس بعد استقرار الربح ثم الاقالة/ خمس ارباح المكاسب/ كتاب الخمس

مسألة (58): لو اشترى ما فيه ربح ببيع الخيار، فصار البيع لازماً، فاستقاله البائع فأقاله، لم يسقط الخمس. الاّ اذا كان من شأنه ان يقيله كما في غالب موارد بيسع شرط الخيار اذا ردّ مثل الثمن (1).مسألة (59): الأحوط اخراج خمس رأس المال اذا كان من أرباح مكاسبه، فاذا لم يكن له مال من أوّل الأمر فإكتسب، أو استفاد مقداراً وأراد أنْ يجعله رأس المال للتجارة ويتّجر به، يجب اخراج خمسه على الاحوط ثم الإتّجار به (2). 1)ان لزوم البيع بتمام زمن الخيار وعدم الفسخ وحُصول الربح حالتان:

الحالة الاولى: إنْ لزم البيع وحصل الربح في سنة الربح ولم تنته سنة الربح، فالخمس واجب لم يستقر، اي يجوز صرفه في المؤنة.

الحالة الثانية: لوم البيع وحصل الربح في سنة الربح وبقى الى السنة الثانية، فاستقرَّ الربح ولا يجوز صرفه في مؤنة السنة الثانية.

ففي الحالة الاولى: يصح كلام صاحب العروة قدس سره وذلك: لأنّ الخمس وإنْ وجب في ربح السنة الاّ انه لا يجب الإخراج الاّ بعد المؤنة، ومن المؤنة ما اذا وهب الى الآخرين من الربح فهو مؤنة اذا كان من شأنه الهبة، وكذا اذا أقال غيره فتنازل عن هذا الربح الذي عنده، فهو من المؤنة، فيسقط الخمس في هذا الربح الذي صار مؤنة السنة.

نعم اذا كانت الهبة أو الإقالة ليست من شأنه عرفاً فلا يسقط الخمس، لأنّ المكلّف لا يسقط عنه الخمس بإتلاف الربح، وحينئذٍ اذا جاء البائع بالثمن بعد إنتهاء زمن الخيار بساعة أو اكثر فتأخر عن زمن الخيار لعارض عرض له فتأخر، فهنا يكون عدم الإقالة مخافة للإنصاف عرفاً، وتكون الإقالة كالهبة التي يبذلها المالك أثناء السنة لأرحامه وجيرانه، فلا تعدّ إسرافاً ولا تبذيراً. فهي مستثناة من الأرباح.ثم اننا اذا قلنا انّ الإقالة للبائع معن طلبها هي مستحبة، فالعمل بها في سنة الربح مؤنة كما صرّح بذلك السيد

 

الخوئي قدس سره فقال: فأن الاقالة من الانصاف[1] ولا شك ان الانصاف مستحب والمستحبات من المؤنة.

اقول: نعم نحن نختلف مع صاحب العروة قدس سره في التعبير، فإننا نفضّل ان يكون التعبير هكذا: «لو اشترى ما فيه ربح ببيع الخيار، فصار البيع لازماً في سنة الربح «وهي الصورة الاولى التي فرضها صاحب العروة قدس سره» فاستقاله البائع فأقاله يسقط الخمس الاّ اذا كانت الإقالة ليست من شأنه بينما صاحب العروة قدس سره قال لا يسقط الخمس الاّ اذا كانت الإقالة من شأنه هي الغالبة.

2)اذا جاء ربح كهدية عشرة الآف دولار وأراد ان يجعلها رأس مال لتكسبه أو اذا لم يكن له مال من الاوّل، فإكتسب مقداراً وأراد ان يجعله رأس مال تجارته فالأقوال ثلاثة، بل اربعة:

القول الاول: يجب اخراج خمس ما أُهدي اليه أو ما إكتسبه ثم يتّجر بالباقي، وهذا الذي ذهب اليه صاحب العروة قدس سره إحتياطاً ولعلّه مشهور المتأخرين.

القول الثاني: وذهب جماعة الى الفتوى به فقالوا بوجوب تخميس ما اكتسبه ثم الاتّجار به.

القول الثالث: التفصيل «وهو الذي ذهب اليه السيد الخوئي قدس سره» فقال: اذا كان كسبه الذي يريد جعله رأس مال له يعادل مؤنة السنة، فلا خمس فيه، وأمّا اذا كان زائداً على مؤنة السنة ففي الزائد على ما يعادل مؤنة السنة الخمس[2] .

القول الرابع: وهو عدم وجوب تخميسه مطلقاً، فانْ كان ما اكتسبه بقدر مؤنة سنته أو اكثر اذا جعله رأس مال معيشته فلا خمس فيه، نعم الاحوط اخراج خمسه وهذا هو رأي صاحب الجواهر قدس سره[3] .

اقول: لابدّ من ذكر امور تمهيدية للوصول الى حكم هذه المسألة:

أولاً: لا إشكال في ان المؤونة الفعليّة ليس فيها خمس، وكذا لا إشكال في ان المؤونة غير الفعليّة فيها الخمس، كما اذا كانت مؤونة للسنة الثانية والثالثة بعد الربح.

ثانياً: ان الروايات لم تتعرّض لرأس المال ولم تذكر أنّ الخمس فيه ولم تذكر عدم الخمس فيه.

ثالثاً: اذا شككنا في أنّ رأس المال من المؤونة ام ليس من المؤونة، فالأصل عدم كونه من المؤنة فيتحقق موضوع العام وهو الخمس في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير فتكون النتيجة وجوب الخمس.

وأمّا حكم هذه المسألة فهو متوقف على انّ رأس المال الذي يحتاج صاحبه لربحه في مؤنته[4] يعتبر مؤنة فعلية مثل اللباس والظروف التي تعدّ للأكل والشرب والمأكل والملبس والمسكن ونحوها فلا خمس فيه، ام لا يعَدُّ مؤنة فعليّة فعليه الخمس؟ وعمدة الخلاف هو في هذا الأمر.


[1] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج25، ص248.
[2] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج25، ص249.
[3] جواهر الكلام، النجفي، الشيخ محمد حسن، ج16، ص373.
[4] امثلة ذلك كثيرة، منها ان يشتري بربحه سيارة لأجل التعيّش منها في سنينه الآتية، ومنها ان يشتري بربحه بضاعة ليتكسب بها ويربح منها فتكون مؤنة لسنين آتية، ومنها ان يدفعه الى مضاربٍ ليعمل به بنسبة من ارباحه فيتعيّش المضارب بالربح الحاصل من المضاربة واشباه ذلك. من الاستاذ حفظه الله.