الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/08/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ لو اختلط ما فيه الخمس الحرام فهل يخمّس مرتين؟/ المال الحلال المختلط بالحرام/ كتاب الخمس

مسألة36: لو كان الحلال الذي في المختلط ممّا تعلّق به الخمس, وجب عليه – بعد التخميس للتحليل – خمس آخر للمال الحلال الذي فيه(1).[1]

1)اقول: اذا انطبق عنوانان على مال واحد كما اذا اخرج المعدن بالغوص, فهنا لا يجب الاّ لخمس واحد, اذ ما معنى هذه المسألة؟ فانّ مالاً واحداً وهو هذا المال الحرام المختلط بالحلال وجب فيه الخمس, فاذا انطبق عليه عنواناً آخر وهو كونه غنيمة فحينئذٍ لا يجب الاّ خمس واحد وهو واضح فلماذا قال بوجوب خمس آخر؟!!

الجواب: ان الحالة الاولى: هي في صورة وجود مال واحد خارجي, فدليله خمس الغوص ودليل خمس المعدن يتحقق بدفع خمس واحد من ذلك المال الخارجي ولا وجه للتعددّ.

امّا ما نحن فيه وهو الحالة الثانية: فقد وُجدِ مالان:

المال الأوّل: مجموع المالين: المال الحرام مع مال حلال وقد اختلطا, وهذا يستوجب الخمس حتى يحلّ.

المال الثاني: وهو خصوص المال الحلال كالغنيمة أو ارباح المكاسب وهذا هو بعض المال.

اذن خمس الكل غير خمس الجزء, اذن تعددّ الموضوع, وحينئذٍ يتعدد الحكم على كلّ واحد منهما.

وما ورد غي معتبرة السكوني[2] حينما قالت اذا خمسّت المال الحرام المختلط بالحلال فسائر المال الباقي لك حلال, فالمراد منه انه قد حلّل سائر المال بالإضافة الى (الحرام المختلط بالحلال) هذه الناحية وليس التحليل من جميع النواحي حتى المتعلّق بالحلال على السؤال في معتبرة السكوني[3] كان عن كيفية التخلّص من محذور الحرام المختلط بالحلال الذي يستوجب عدم التصرّف فيه ككلّ وليس السؤال عن الحقوق الشرعية في هذا المال الحرام المختلط بالحلال ليكون خمس واحد كافياً ولا حاجة الى الخمس بالعنوان الثاني للمال الحلال.

اذن هنا لابدّ من اخراج خُمسين[4] [5] ولكن هل يتقدّم تخميس الحرام المختلط بالحلال اولاً.

ثم يخمسّ الباقي بعنوان ارباح المكاسب مثلاً؟ أو يتقدّم تخميس ارباح المكاسب اولاً ثم يخمسّ الباقي الذي هو حلال قد اختلط بالحرام؟

والجواب: ان صاحب العروة قدس سره قدّم الطريقة الأُولى والسيد الخوئي قدس سره قدّم الطريقة الثانية[6] وبينهما فرق عملي.

فعلى طريقة صاحب العروة قدس سره: اذا كان المال خمسة وسبعين ديناراً فان اخرج خمس المجموع وهو خمسة عشر ديناراً, يبقَ من المال ستون ديناراً وخمسها اثنى عشر ديناراً وهي خمس ارباح المكاسب فيكون الباقي ثمانية واربعين ديناراً.

ومجموع ما أخرج من الحقوق الشرعي سبعة وعشرين ديناراً.

امّا على الطريقة الثانية: وهي طريقة السيد الخوئي قدس سره[7] ولعلّها أدق وأصح, وذلك: لان ادلّة تخميس المال الحرام المختلط بالحلال تنظر الى مال حلال للمالك ومال حرام لغيره قد اختلطا.

امّا ما نحن فيه فيوجد مال ثالث لا هو للمالك ولا هو حرام وهو مال الخمس في ارباح المكاسب التي هي للإمام عليه السلام وللسادة الكرام, اذن ينبغي اخراج هذا أوّلاً ثم تخميس الباقي بعنوان المال الحرام المختلط بالحلال.

اذن على هذه الطريقة اذا كان المال خمسة وسبعين ديناراً, فالمتيقّن من الحلال وهي خمس ارباح المكاسب فيبقى خمسة وستّون ديناراً فانْ خَمَّسها للتحليل فيكون خمسها ثلاثة عشر ديناراً فيكون الباقي اثنين وخمسين ديناراً وقد دفع ثلاثة وعشرين ديناراً «أقل من طريقة صاحب العروة قدس سره».

وكذا اذا كان المتيقّن انه مال حلال هو خمسة وعشرين ديناراً فخمسها وهو خمسة للأرباح فيبقى سبعون ديناراً وخمسها للتحليل يكون اربعة عشر ديناراً فيكون الباقي ستة وخمسين ديناراً اذن ما دفعه تسعة عشر ديناراً فعلى الطريقة الثانية يكون المعطى أقل من الطريقة الأُولى.

