الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/03/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ اذا كانت الزيادة حاصلة بعد المعاوضة/ خمس ارباح المكاسب كتاب الخمس

الفرض الثاني: ان يكون المال الذي ملكه الانسان, بمعاوضة, وهذه المعاوضة التي حصلت لها منظوران:

المنظور الأوّل: الإتجّار والتكسّب لأجل التحفّظ على المالية وزيادتها «فالمعاوضة لا تنظر الى خصوصيات صاحبها من انتفاع بنفس العين التي اشتراها, بالسكنى في البيت أو الركوب في السيارة أو ينتفع بأُجرة البيت أو السيارة أو لأجل الإستفادة من نماء البستان».

وهنا اذا اشترى العين في اول السنة بسعر قليل ثم زادت قيمتها في آخر السنة أو وسطها, فيجب عليه خمس

الزيادة وان لم يحصل البيع وذلك لصدق الفائدة والربح فيما اذا كان يمكن بيعها بمال اكثر من مال الشراء, ولا تعتبر فعليّة التبديل, ولهذا يقال فلان اكثر ثروة وماليّة من فلان حيث يمكن ان يبيع ما يملكه بأكثر ممّا يملكه الآخر, وبأكثر ممّا اشتراها به.

المنظور الثاني: كما اذا كان قد اشترى العين لأجل خصوصياته الفرديّة, كالإنتفاع من نفس العين بالسكنى كالبيت والبستان للإستجمام والراحة في الاسبوع ليومين, أو ركوب العين كالسيارة أو الانتفاع منها بالاجارة أو لأجل ان يرتاح ويستفيد من نماء البستان, ففي هذه الصورة لا يصدق الربح ما لم يبع العين اذا ترقّت العين, نعم اذا باع

هذه العين بزيادة يصدق عنوان الربح والفائدة كما اذا اشترى العين بخمسين وباعها بمائة.

اذن هنا نفصّل بين بيع بزيادة فيجب الخمس في الزائد, سواء باعها بنفس جنس ما اشتراها أو بجنس آخر اذا كان البيع بأكثر من ماليّة الجنس الآخر, فالنظر الحقيقي هنا الى الماليّة فهي الميزان عند العقلاء.

وبين ما اذا لم يبع العين فلا يجب الخمس وان زادت العين زيادة بحسب السعر السوقي.

أقول: هناك حالة وهي ما اذا اشترى بيتاً للقنية ولخصوصياته كما اذا كان له أولاد كثر واشترى بيتاً لسكناهم واسكنهم فيه قبل مرور سنة على الربح, فالكلام هو الكلام السابق, وامّا اذا اشتراه لأجل ان يسكن فيه ولده الذي يريد ان يزوجه بعد ذلك ومرّت سنة على الربح فهنا لابد من تخميسه لأنه ربح مرّت عليه سنة, ثم في هذه الحالة اذا زادت القيمة السوقية فلا يصدق الربح الاّ بعد البيع, فلاحظ.

ملحوظة: لتوضيح ملاك ارتفاع القيمة السوقية:

أقول: قد يكون ارتفاع القيمة السوقيّة في العين المشتراة بالمعاوضة سواء كانت للتجارة أو للإقتناء من قبيل صيرورة الخلّ أو الطرشي معتّقاً أو صارت السلعة عتيقة, أو صارت الأرض على شارع مهم أو غيّر مجرى النهر فصارت الارض عليه وامثال هذه الأُمور.

فهنا لا ينبغي الإشكال في صدق الإفادة عرفاً وعقلاً سواء باع العين أم لم يبع «رغم عدم زيادة العين» ولكن وُجدت صفات في العين وهي زيادة وربح وفائدة وكذا اذا اشترى داراً مسلوبة المنفعة لمدّة عشر سنين ومضت السنين

العشر فصارت قيمتها أكثر من قيمة الشراء, فهنا تصدق الفائدة قطعاً.

اذن: من هنا نفهم انّ قوام الفائدة والافادة في هذه الأمثلة بالمالية وليس بالعين الخارجيّة, حيث لا زيادة في العين

 

مسألة(54): اذا اشترى عيناً للتكسّب بها فزادت قيمتها السوقية, ولم يبعها غفلة أو طلباً للزيادة, ثم رجعت قيمتها الى رأس مالها أو قل قبل تمام السنة, لم يضمن خمس تلك الزيادة, لعدم تحققها في الخارج نعم لو لم يبعها عمداً بعد تمام السنة وإستقرار وجوب الخمس ضمنه(1).

