الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/08/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ جريان حكم رد المظالم على المال المختلط بالحرام بعد التلف/ المال الحلال المختلط بالحرام / كتاب الخمس

مسألة 38: اذا تصرّف في المال المختلط قبل اخراج الخمس بإتلاف لم يسقط وان صار الحرام في ذمّته فلا يجري عليه حكم ردّ الظالم على الاقوى(1).

1)هذه المسألة مبتنية على تعلّق الخمس بالمال المخلوط, هل هو كتعلّقه ببقيّة أقسام الخمس كالكنز وارباح المكاسب؟ وحينئذٍ يملك الامام وقبيله الخمس بمجرّد الخلط, ويكون المال مشتركاً بين صاحب المال والامام والسادة.

فعلى هذا البناء «وهو رأي صاحب العروة والسيد الخوئي قدس سرهما» لو تصرّف بالمال المختلط بإتلافٍ انتقل الخمس عندئذٍ الى الذمّة ولا يسقط وذلك لان الخمس لا يدور مدار العين.

أو ان المسألة مُبتنية على ان الخمس انما شرّع هنا لتطهير المال المخلوط (مع بقاء الحرام على ملك مالكه الواقعي)

فالمالك له حقُّ تخليص العين الخارجية عن الحرام بالتخميس من غير ان يكون الخمس ملكاً فعليّاً للامام وقبيله؟

فعلى هذا البناء, فانّ تطهير العين المخلوط فيها الحلال والحرام هو من أوصاف العين الخارجية ومع تلفها ينتقل الحرام كلّه الى الذمّة «لا الخمس» فلا خلط ليحتاج الى التطهير اي زال موضوع التطهير بالخمس.

لابدّ من الخروج عن عهدة الضمان لمال الغير الحرام, وحينئذٍ يجري عليه حكم ردّ المظالم «لا الخمس» فلا بدّ من الاعطاء حتى يعلم بفراغ الذمّة ولا يكتفي باخراج الخمس.

أقول:

1ـ هذا البناء اختارهُ المحقّق الهمداني قدس سره[1] وهو الظاهر وذلك: لأنّ الامام عليه السلام قال: (اخرج الخمس من ذلك المال, فان الله قد رضي من ذلك المال بالخمس وسائر المال لك حلال) كما في موثقة السكوني[2] فان هذه معاوضة, لانّ المكلّف قد رضي بها حيث انّه يريد حلّاً شرعياً للمشكلة التي وقع فيها التي تمنعه من التصرّف بكلّ المال, والامام عليه السلام قال: «ان الله قد رضي من ذلك المال بالخمس» اذن هي معاملة ان حصلت صار خمس المال للإمام عليه السلام وقبيله, والباقي للمالك, وانْ لم تحصل فالحرام باقٍ على حاله يجب الخروج عنه.

2ـ لا فرق بين مجهول المال وردّ المظالم, فانّ قول صاحب العروة قدس سره «يجري عليه حكم ردّ المظالم» يعني يجري عليه حكم مجهول المالك, فانّ مجهول المالك مساوٍ للمظالم, لان المظالم تكون في مال الغير الذي صار في الذمّة وقد تكون المظالم في عين خارجية وتوضيح ذلك:

ان المظالم قد تكون اجرة بيت لم ادفعها أو ثمن سلعة أَشتريتهُا نسيئة ولم أدفعه أو تكون ثمن كسر آنيةٍ للغير ولم ادفعه فهو في الذمّة وقد يكون خارجياً كما اذا اشتريت عباءة من شخص في الشارع لا اعرفه ودفعت له الثمن وكان عشرين الف دينار ودفعت له قطعة نقدية (خمسة وعشرين الف دينار) فبدل ان يرجع اليّ خمسة آلاف دينار دفع قطعتين من الخمسة آلاف ووضعتها في جيبي ثم في البيت علمت بذلك ولم اعرفه مَن هو؟ وكذا مجهول المالك فانه قد يكون عيناً خارجية وقد يكون في الذمّة.

