الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/05/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: حكم الكنز الذي وجد في ارض عليها يد سابقة / خمس الكنز / كتاب الخمس

وهكذا نقول بالنسبة الى المنتقل اليه الأرض فقد يكون مشترياً, وقد يكون مستأجراً وقد يكون غاصباً واشباه ذلك مما يشمل مطلق العلم والمعرفة لوجود يد سابقة على المكان ووجدت يد لاحقة عليه, فلابدّ ان تعرّف اليد المحترمة السابقة على المكان الذي وُجدِ فيه الكنز.

وقد حكم صاحب العروة قدس سره بلزوم تعريف المال لصاحب تلك اليد, فان لم يعرفه, فالذي قبله فانْ لم يعرفوه جميعاً فهو لواجده وعليه الخمس.

اقول: ان الكنز اذا وجد في ارض قد انتقلت للواجد, لها صور:

الصورة الاولى: اذا علمنا ان الكنز لصاحب الدار التي انتقلت لنا أو لوالده الذي مات فهي إرث للناقل وهو موجود معروف, فهنا يجب على الواجد ان يدفعه اليه بلا تعريف ولا بيّنة ولا يمين, كما لو وجد الكنز وعليه ورقة مكتوب فيها: (الذهب هو ملك لفلان) وهذا قد مات ووُجد وارثه وهو الناقل للبيت لنا.

وهذا لا يحتاج الى دليل, لأننا نعلم ان الكنز لصاحب الدار التي كانت بيده أو وارثه اذا مات ناقل الدار لنا.

الصورة الثانية: اذا إحتملنا ان الكنز هو لمالك محترم ولكن لم نشخّصه, فهنا قال صاحب العروة يجب التعريف فان المال (الكنز) يكون من مجهول المالك الذي يُعرّف, فإنْ لم يعرفه من كانت الدار بيده, فيعرّف الاسبق منه وهكذا.

وقد استدلّ السيد الحكيم قدس سره في مستمسكه هنا بــــــ:

اولاً: حجيّة اليد السابقة الدالّة على ملكيّة صاحب اليد, اذ قاعدة حجيّة اليد تقول: ان يد الناقل لنا الدار امارة الملكيّة وحينئذٍ يجب ان نعرّفه لمن نقل الينا الدار فان لم يعرف الكنز الذي وجدناه سقطت يده عن الحجيّة بانكاره الكنز وحينئذٍ تحيى اليد السابقة عليه لأنها كانت أيضاً على المال, وانما سقطت عن الاماريّة باليد اللاحقة, فاذا سقطت اليد اللاحقة سلمت اليد السابقة وصارت حالّة على الُملك.

ويرد على هذا الوجه:

1ـ ان هذا الوجه يقتضي اعطاء المال لمن انتقلت عنه الارض أو من غير سؤال أو تعريف لأن اليد اذا كانت امارة على الملك, فلا حاجة الى الفحص والسؤال كما اذا سقطت محفظة انسان يسير أمامنا فهي له, ونعلم يده عليها.

أقول: ان هذا الوجه لا يبطل القول بوجوب التعريف, بل يقول بملكيّة من انتقلت الأرض منه الى غيره ولزوم اعطائه بلا سؤال الاّ ان ينكره, وهذا أشدّ من فتوى صاحب العروة.

2ـ يردّ ما قاله السيد الحكيم قدس سره بقولنا: ان هذه اليد ليست حجّة لأنّها يد قد زالت ويد غير فعليّة وادلّة ان اليد أمارة الملكيّة لا تشمل هذه اليد غير الفعلية على الدار أو الارض.

3ـ وقد نترقّى فنقول: لا توجد يدٌ للذي انتقلت عنه الأرض (أو الدار) لأنّ من إنتقلت عنه الدار كانت يده على الارض والمكان, امّا الكنز الذي في الارض فهو لا يدٌ له عليه, فالروايات التي قالت ان اليد امارة الملكية, أو الادلة اللبيّة التي قالت اليد امارة الملكيّة لا يستفاد منها الاّ ما يكون تحت اليد مباشرة وتحت تصرفه, امّا الكنز فهو ليس تحت يده وليس تحت تصرّفه فلا يدلّ عليه اصلاً.

واذا قيل: ان يده على الارض مباشرة تكون يداً على الكنز المدفون بالتبع, وهذه اليد على الكنز المدفون بالتبع وان لم يوجب ملكيّة الكنز, الاّ انها توجد استحقاق المالك للأرض التعريف عرفاً وعقلائياً من صاحب اليد على الأرض وقبول دعواه الملك.

فنقول: ان هذا مجرّد دعوى لم نجد لها شاهداً في المرتكزات العرفية ولم نجد إمضاء الشارع لهذا الكلام الذي هو مجرّد دعوى فقط, فلا يصل الى مستوى الدليل فان القول بانّ اليد على الارض مباشرة توجد يداً على الكنز غير مباشرة والأُولى توجد الملكيّة, والثانية توجب حقّاً لمن انتقلت عنه الارض (الدار) في التعريف والسؤال له وقبول دعواه اذا ادّعى الملكية, كلّ هذا لا شاهد له شرعاً أو عرفاً بل هو دعوى صرفة.

نعم السيد الخوئي ذكر ان الذي يملك الأرض يملك المعدن الذي يكون قريباً من الأرض كمتر أو اكثر. الاّ اننا ناقشنا ذلك سابقاً وقلنا ان ملكيّة الارض لا ربط لها بملكية المعدن لأنّ المعدن ليس تابعاً للأرض بل هو شيء آخر في الأرض وليس تابعاً لها.