الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/03/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ تعدد السنة للأرباح ووحدتها/ خمس ارباح المكاسب/ كتاب الخمس

وبعبارة واضحة: ان الأدلّة القائلة بأن الخمس بعد مؤنة العام[1] ، لها معنيان:

المعنى الأول: عام لجميع الارباح (اي سنة لجميع الارباح).

المعنى الثاني: عام لكل ربح (اي سنة لكل ربح) فان دلّ الدليل على المعنيين، فتكون النتيجة التخيير بين المعنيين

نفع وخسارة، فلا فرق بين ان نختار الطريقة الاولى (المشهورة) أو نختار الطريقة الثانية غير المشهورة.

ملحوظة: ان جواز وصحة كلا الطريقتين يعني اختيار احدهما للمكلّف، لا أنّه يُلَفّق بين الطريقتين فيستفيد من النفع منهما ويدفع الضرر عليه منهما، مثلاً اذا جعل لبعض ارباحه غير المهمة رأس سنة فهو يستخرج من هذه الارباح المؤن التي تكون بعدها والمؤن التي تكون قبلها، ثم يجعل لبعض ارباحه المهمة سنة مستقلة، فلو حصلت له قبل سنته المجعولة، فهو لا يخضعه للخمس بل يقول لها سنة مستقلة فيستخرج منها مؤنة السنة التي بعدها، فحصل على كلا النفعين.

اذن:1ـ المؤنة الكبيرة التي تكون بين الارباح قد استثناها من الارباح اللاحقة.2ـ وكذا المؤنة التي حصلت قبل الربح قد استثناها من الربح المتأخر.3ـ والربح الحاصل في آخر السنة لم يخضعه للخمس، بل جعل له رأس سنة مستقلة، وهذا أيضاً قد فرّ من كلا الضررين، اذ الربح المتأخر الذي ينبغي ان يخمسه بأجمعه اذا لم يصرف في المؤنة وان كانت له مؤنة متقدمة، قد فرّ منه ولم يدفع خمس كل الربح المتأخر، لأنه جعل له رأس سنة مستقلة وضرر الطريقة الثانية وهي ما اذا صرف قبل حصول الربح فلا يجبر من الربح المتأخر، قد فرّ منه وجبره.

وهذا أمر لا يجوز وذلك: لأن دليل الطريقة الاولى اذا كان هو السيرة المتشرعية من قبل المسلمين والتجّار والصناع وغيرهم فهي دليل لبّي لا بدّ من الاقتصار عليه، ولا دليل على صحّة التلفيق بين الطريقين[2] واحتساب سنة واقعية وجديدة للأرباح المتأخرة «اي آخر السنة» واذا كان النظر الى الادلّة اللفظية، فالظاهر ان بعضها ظاهر في صحة الطريقة الاولى وبعضها ظاهر في صحّة الطريقة الثانية كالروايات القائلة: «الخمس بعد المؤنة» فاثبتت ربحاً واثبتت مؤنة بعد الربح ثم اثبتت الخمس، فهي تدلّ على صحّة الطريقة الثانية.

امّا من يريد ان يجمع بين الطريقتين: فيجعل لقسم من الارباح التدريجية وغير المهمّة سنة جعلية فتكون كل الارباح كربح واحد، ثم يستثني مؤنة السنة من جميع الأرباح حتى المؤنة التي تكون قبل الربح فإنه يستثنيها من الربح اللاحق، ثم يجعل لما حصل في آخر السنة الجعلية، وكان مهّماً رأس سنة مستقلة بحيث لا يخمّسه بعد السنة الجعليّة الأُولى، فان هذه الطريقة التلفيقية لم يدلّ عليها دليل لأنها ليست مشمولة للأدلّة الدالّة على الطريقة الأُولى وليست مشمولة للأدلّة الدالّة على الطريقة الثانية، فلاحظ.

أقول: يوجد فرق بين مختار السيد الخوئي قدس سره وبين ما قاله المشهور من جعل سنة واحدة لكل الأرباح

ويستثنى من الأرباح مؤنة السنة، إذْ ان المشهور قال: بانّ المؤنة التي تكون قبل حصول الربح تستثنى من الربح المتأخر

بخلاف السيد الخوئي قدس سره فانه قال: ان المؤنة التي تكون قبل حصول الربح لا تستثنى من الربح المتأخر، لأنّ ظاهر (الخمس بعد المؤنة)[3] هو ان المؤنة التي مع حصول الربح أو بعده هي التي تستثنى من الربح، ولا تستثنى المؤنة قبل حصول الربح.

والصحيح هو ما ذكره المشهور: لأن اطلاق الربح بعد المؤنة فيما اذا جعل له سنة لكل ارباحه يشمل ما اذا كانت المؤنة مع الربح أو بعده أو قبله، وحينئذٍ ستكون الطريقة الاولى فيها نفع للمكلّف وفيها ضرر كما تقدّم.

امّا الطريقة الثانية: وهي لكل ربح سنة تخصّه فهنا يصح كلام السيد الخوئي قدس سره من ان مؤنة ما قبل الربح لا يستخرج من الربح المتأخر، وهذا هو ضرر الطريقة الثانية، ونفعها هو ما اذا حصل ربح في آخر السنة فلا يجب تخميسه فوراً.

 


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج9، ص499، أبواب یجب فیه الخمس، باب8، ح1، ط آل البيت.
[2] اقول: ويمكن ان يكون الاجماع المركب دليل العدم أو قل القول بعدم الفصل ان احرزنا لا قائل بالتلفيق أو عدم القول بالفصل ان لم نحرز عدم القائل بالتلفيق. وذلك بتقريب ان الاعلام بين مَن قال بالطريقة وبين من قال بالطريقة الثانية وكل منها لازم قوله نفي القول الثالث وهو التلفيق وهذا اجماع مركب على عدمه أو قل قول بعدم الفصل أو عدم القول بالفصل. المقرر.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج9، ص499، أبواب یجب فیه الخمس، باب8، ح1، ط آل البيت.