الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/07/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ مناقشة الاقوال في الحاق العنبر بالغوص أو المعدن/ خمس الغوص / كتاب الخمس

أقول: ويرد على ما ذهب اليه كاشف الغطاء[1] رحمه الله: أنّه لم يثبت ان العنبر يخرج بالغوص فقط لأنّه قيل: بانه يؤخذ من وجه الماء أو من الساحل فإلحاق حكم الغوص بالعنبر وانْ لم يؤخذ بالغوص لا وجه له.

وسيأتي تحقيق في معنى العنبر فانتظر.

ثالثاً: ما ذهب اليه المفيد قدس سره في الغريّة[2] من أنّ العنبر من المعدن فيلحقه حكم نصاب المعدن ووجهه: ان العنبر هو نبع عين في البحر[3] نظير عين الكبريت وان المعدن اذا ظهر على وجه الارض بزلزلة أو سيل أو نحوهما فأُخذ, يلحقه حكم المعدن.

ويرد عليه: انّ هذا – كون العنبر نبع عين في البحر – هو أحد محتملات معنى العنبر وهناك معانٍ وتفسيرات

اخرى متعدّدة له وهي:

منها: انه رجيع دابّة بحرية كما في القاموس[4] .

ومنها: انه نبات في البحر كما ذكر الطوسي في المبسوط[5] .

ومنها: انه سمكة بحرية, أو جلد سمكة بحرية[6] .

وغير ذلك كما سيأتي.

اذن لا وثوق بكون العنبر من المعادن والأصل الازلي يقتضي عدم كونه معدناً عند الشك فيه.

ثم ان الروايات التي فسّرت العنبر بهذه التفسيرات هي اخبار آحاد في الموضوعات ونحن ذكرنا ان الموضوعات لا يكون فيها خبر الواحد حجّة بل نحتاج الى البيّنة العادلة في اثبات الموضوعات الاّ ان يدّل دليل خاص على حجيّة خبر الثقة في الموضوعات[7] .

ثم ان الشيخ الطوسي عند ما يقول ان العنبر نبات في البحر, كأنه يخبر عن الحكم الكلّي بعد تشخيص الموضوع مفهوماً.

نعم ان المحقّق الهمداني ذكر أيضاً: ان العنبر من المعدن فيلحقه حكم نصاب المعدن اذ ذكر: انّ العنبر حيث يكون له مكانٌ مخصوص يتكوّن فيه ولا يوجد في غيره وهو البحر, اذن يصدق على البحر أنه معدنه توسعاً[8] .

ويرد عليه: ان هذا خلاف ما يفهمه العرف من المعدن, ومجرّد كون البحر محّلاً للعنبر لا يستوجب صدق المعدن عليه والاّ لصدق المعدن على السمك لأنّ البحر مكان خاصّ له, وهذا باطل قطعاً.

والخلاصة: أن البحر معدن العنبر وليس يعني ان العنبر معدنٌ.

رابعاً: ما ذهب اليه المحقّق في الشرائع رحمه الله[9] من التفصيل بين ما أُخرج من العنبر بالغوص فيلحقه حكمه ونصابه, وما أُخذ من وجه الماء أو الساحل فيلحق بالمعدن, وهذا القول نُسب الى الأكثر أيضاً[10] .

ويرد عليه: انه لم يثبت ان العنبر من المعادن, وحينئذٍ اذا أُخذ من على وجه الماء أو الساحل فإلحاقه بالمعادن غير واضح الوجه, نعم اذا ثبت انه من عين في البحر معدنية فهو من المعادن اذا أُخذ من الساحل من دون غوص.

اقول: ذكروا في معنى العنبر – بالاضافة الى الوجوه المتقدّمة – وجوهاً أُخر:

1ـ ما ذكر في السرائر عن كتاب الحيوان للجاحظ: ان العنبر يقذفه البحر الى جزيرة, فلا يأكل منه شيء الاّ

مات ولا ينقره طير بمنقاره الاّ نصل فيه منقاره, واذا وضع رجليه عليه نصلت أظفاره[11] .

وعندئذٍ نقول: اذن العنبر شيء يتكوّن في البحر ويقذفه البحر الى الساحل فهو ثروة بحريّة ففيه الخمس ونصابه عشرون ديناراً.

وفي السرائر عن منهاج البيان لابن جزلة المتطيّب: انّه من عين في البحر[12] [13] .

وفي البيان: قال اهل الطبّ هو جماجم تخرج من عين في البحر اكبرها وزنه الف مثقال[14] .

وفي الحدائق عن كتاب الحيوان: العنبر المسموم قيل انه يخرج من قعر البحر يأكله بعض دوابه لدسومته فيقذفه رجيعاً فيطفو على الماء فيلقيه الى الساحل[15] .

اذن على كل هذه الاقوال والاقوال السابقة يكون العنبر هو شيء يتكوّن في البحر فهو ثروة بحرية جمادية أو نباتية ففيه الخمس فوراً بعد أنْ يكون نصابه عشرين ديناراً.

فهذه الاقوال السابقة في معنى العنبر لا مدخليّة لها في تعلّق الخمس به كما نصّت عليه الصحيحة[16] وقد تقدّم ان نصاب الثروة الحيوانية هو عشرون ديناراً وان كان الاحتياط هو دينار واحد والاحوط منه عدم النصاب فيه.

اذن اذا ثبت انه مادّة ثمينة عطرية تتكون في البحر وتخرج منه سواء كان الاخراج بالغوص أم بالاخذ من الساحل ام من وسط البحر عرْضاً ام أُخذ بعد جفاف البحر فهو ثروة تكوّنت في البحر للناس ففيها الخمس وكان عنوان الغوص أو الاخراج مشيراً اليها والحصول عليها وليس لها خصوصية في الموضوع, فلاحظ.

 


[1] كشف الغطاء، للشيخ جعفر كاشف الغطاء 4: 203.
[2] مستمسك العروة الوثقى، للسيد الحكيم 9: 487.
[3] القاموس المحيط، للفيروز آبادي: 415.
[4] القاموس المحيط، للفيروز آبادي: 415.
[5] انظر جواهر الكلام لنجفي 19: 45.
[6] القاموس المحيط، للفيروز آبادي: 415.
[7] القواعد الاصولية، للشيخ الجواهري.
[8] مصباح الفقيه، لآغا رضا الهمداني14: 86.
[9] شرائع الاسلام للمحقق الحلي 1: 207.
[10] جواهر الكلام لنجفي 19: 44.
[11] انظر جواهر الكلام لنجفي 19: 45.
[12] انظر جواهر الكلام لنجفي 19: 45.
[13] القاموس المحيط، للفيروز آبادي: 415.
[14] انظر جواهر الكلام لنجفي 19: 45.
[15] انظر جواهر الكلام لنجفي 19: 45.
[16] وسائل الشيعة، للحر العاملي، باب7مما يجب فيه الخمس ح1.