الأستاذ الشيخ حسن الجواهري
بحث الفقه
38/05/20
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع/ شرطية النصاب في الكنز بعد مؤنة الاخراج/ خمس الكنز /كتاب الخمس
مسألة19: انما يعتبر النصاب بعد اخراج مؤنة الاخراج(1).
مسألة20: اذا اشترك جماعة في الكنز فالظاهر كفاية بلوغ المجموع نصاباً وان لم يكن حصّة كل واحد بقدره(2).
1)ذكر صاحب العروة قدس سره: ان النصاب وهو عشرون ديناراً معتبر بعد اخراج ما صرف على اخراج الكنز, فان بقي بعد اخراج مؤنة الاخراج عشرين ديناراً يجب الخمس والاّ فلا.
ولكن تقدّم منّا في بحث المعدن: انه لا دليل على هذا الكلام الذي ذهب اليه صاحب العروة قدس سره, بل إنّ ظاهر الدليل هو وجوب الخمس في المعدن اذا بلغ نصاباً وان صرف عليه مقداراً من المال في سبيل الاستخراج.
نعم نقول: ان وجوب الخمس بعد المؤونة (مؤونة الاخراج) فالكنز اذا كان بمقدار عشرين ديناراً وصرف عليه عشرة دنانير حتى اخرج فيكون الخمس في العشرة الثانية لأنه ربح. اذن المعتبر: ان الخمس بعد مؤونة الاخراج لما اخراج نصاباً, وليس المعتبر ان يكون النصاب بعد مؤنة الاخراج.
نعم قد يشكل علينا: باننا اذا قلنا يعتبر ان يكون النصاب قبل مؤنة الاخراج, فحينئذٍ اذا كان الكنز المخرج ثلاثين ديناراً فهو خاضع للخمس لتحققّ النصاب فيجب فيه الخمس, فاذا كنّا بذلنا على اخراجه خمسين ديناراً, فيقال يجب الخمس فيه مع اننا قد خسرنا عشرين ديناراً في هذه العملية؟!!
والجواب: يستبعد ان يكون الخمس في صورة ما اذا كان قد بذل على الاخراج اكثر من قيمته فهذه الصورة خارجة عن قولنا «الخمس بعد مؤونة الاخراج لما أخرج نصاباً» وذلك لان الإرتكاز العقلائي يقول بوجوب الخمس على الفوائد, وحينئذٍ ينحصر الخمس في ما اذا كان المخرج - باسم المفعول - من الكنز نصاباً وقد بذلنا على استخراجه اقل منه قيمة, فيجب الخمس في الباقي وان كان اقل من النصاب.
2)هكذا افتى صاحب العروة قدس سره كما افتى في المعدن المستخرج من قبل جماعة ودليلهم هو ما تقدّم: من ان دليل الخمس في المعدن أو الخمس في الكنز اذا بلغ عشرين ديناراً هو الروايات المطلقة في اعتبار الخمس في نفس المعدن المستخرج أو الكنز المستخرج وليس الخمس في الحصّة الواصلة الى كل فرد ممن اشترك في استخراج المعدن أو الكنز فصحيحة البزنطي عن ابي الحسن الرضا عليه السلام قال: سالته عمّا يجب فيه الخمس من الكنز؟. قال عليه السلام: ما يجب الزكاة في مثله ففيه الخمس[1] وحينئذٍ اذا بلغ الكنز النصاب وجب الخمس فيه سواء كان مخرجه واحداً ام أكثر, فيجب الخمس في حصّة كل واحد وان كانت أقلّ من النصاب اذا كان المجموع نصاباً.
ولكن هذا الكلام باطل, بل يجب الخمس في حصّة كل واحد قد اشترك في اخراج الكنز (كالمعدن» اذا بلغت نصاباً «عشرين ديناراً» وذلك كما تقدّم:
1ـ لان موضوع الخمس هو الفائدة والغنيمة المعدنية أو الكنزية المملوكة للشخص وليس موضوع الخمس هو المعدن أو الكنز وان لم يكن ملكاً لأحد فاذا كان خمسة افراد قد اخرجوا خمسة وسبعين ديناراً من الكنز, فكل واحد منهم قد ملك خمسة عشر ديناراً, اذن لا يشمله قوله (في الكنز الخمس اذا بلغ عشرين ديناراً )لانني انا أملك خمسة عشر ديناراً ولا يجب عليّ ادفع خمس ما ملكه غيري, والغير لم يملك عشرين ديناراً بل ملك خمسة عشر ديناراً فكيف يجب عليه ان يخمس ما ملكه غيره, فلاحظ.
