الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/02/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ خمس المال الموصى به/ خمس ارباح المكاسب/ كتاب الخمس

والمال الموصى به ونحوها بل لا يخلو عن قوة (1).نعم لا خمس في الميراث الاّ في الذي ملكه من حيث لا يحتسب فلا يترك الاحتياط فيه(2).1)نعم يجب الخمس في المال الموصى به على الموصى له على جميع المباني في المال الموصى به وتوضيح ذلك:

اولاً: اذا قلنا ان المال الموصى به كما اذا كان وصية عهدية كأن يقول الموصي الى وصيه اي فلاناً مائة دينار بعد وفاتي من ثلثي، فهذا هو عبارة عن هبة وهدية وتمليك مجّاني يتسلّمها حين الاعطاء فيجري فيها ما يجري في الهبة من وجوب الخمس لأنها فائدة قد حصلت بالإختيار والقصد.

وقد ذكرت صحيحة علي بن مهزيار وجوب الخمس في كل فائدة[1] .

ثانياً: اذا قلنا ان الوصية تمليكيّة كأن يقول الميّت: ثلثا مالي لزيد بعد وفاتي.

وهذه الوصية التمليكية قال عنها المشهور انها بحاجة الى قبول من الموصى له، فالأمر هنا كما في المورد الأول حيث تكون هذه الوصية التمليكية هبة وجائزة من الميّت يهديها بعد وفاته، فيكون الخمس واجباً فيها كما صرحت بذلك صحيحة علي بن مهزيار التي قالت ان الخمس واجب في كل فائدة، اذا حصل القبول.

ولكن بعض الفقهاء قال: لا حاجة الى القبول في الوصية التمليكية، ولعلّ هذا هو الأصحّ وذلك لعدم وجود دليل يدلّ على ان نفوذ الوصية التمليكية، بحاجة الى قبول، نعم ثبت بالاجماع ان الموصى له، له ان يردّ فما لم يرد فقد حصل على فائدة اختيارية، فيجب فيها الخمس أيضاً إستناداً الى صحيحة علي بن مهزيار القائلة: «فالغنائم والفوائد يرحمك الله فهي الغنيمة التي يغنمها المرء والفائدة يفيدها والجائزة من الانسان للانسان التي لها خطر»[2]

نعم من قال: بأن الخمس انما يجب في خصوص التكسّبات، فهو لم يقل بوجوب الخمس في الهدية والوصية والجائزة والهبة الاّ ان هذا القول ليس صحيحاً.

بل على ان القبول اذا حصل في هذه العناوين يجعلها من التكسّبات ولهذا يجب قبول الهدية حيث يجب الإكتساب للمنفعة ولا يجب القبول عند عدم وجوب الاكتساب كالاكتساب للحج[3] .

ثم ماذا يقول أصحاب هذا القول في نماء ما يشتريه الانسان، فان النماء فيه الخمس قطعاً مع انه ليس تكسّباً، وهذا يؤيّد القول بأنّ الخمس في كل فائدة تحصل للإنسان.2)الأقوال في وجوب الخمس أو عدمه في الميراث ثلاثة:

القول الأوّل: وهو عدم وجوب الخمس في الميراث مطلقاً، وهو قول المشهور وله دليلان:

الدليل الاوّل: عدم صدق الفائدة على الميراث وان كانت الفائدة والغنيمة لا تقتصر على غنائم وفوائد دار الحرب فتشمل غنيمة وفائدة المعدن والغوص والكنز وحتى الأرباح، امّا الإرث فلا يصدق عليه عنوان الفائدة فكان ما للأب للإبن أو للأبناء عرفاً فلا يعدّ غنيمة ولا فائدة.

ويرد عليه هذا الدليل انه باطل، فانّ الإرث فائدة قطعاً سواء كان ممّا يحتسب او لا يُحتسب فانّ المال هو مال الاب، وعند تقسيمه على الورثة فهو فائدة لهم قطعاً، خصوصاً للجدّ والجدّة والأخ والأخت والعمّ والعمّة والخال واولادهم.

الدليل الثاني: ما استدل به صاحب الجواهر قدس سره: وهو ان الارث وان كان فائدة الاّ أنّه لم يصدق عليه انّه تكسّب[4] وبما ان صاحب الجواهر يرتئي وجوب الخمس في خصوص التكسّب، فالأرث لا خمس فيه.