3ـ قالوا في معنى المظالم التي يجب ردُّها:

أ ـ المشهور قال: انه الحرام المختلط بالحلال مع العلم بقدره والجهل بصاحبه.

ب ـ الحرام المختلط المجهول القدر والصاحب (وقد تقدّم انه امّا يخمّس فيحلّل الباقي أو يتصدّق بالخمس).

ج ـ قال الشيخ الانصاري رحمه الله هو ما استقرَّ في الذمّة من مال الغير[3] .

د ـ المال المتعيّن الخارجي الذي لا يعرف صاحبه.

ه ـ ما في المتن: وهو ما يجب التصدّق به من المال الحرام سواء كان في الذمّة ام في الخارج.

اقول: ان هذه ليست تعاريف للمظالم, بل هي مصاديق لمعنى المظالم التي يجب ردّها, بل هي مصاديق أيضاً لمجهول المالك, فلا فرق بين المظالم ومجهول المالك, ولذا سيكون حكمهما واحداً.

والخلاصة: اذن نحن نخالف صاحب العروة قدس سره في هذه المسألة, فما لم يدفع الخمس, وتلف المال يكون الحرام في ماله مجهول مالك أو مظالمَ.

 

مسألة39: اذا تصرّف في المختلط قبل اخراج خمسه ضمنه, كما اذا باعه مثلاً. فيجوز لولي الخمس الرجوع عليه كما يجوز له الرجوع على ما انتقل اليه ويجوز للحاكم ان يمضي معاملته, فيأخذ مقدار الخمس من العوض اذا باعه بالمساوي قيمة أو بالزيادة واما اذا باعه باقل من قيمته فامضاؤه خلاف المصلحة. نعم لو اقتضت المصلحة ذلك فلا بأس(1).

1)ان هذه المسألة مبناها هو نفس مبنى المسألة السابقة, فان كان التصرّف في المال المختلط يوجب ضمان الخمس وعدم سقوط الخمس كما ذهب الى ذلك صاحب العروة قدس سره اذ ذهب الى: ان الخمس يتعلّقه بالمال المختلط على حدّ تعلّق بالغنيمة أو الكنز أو غيرهما مما يجب فيه الخمس.

وعلى هذا كان التصرّف الناقل موجباً لإتلاف الخمس فيوجب ضمان الخمس, ويكون البيع بالنسبة الى الخمس فضولياً. فللحاكم امضاء المعاملة فيأخذ ما يقابل الخمس وله ان يفسخ المعاملة بمقدار الخمس, وحينئذٍ يكون للمشتري خيار المبعّض للصفقة.

وامّا اذا قلنا ان التصرّف بالمال المختلط يوجب للمشتري ضمان الحرام المجهول مالكه, فحينئذٍ اذا قلنا ان مجهول المالك للإمام عليه السلام كما هو المستظهر من بعض روايات مجهول المالك التي قبلناها, فهنا أيضاً يكون التصرّف فضولياً بمقدار الحرام الذي هو مجهول المالك, ولكن الامام عندما قال له:« بعه وتصدّق بثمنه[4] » فهو يقتضي صحة البيع ويجب التصدّق بما يقابل الحرام من الثمن.

وامّا اذا قلنا ان التصرّف بالمال المختلط يوجب ضمان الحرام الذي هو مجهول المالك ولكن يتعيّن كونه صدقة وليس هو ملكاً للامام عليه السلام, فهنا ايضاً الرواية القائلة: «بعه وتصدّق بثمنه[5] » تدلّ على صحّة البيع ويجب

التصدّق بما يقابل المال الحرام, الاّ ان المقابل للحرام هو ما يقطع بفراغ ذمّته به.

 


[1] مصباح الفقيه: 14: 180 -181.
[2] وسائل الشيعة للحر العاملي، باب10 مما يجب فيه الخمس ح4.
[3] كتاب الخمس من تراث الشيخ الاعظم، للشيخ الانصاري: 256.
[4] وسائل الشيعة، للحر العاملي باب7 من اللقطة ح2.
[5] وسائل الشيعة، للحر العاملي باب7 من اللقطة ح2.