الخارجيّة أصلاً خصوصاً في الارض حيث لم تتغيّر حتى أوصافها ومع ذلك تصدق الفائدة.

ومعنى هذا أنّ ماليّة العين زيادة ونقيصة لا تنحصر بزيادة العين أو بنقصها بل قد يرتبط بقانون العرض والطلب وقد يكون كثرة الطلب لوجود صنعة في السلعة المشتراة, فكلما كثر الطلب على السلعة زادت قيمتها وإنْ قلّ الطلب عن السلعة نقصت قيمتها.

ولكن هذا يصدق اذا ارتفعت قيمة سلعة واحدة أو اكثر من دون ارتفاع بقيّة السلع في السوق.

اما اذا ارتفعت قيمة كل السلع بنسبة متقاربة أو واحدة, فحينئذٍ لا تكون هناك فائدة لانّ هذا في الحقيقة ليس إرتفاعاً لقيمة الاعيان, بل هو انخفاض لقيمة النقد وماليته.

أقول: ان هذا الكلام صحيح فيما اذا زادت القيمة السوقية لكل السلع وبقيت النقود كما هي, فاذا كان يربح في كل سلعة يبيعها بعشرة خمساً من العشرة, فهنا اذا تنزّل النقد وارتفعت كل السلع فاذا باع تلك السلعة التي كانت قيمتها عشرة بخمسة عشر فهو لم يربح خمساً, فلا يصدق عنوان الربح, لأن العشرة السابقة كانت ماليتها ربع مثقال ذهباً والآن العشرون تساوي ربع مثقال ذهباً فلم يصدق الربح, أمّا اذا زادت القيمة السوقية لكل السلع,

وضوعفت النقود كما في الاوراق النقدية فعندما تزداد النقود الاعتبارية (الورقية) تزداد القيمة فما كان يربح في السلعة التي تباع بعشرة هو خمس , فالآن عندما يبيعها بعشرين ايضاً ربح خمساً, فالربح موجود ويصدق في هذه الصورة, فلاحظ.

1)تقدّم من المصنف رحمه الله: ان الزيادة الماليّة قد تصدق من دون بيع خارجي في المعاوضة اذا كانت للتجارة, فيجب الخمس ولكن هذه المسألة هي بمثابة تقييد لتلك الزيادة التي حصلت في الماليّة, ويجب تخميسها, يقيّدها بما اذا لم تزُلْ تلك الزيادة في ضمن السنة واليك التوضيح:

الصورة الأُولى: اذا إرتفعت القيمة السوقية للسلعة التي اشتراها ثم رجعت القيمة السوقية الى السعر الأوّلي أو أنقص منه في ضمن السنة, فهنا لا يجب خمس الزيادة التي حصلت في الأشهر الأُولى من السنة وذلك: لأنه تَلَفَ ربحه وتلفت فائدته في نفس السنة, فكما انّ المؤنة تستخرج من الربح فكذا الخسارة تُستثنى من الربح اذا حصلت

الخسارة قهراً في ضمن السنة, لأنّ الشارع رخص للمكلّف في تأخير إخراج خمس الربح, وهذا يعني ان الخمس الذي

وجب عند حصول الربح لم يستقرّ على المكلف, فلا يجب إخراجه اذا زال بزوال قهري.

الصورة الثانية: اذا ارتفعت القيمة السوقية للسلعة وطُلبت بالسعر الأعلى ولم يبع وقد مرّت السنة, فهنا قد استقرَّ وجوب الخمس, فاذا تنزّلت القيمة بعد السنة «اي بعد استقرار وجوب الخمس» فهنا قد تحققت الزيادة على المؤنة خارجاً, ولم تتلف هذه الزيادة في ضمن سنة الخمس حتى تستثنى من الارباح, اذن يجب تخميسها, وحينئذٍ اذا أخّر إعطاء الخمس عمداً بعد سنة وكانت الزيادة متحققة, فيجب عليه اداء خمس الزيادة اذا نقصت القيمة في السنة الثانية, لأنّه ليس له ولاية على تأخير الخمس بعد انتهاء السنة وحصول الزيادة.