الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/02/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ الخمس في الميراث مطلقاً/ خمس ارباح المكاسب / كتاب الخمس

كما اذا كان له رحم بعيد في بلد آخر لم يكن عالماً به فمات وكان هو الوارث له(1).

القول الثالث: وهو وجوب الخمس في الميراث مطلقاً، ولعلّ هذا هو الأصحّ الأقوى كما انه موافق للإحتياط أيضاً ودليله هو:

أولاً: لأنّ الإرث داخل في معنى الفائدة قطعاً، فتشمله الأدلّة المتقدّمة المصرّحة بانّ الخمس في كل فائدة ودعوى انصراف الفائدة عن الإرث عهدتها على مدّعيها.

ثانياً: لو كان عدم الخمس ثابتاً في الارث وهو عام البلوى ويحدث كل يوم لكان من الواضحات مع انه لم يصرّح به ولا أُشير اليه في كلمات قدماء الاصحاب، بل انّ ابا الصلاح الحلبي ذهب الى التصريح بثبوت الخمس في الإرث كالهدية، فلاحظ.

نعم الارث المحتسب هو فائدة يكون الخمس فيها بعد استثناء مؤنة السنة امّا الارث غير المحتسب فهو غنيمة كغنيمة الكنز فيجب فيه الخمس قبل استثناء المؤنة، وقد صرّحت به صحيحة ابن مهزيار[1] والله العالم.

1)هذه شروط ثلاثة ذكرها صاحب العروة قدس سره للإرث غير المحتسب وهي:1ـ ان يكون من رحم بعيد.2ـ في بلد آخر.3ـ لا يعلم به.

أقول: امّا الشرط الأوّل: فقد ذكر له في الرواية[2] جملة تقول: «الميراث الذي لا يحتسب من غير اب ولا ابن»

وظاهر ذكر «من غير اب ولا ابن» هو المثالية، فيحمل على إرادة مطلق الطبقة الاولى في الإرث كالأُم والبنت أيضاً.

وامّا الشرط الثاني: فهو لا دخل له في الإرث غير المحتسب، فقد يكون إرث غير محتسب مع كون الوارث مع المورّث في نفس البلد.

ولا دلالة في الرواية على كون الوارث في غير بلد المورّث.

اما الشرط الثالث: وهو عدم العلم بالمورِّث، فلا دخل له في صدق الارث غير المحتسب، فقد يعلم به لعلمه بقواعد الإرث.

اذن هذه الشروط الثلاثة لم يصحّ منها الاّ الشرط الأوّل، والرواية الصحيحة[3] ليست بصدد بيان شروط الإرث غير المحتسب، بل هي بصدد شرح الارث غير المحتسب وذكرت تطبيقاً له، لا أنّ ما ذكرته الصحيحة[4] هو المثال المنحصر للإرث غير المحتسب، فلاحظ.

وكذا لا يترك في حاصل الوقف الخاص بل وكذا في النذور والاحوط إستحباباً ثبوته في عوض الخلع والمهر ومطلق الميراث حتى المحتسب منه ونحو ذلك(1).

ومثال آخر للإرث غير المحتسب مع إجتماع الوارث والمورّث في نفس البلد مع العلم بالمورّث وهو – المثال - : اذا كان هناك اخوان، احدهما عمره ثمانون سنة والآخر عمره اربعون سنة، ولهذا الأخ الصغير أولاد ولهم اولاد أيضاً ثم جاءت زلزلة فمات الاخ الأصغر مع اولاده واولاد اولاده، وحينئذٍ سيكون الوارث هو الاخ الأكبر، إمّا لموت الاولاد واولاد الاولاد اولاً فيكون الوارث هو الاخ الاصغر ثم بعد موته يرثه الأخ الأكبر مع عدم وارث له غير الأخ الأكبر.

وإمّا لموت الأخ الاصغر اولاً ثم اولاده ثم اولاد الاولاد، فالأخ الاكبر يكون عمّاً لآبائهم، وامّا لموت الاخ الأصغر ثم اولاد الاولاد ثم الاولاد فالأخ الأكبر يكون عمّاً لهم فيرثهم.اذن المراد من الميراث غير المحتسب هو عدم تخيّل الوارث الخارجي صيرورته وارثاً وعدم توقّع ذلك الاّ أنّه يحصل الارث في الخارج.1)قد يكون مراد صاحب العروة قدس سره من قوله (نحو ذلك) هو الدّيات وأرش الجنايات فلاحظ.

ثم نقول: يوجد فرق بين الإرث الذي تقدّم وقال المشهور بعدم الخمس فيه وخالفنا هناك وبين عوض الخلع والمهر الذي قال مشهور الفقهاء فيهما بعدم الخمس وهو الصحيح، اذن لا ينبغي عطف الميراث على عوض الخلع والمهر، وذلك:

1ـ لان عوض الخلع والمهر معاملة بين الزوج والزوجة، فيخرج عن كونه فائدة وربحاً، اي ان عوض الخلع يكون مقابل رفع الزوج يده عن سلطانه على الزوجة، فالمرأة تعطي عوض الخلع لتسترجع سلطنتها التي فقدتها بالزواج، فهي معاوضة، ولا يصدق عليها الربح، أو قل ان عوض الخلع هو بدل تهديم الزوجة لبيت الزوجية الذي أوجده الزوج.وكذا المهر، فانه وقع بإزاء الزوجية حيث جعلت الزوجة نفسها تحت تصرّف الزوج وسلطانه وحينئذٍ يكون المهر بدلاً شرعاً وعند العقلاء عن زوال سلطنة الزوجة على نفسها، فهذه معاوضة أو شبه معاوضة حيث لم يكن المهر ركناً في العقد، وهذا مثل تبديل كتاب بشاة فلا يصدق عليه انه فائدة، بخلاف الميراث الذي هو فائدة قطعاً.2ـ لا دليل على الخمس في عوض الخلع، ولا دليل على الخمس في مهر الزوجة، بل قامت السيرة في مهر الزوجة على عدم وجوب الخمس فيه، بخلاف الارث اذ لا يوجد قول بعدم الخمس فيه بل توجد اقوال بوجوب الخمس فيه من الفقيه ابي الصلاح وابن الجنيد والصدوق في الفقه الرضوي، وتوجد ادلّة روائية عامّة تشمل الفوائد التي تحصل بالإرث.اذن كلام صاحب العروة قدس سره في ثبوت الإحتياط الاستحبابي في الخمس في الإرث صحيح على مبنى المشهور القائل بعدم الخمس فيه، ولكن لا يصحّ على المبنى الذي اخترناه وهو وجوب الخمس في الإرث المحتسب وغير المحتسب لأنه فائدة ويدخل تحت ادلّة وجوب الخمس في كل فائدة، ولا نصّ على عدم الخمس فيه.نعم يصح كلام صاحب العروة قدس سره في استحباب الخمس في عوض الخلع وفي المهر على رأي المشهور ورأينا أيضاً.

 


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج9، ص501، أبواب یجب فیه الخمس، باب8، ح5، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج9، ص501، أبواب یجب فیه الخمس، باب8، ح5، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج9، ص501، أبواب یجب فیه الخمس، باب8، ح5، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج9، ص501، أبواب یجب فیه الخمس، باب8، ح5، ط آل البيت.