اذن سيكون بلوغ النصاب شرطاً في موضوع الخمس وهو الفائدة, فما لم يبلغ حصّة كلّ واحد نصاباً لا يكون الكنز الذي هو فائدة قد بلغ عشرين ديناراً فلا خمس فيه.
2ـ ان موضوع الخمس اذا كان هو الكنز, فالكنز ينحلّ بمصاديقه في الخارج, فاذا اخرج من هذا الكنز مقداراً هذا اليوم فيجب فيه الخمس اذا كان نصاباً فاذا أخرج من كنز آخر مقداراً في يوم آخر فيجب فيه الخمس اذا كان نصاباً, فاذا أخرج من كنز آخر مقداراً فيجب فيه الخمس اذا كان نصاباً. وهذا تقدّم في مسألة16 عن المصنف «ونحن وان خالفناه في ذلك الاّ أنّ الكلام في ما ارتئأه, فنحن قلنا هناك يضاف ما استخرج من الكنز الاول الى ما استخرج من الكنز الثاني الى ما استخرج من الكنز الثالث فاذا بلغ الكل نصاباً فيجب فيه الخمس وان لم يكن كل واحد قد بلغ مقدار النصاب, الاّ انّ كلامنا فيما قاله, فهو قد قال بإنحلال الكنز, فلابدّ من بلوغ النصاب في كل كنز» وعليه فاذا قال بانحلال الحكم والخطاب بلحاظ مصاديق الموضوع وهو الكنز, فلماذا لم يقل هنا بانحلال الخطاب عندما يتوجّه الى المكلّفين؟!! مع ان انحلال الحكم بلحاظ المكلّفين أوضح من انحلال الحكم بلحاظ مصاديق الموضوع وذلك: لان الوجوب الثابت في حقّ المكلّف الثاني يستحيل ان يكون وجوباً واحداً لما املكه انا وغيري قد توجّه اليّ, امّا بالنسبة الى مصاديق الموضوع, اي مصاديق الكنز بالنسبة الى المكلّف الواحد, اذ يعقل ان تكون مجموع الكنوز وما يغنم منها هو موضوع واحد لوجوب خمس واحد كما قرّبنا ذلك سابقاً, فقلنا يجب خمس واحد فيما يخرج من الكنز الاول اذا أُضيف الى ما يخرج من الكنز الثاني الى ما يخرج من الكنز الثالث اذا كان المجموع نصاباً, استناداً الى صدق موضوع الوجوب فقد حُصِل على فائدة كنزية قد بلغت النصاب وان كان من كنوز متعددة, كما اذا اخرج هذا اليوم من الكنز مقداراً واخرج منه في اليوم الآخر مقداراً واضافه للأوّل واخرج منه في اليوم الثالث مقداراً واضافه اليهما وكان الكل نصاباً, أو قد اخرج من هذه الآنية مقداراً ثم اخرج من آنية اخرى مقداراً ثم اخرج من آنية اخرى مقداراً وكان الكلّ نصَاباً فيجب اخراج الخمس لشمول الادلة له.
ولكن اشكلنا على صاحب العروة قدس سره حيث يرى: «ان الحكم والخطاب ينحلّ بلحاظ مصاديق الموضوع وهو الكنز», ولكن هنا في الخطاب عندما يتوجه الى المكلّفين لم يقل بالانحلال؟! مع ان الانحلال هنا في توجّه الخطاب الى المكلّفين أوضح, فكل فرد مسؤول عمّا حصل عليه من الكنز وليس له اي مسؤولية عن الفائدة التي حصلت لغيره, الاّ انْ يأتي دليل يصرّح بوجوب الخمس على نصاب الكنز المستخرج وان كان من استخرجه جماعة وهذا ليس موجوداً في الروايات بل الموجود (في الكنز الخمس اذا بلغ نصاباً) ولكن هذا الخطاب ينحلّ الى عدد المكلّفين الذين استخرجوا الكنز, ففي حصّة كل واحد اذا بلغت نصاباً يجب الخمس والاّ فلا, فلاحظ.