وقال صاحب الجواهر قدس سره ايضاً في رسالته العملية (نجاة العباد) بعد إحتياطه بالخمس في الارث حتى ممّا يُحتسب: (وان كان الأقوى عدم تعلّقه بما لا يُسمى تكسّباً)[5] .

اقول: يرد على ما ذهب اليه في الجواهر: أننّا لا نقبل المبنى الذي عليه فتوى عدم وجوب الخمس، لأنّ الأدلة التي تقدّمت أوجبت الخمس في كل فائدة سواء كانت كسباً ام غير كسب كما في الجائزة والهدية وغيرها.

القول الثاني: التفصيل الذي ذكره صاحب العروة قدس سره حيث فصّل بين الإرث المحتسب فلا خمس فيه وبين الإرث غير المحتسب ففيه الخمس.

ودليل هذا القول: صحيحة علي بن مهزيار التي فسّرت الغنائم: فقال عليه السلام: والغنائم والفوائد يرحمك الله فهي الغنيمة يغنمها المرء والفائدة يفيدها والجائزة من الانسان للانسان التي لها خطر والميراث الذي لا يُحتسب من غير أب ولا ابن[6] .

وهذه الصحيحة واضحة الدلالة حيث ادخلت الارث غير المحتسب في عنوان الغنيمة فيجب فيه الخمس.واما الإرث المحتسب وعدم الخمس فيه فقد قالوا بإنه لا يصدق عليه انه فائدة.ويرد على هذا التفصيل:

اولا: ان الإرث المحتسب هو فائدة قطعاً لأنّ المال هو مال الاب فتقسيمه من قبل الشارع على الورثة هو فائدة لهم عرفاً وحقيقة كما تقدّم ذلك ولهذا يبطل التفصيل.

ثانياً: ان الصحيحة التي ذكرت ان الإرث غير المحتسب فيه الخمس، فهو أمر صحيح ولكن لا تدلّ على ان الإرث المحتسب ليس في الخمس وذلك لان السؤال كان فيها عن تفسير الغنيمة التي يجب فيها الخمس فوراً مثل غنيمة الحرب او الغوص أو الكنز أو المعدن، فقال الامام عليه السلام: ان الإرث غير المحتسب هو غنيمة فيجب الخمس فوراً ولا تُستثنى الموؤنة (مؤنة السنة) منه وحينئذٍ لنا ان نقول: ان الارث المحتسب هو فائدة ومتوقّعة فيجب فيه الخمس بعد إستثناء مؤنة السنة، ولا دلالة على عدم الخمس فيه مع صدق الفائدة عليه وشمول الأدلّة المتقدّمة لوجوب الخمس في كل فائدة وجائزة وهدية، فليكن الإرث المحتسب المتوقّع من الرحم هو جائزة من الله متوقّعة وهدية من الله للورثة متوقّعة، ففيه الخمس بعد مؤنة السنة،

فالرواية ناظرة الى ما يحصل عليه الانسان من ارباح غير متوقّعة فذكر الامام عليه السلام مصاديق للفوائد غير المتوقعة التي تكون مساوقة مع الغنيمة، حيث ذكر منها الغنيمة والجائزة والميراث غير المحتسب فالروية بصدد تفسير الغنيمة التي لا تكون ربحاً متوقّعاً بخلاف ارباح المكاسب التي هي ارباح متوقعة وعرفية، وخلاف الارث المحتسب فهو هدية متوقعة تخمّس بعد المؤنة.

 


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج9، ص501، أبواب یجب فیه الخمس، باب8، ح5، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج9، ص501، أبواب یجب فیه الخمس، باب8، ح5، ط آل البيت.
[3] لكونه مقدمة وجوب وهي لا تجب اذ لو كانت مقدمة الوجوب واجبة فهي تجب اما بوجوب سابق عليها كمقدمة الواجب ولكن لا وجوب سابق عليها واما بوجوب لاحق لها وهو موجود بعد وجودها فلا معنى لايجابها وطلبها بعد حصولها لكونه تحصيلاً للحاصل. المقرر.
[4] جواهر الكلام، النجفي، الشيخ محمد حسن، ج16، ص56.
[5] نجاة العباد، النجفي، الشيخ محمد حسن، ج1، ص85.
[6] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج9، ص501، أبواب یجب فیه الخمس، باب8، ح5، ط آل البيت.