ويرد على هذه الطريقة الثانية: ان الأدلّة التي قالت باعطاء خمس المال الحرام المختلط بالحلال تشمل هذه

الصورة التي يكون فيها الحرام الجهة (لفرد) والحلال الجهتين (صاحب المال والامام وقبيله) اذْ بقيّد في دليل تلك الأدلّة ان يكون الحلال لشخص واحد لا لشخصين, ولهذا لو كان مال يشترك فيه جماعة وهو حلال واختلط بالحرام, فيلزم تخميس جميع المال للإختلاط.

اذن لا محيص عن الاحتياط بدفع الاكثر فان فيه براءة الذمّة قطعاً وهي طريقة صاحب العروة قدس سره, فإننا نعلم اجمالا بوجود مال الغير في هذا المال الخارجي من ناحيتين, ناحية الحرام المختلط بالحلال, وناحية ارباح

مسألة37: لو كان الحرام المختلط في الحلال من الخمس أو الزكاة أو الوقف الخاص او العام فهو كمعلوم المالك على الاقوى, فلا يجزئه اخراج الخمس حينئذٍ(1).

المكاسب, وهذا العلم الاجمالي يوجب الاحتياط باعطاء الاكثر.

1)نعم نقول: بعدم الفرق بين المال المعلوم مالكه الشخصي ولم نعلم مقداره وبين المال المعلوم مالكه الحقوقي والاعتباري (الجهوي), فان مالك الخمس هو شخصية اعتبارية «جهة الامانة» ومالك الزكاة جهة الفقراء, ومالك الوقف الخاص جهة خاصّة ومالك الوقف العام جهة عامة, فان عرف المالك الجهوي ولم يعرف القدر فلا بدّ من المصالحة معهُ لإصلاح المال بما يتفّقان عليه ولا يجزي اخراج الخمس لان النصوص المتقدّمة هي في المال الذي لا يعرف صاحبه (الكلّي والشخصي) ولا يعرف مقداره امّا هذا الفرض فهو معروف المالك الكلي الاعتباري امّا خمساً أو زكاةً أو وَقْفاً خاصاً أو عاماً.

نعم خالف هنا كاشف الغطاء حيث فصّل بين الجهة المعلومة اذا كانت هي الامِامة أو جهة الفقراء الذين يكون المتولّي لهم هو الامام عليه السلام فقال هنا بالتخميس, وبين الجهة المعلومة اذا كانت وقفاً خاصاً أو عامّاً فقال ان هذا كمعلوم المالك لا بدّ من المصالحة معه ولا يكفي التخميس[8] .

ويرد عليه: انه لا وجه له بحسب الأدلّة.

نعم هنا صورة اخرى وهي: ما اذا علم ان الحرام الذي لا يعرف قدره هو أمّا خمساً أو زكاة فهنا ايضاً يكون المالك معلوماً علماً اجماليا فلا بدّ من ارضاء كلا الجهتين لأجل افراغ الذمّة المشتغلة بالمال يقيناً ولا نعلم انها جهة الامامة أو جهة الفقراء.

وكذا اذا علم ان المال الحرام الذي لا يعرف قدره هو امّا وقفاً خاصاً على طلبة العلم أو وقفاً عاماًّ على أهل النجف, فهنا لا بدّ من المصالحة مع كل جهة على حدةٍ وارضائها للعلم الاجمالي بالمالك.


[1] العروة الوثقى، السيد محمدكاظم الطباطبائي اليزدي، ج4، ص266، ط جماعة المدرسین.
[2] وسائل الشيعة، للحر العاملي، ج9، ص506، ابواب مما يجب فيه الخمس، باب10، ح4، ط آل البیت.
[3] وسائل الشيعة، للحر العاملي، ج9، ص506، ابواب مما يجب فيه الخمس، باب10، ح4، ط آل البیت.
[4] ذكر صاحب الجواهر قدس سره، ج16، ص76 قولاً آخر عن كتاب الحواشي البخارية: يقول بسقوط الخمس الاصلي وكان دليله هو ما في بعض النصوص القائلة: (وسائر المال لك حلال) وسائل الشيعة، للحر العاملي، باب10 مما يجب فيه الخمس، ح2 وقد ردّه: بأن التحليل انما كان بلحاظ المال الحرام المختلط بالحلال وليس التحليل من جهة كلّ حقًّ تعلّق بهذا المال الخارجي حتى حق ّ خمسه من باب ارباح المكاسب فلاحظ. اقول ذكر صاحب الجواهر ان الحواشي منسوبه للشهيد ج16، ص73.
[5] جواهر الكلام، الشيخ محمّدحسن النّجفي، ج16، ص76.
[6] المستند في شرح العروة الوثقى، للسيد الخوئي، ج25، ص169.
[7] المستند في شرح العروة الوثقى، للسيد الخوئي، ج25، ص169.
[8] كشف الغطاء، للشيخ جعفر كاشف الغطاء، ج4، ص206.