الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/05/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: حكم ما لو كان الكنز لمسلم قديم / خمس الكنز / كتاب الخمس

ولو علم انه كان ملكاً لمسلم قديم فالظاهر جريان حكم الكنز عليه(1).[1]

مسألة16: الكنوز المتعدّدة لكل واحد حكم نفسه في بلوغ النصاب وعدمه, فلو لم يكن احدها بحدّ النصاب وبلغت بالضمّ لم يجب فيها الخمس, نعم المال الواحد المدفون في مكان واحد في ظروف متعدّدة يضم بعضه الى بعض فانّه يعدّ كنزاً واحداً وإنْ تعدّد جنسها(2). [2]

1)أقول: ما ذكره السيد الماتن قدس سره غير تام لأنّ ادلّة الخمس في الكنز انما تكون شاملة لهذا المورد اذا ثبت الملك للواجد, أمّا في هذا المقام فلا يملك الواجد الكنز لان الكنز لمحترم المال, فأدلّة الخمس للكنز لا تثبت الملك لمن وجد الكنز.

نعم تقدّم ان هذا المال سواء كان كنزاً ام لقطة الاّ ان الروايات قالت بوجوب تعريفه لأنّ ملاك وجوب التعريف موجود فيهما, والملاك هو وجود يد على الارض مباشرة ويُوجد يد غير مباشرة على المال المدفون في الأرض أو له مالك محترم.

وعن الفقيه الهمداني: ذكر إنقطاع صلة المالك بالمال مع تقادم الزمان.

ويرد عليه:

1ـ ان الكبرى لم تصلح وان ذكرها الفقه الوضعي حيث قال: ان المال اذا انقطع عنه مالكه ولم يستعمله مدّة عشرين سنة مثلاً فيخرج عن ملكه.

2ـ ولم يكن موردنا صغرى لأنّ المسلم القديم اذا لم يكن له وارث فالمال للإمام عليه السلام وهو من الانفال, واذا كان له وارث الاّ انه غير معلوم فهو مجهول المالك.

وقد يستدلّ بالروايات المتقدّمة[3] .

ويرد عليه: انها في اللقطة وعدم الملك فيتمكّن الواجد أنْ يتَمتّع به مع الضمان اذا وُجد المالك أو كما قالت الروايات انه أحق بالمال, وهو يعني تصرّفه مع الضمان. واذا كانت في مجهول المالك فيتصدّق به ولا يملكه.

اذن الكنز في الارض المملوكة اذا إحتملنا انه لليد السابقة على يدنا فهو بحكم اللقطة يجب تعريفه اليد السابقة فان لم يعرفه فاليد السابقة فان لم يعرفه كلّ من كان له يدٌ على الأرض تملكه الواجد كالكنز الموجود في ارض غير مملوكة, امّا اللقطة: فهي في صورة العلم بكونها لمالك محترم فإنْ لم يوجد هذا المالك المحترم بعد التعريف, فامّا ان يتصدّق بها أو يتمتّع بها على وجه الضمان, فصار فرق بين الكنز في الأرض المملوكة اذا احتملنا انه ليد محترمة حيث قلنا انه بحكم اللقطة يُعرَّف لمن كانت له يد على الأرض, فانْ لم يعرف يتملّكه الواجد ويعطي خمسه وبين اللقطة كالكنز التي نعلم أنها ليد محترمة, فان لم يُعرف صاحبها بعد التعريف يتصدّق بها أو يتملّكها على وجه الضمان.

أقول: قد يصحّ كلام صاحب العروة قدس سره اذا نظرنا الى أنّ الكنز هو لمالك قديم الاّ ان هذا المالك القديم ليس بحدّ ثلاثة أظهر أو اربعة أو خمسة أو ستّة أو ما شابه ذلك, بل هذا المالك القديم بيني - مثلاً - وبينه خمسون ظهراً أو ما شابه كما في نسبتي - مثلاً - الى ان يوشع بن نون أو موسى أو آدم فهنا هذا التقادم اذا قلنا انه في باب الإرث لا يجعل بيني وبينه إرثاً لان الوارث قد قطع صلته بالمال الموروث كما في مالك المال الذي في السفينة اذا غرقت فانه يقطع صلته بالمال الغارق ويعتبره تالفاً بل هو تلف حقيقي, وحينئذٍ اذا خرج المال من قبل الآخرين فيتملكه المخرج, فكذا نقول بالنسبة الى المال الذي نعلم انه لمسلم قديم فانّ الوارث لهذا المسلم عدّ ذلك المال تالفاً, بل هو تلف حقيقي يوجب إنقطاع صلة الوارث المالك لملكه بتقادم الزمان بهذا القدر, فحينئذٍ يصح كلام صاحب العروة قدس سره في هذه الصورة لا في مالك مسلم قديم لم يقطع صلته بالمال ولم يُعَد المال تالفاً حقيقةً.

2)ان الأدلّة اللفظيّة القائلة بوجوب الخمس في الكنز لا تشترط بلوغ كلّ كنز نصاباً, بل عمومات الخمس في الكنز تشمل مادام الكنز الاول موجوداً, نعم اذا صرف أو أتلف مقدار الكنز الاوّل ثم استخرج ثانياً, لم يبلغ النصاب في الاول وفي الثاني لا يوجد خمس فيها. لان الميزان هو بلوغ الفائدة الكنزية المملوكة للمخرِج النصاب من دون دخالة لوحدة الكنز أو تعدده في موضوع الخمس عرفاً.

ولهذا فمسألة17: تقول: (ان الكنز الواحد لا يعتبر الاخراج دفعة بمقدار النصاب, فلو كان مجموع الدفعات بقدر النصاب وجب الخمس وان لم يكن كل واحد منها بقدر النصاب), وهذا صحيح اذا كان ما استخرج من الكنز الذي لم يكن بقدر النصاب موجوداً, وقد أُضيف اليه ما استخرج ثانياً فصار بقدر النصاب, ما اذا كان ما استخرج اولاً قد صُرف أو وُهب أو أُتلف, أيضاً وان كانت الدفعتان بقدر النصاب, لأنه لم يملكهما في وقت واحد, بل ما ملكه اولاً لم يكن نصاباً وقد زال وما ملكه ثانياً لم يكن نصاباً, فلا خمس فيه وان كانت الدفعتان نصاباً الاّ ان الاولى قد زالت بعد ان لم يجب فيها الخمس.

اذن الميزان هو اجماع ما يطلق عليه انه كنز مستخرج فان كان ما استخرج موجوداً وصار نصاباً يجب فيه الخمس سواء كان من كنز واحد واستخرج بواسطة الدفعات أو كان من كنوز متعددة الاّ ان المستخرج الأوّل موجود قد أُضيف اليه غيره من الكنوز.


[1] العروة الوثقى، السيد محمدكاظم الطباطبائي اليزدي، ج4، ص249، ط جماعة المدرسین.
[2] العروة الوثقى، السيد محمدكاظم الطباطبائي اليزدي، ج4، ص249، ط جماعة المدرسین.
[3] وهي موثقة محمد بن قيس وموثّقة اسحاق بن عمّار وصحيح عبدالله بن جعفر.