الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/04/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: حكم المعدن الذي اخرجه شخص ثم طرحه واخذه اخر / خمس المعدن / كتاب الخمس

أمّا الجهة الثانية: فنقول: اذا كان المعدن قد اخرجه الانسان وطرحه على وجه الأرض, فهذه الصورة لها حالات ووجوه:

الوجه الاول: ان لا يكون ناوياً لإستخراج المعدن وحيازته (كما اذا حفر أرضاً لغاية شقّ نهر) فاتّفق مصادفة المعدن فأخذه وطرحه في الصحراء دون ان يستملكه. فهنا لا يجب عليه الخمس لان الخمس اذا قلنا انه فرع الاخراج والتملك فهو منفي حسب الفرض وكذا اذا قلنا ان الخمس للمعدن لا يختصّ بالاخراج الاّ اننا نقول: ان الخمس يختص بالحيازة الممّلكة وهذا الاخراج لم يقصد صاحبه التملّك فلا خمس فيه عليه ولكن الرجل الثاني الذي أخذ هذا المعدن يجب عليه تخميسه كما تقدّم لأنه هو الغانم والمستفيد الاول من المعدن- أو قل هو الحائز الاول- حيث لم يسبقه مِلْك آخر قبله, بل حتى لو اشترطنا الاخراج فهو هنا موجود اذ لم يقصد بإخراج الغانم فليكن المخرج غيره.

ولكن هذه الصورة غير واردة للماتن قدس سره قطعاً لأنه قال: (أو انسان لم يخرج خمسه)[1] اذن قد تعلّق الخمس به وهو متوقّف على قصد التملّك بينما هنا فرضنا عدم تعلّق الخمس لعدم قصد التملّك.

الوجه الثاني: لو اخرجه بقصد الحيازة فتملّكه ثم طرحه واعرض عنه من غير ان يخمسه امّا قطعاً أو احتمالاً وحكمه جواز حيازته واستملاكه (وان لم نقل بخروجه عن ملك الاول بالاعراض عنه) وحينئذٍ يجب الخمس على الواجد بعنوان المعدن سواء قلنا بإعتبار الاخراج في تعلّق الوجوب ام لم نقل باعتبار الاخراج في تعلّق الوجوب ضرورة اختصاص الخمس بالمعدن بأوّل مالك طاري على المعدن الذي يتلقاه من منبته.

أمّا المالك الثاني ومن بعده الذي يتلقاه من المالك الاول فلا يجب عليه الخمس بعنوان المعدن لقصور الأدلّة عن الشمول له. نعم يحقّ للمالك الثاني تملّك اربعة اخماس المطروح, وأمّا خمسه فبما ان المالك الاوّل لم يؤدّه (بعد فرض تعلّقه به) قطعاً أو إحتمالاً ملحقاً بالقطع بمقتضى الاستصحاب.

قال السيد الخوئي قدس سره: فيبتني استملاك هذا الخمس على شمول اخبار التحليل للمقام وامثاله ممن يتلقى المملك ممن لم يخمّسه وهذا سيجيء[2] [3] .

 

اقول: هذا الكلام من السيد الخوئي قدس سره غير تام وذلك: لان الروايات القائلة: «ما انصفناكم انْ كلّفناكم ذلك اليوم»[4] تخصّص بما اذا اخذنا المال من غيرنا بالشراء أو الهدية أمّا في هذه الصورة فنحن قد اخذنا المال من الطبيعة, حيث كان المالك الأوّل معرضاً عن المعدن والثاني قد تملّكه بالحيازة كالحيازة من المعدن ابتداءً من دون ان يتكلّف نفقة ويدفع مالاً بازائه أو تكون منّة من الاوّل عليه في كل المال لان المهدي - باسم الفاعل- يحمّل المهدَى اليه - باسم المفعول - تمليك الخمس أيضاً وحينئذٍ اذا حمّله منّة تمليك الخمس, فالحكم بالخمس على المهدى اليه حرمان له من هذا الحقّ المهدى اليه.

أمّا في هذه الصورة التي يكون الأخذ من الطبيعة من دون شراء ومن دون بذل مال ومن دون تحميل المهدى اليه منّة, كلّ المال, لا يكون تكليفه بدفع الخمس خلاف الانصاف اذن يجب دفع الخمس هنا.

الوجه الثالث: ما لو قصد تملّكه بالاخراج فطرحه في الصحراء من غير اعراض ثم ذهب ليرجع فلم يرجع لمانع وهذا يلحقه حكم اللقيطة ان اتصف بالضياع والاّ فهو من قبيل مجهول المالك, وعلى التقديرين فلا يجوز استملاكه كما لا يجب تخميسه بل يجري عليه حكم أحد البابين كما هو مقرّر في محلّه.

الوجه الرابع: ما لو لم يحرز شيء من ذلك فلم يعلم انه اخرجه بقصد التملك ام لا؟ ثم طرحه على الأرض وعلى الأوّل فهل خمّسه أو لا؟ وهل طرحه معرضاً عنه أو لا؟

وهذا هو المراد للسيد الماتن قدس سره لانه الفرد الشائع الذائع والاّ فالوجوه السابقة نادرة وانّى لنا استعلام ضميره واحراز نيّته من قصد التملّك بالحيازة وعدمه ونيّة الاعراض وعدمها.

والأظهر هنا انّه مباح أصلي لم يعلم سبق يد حيازة عليه, والأصل عدم الحيازة فيجوز استملاكه مالم يثبت خلافه قال السيد الخوئي قدس سره: أمّا التخميس من حيث المعدن فيبتني على اعتبار الإخراج وعدمه فبناءً على الاخراج فبما أنه لم يخرجه فلا خمس بعنوان المعدن وان وجب الخمس بعنوان مطلق الفائدة اذا فضل بعد مؤنة السنة.[5]

نعم الاحوط استحباباً تخمسيه بعنوان المعدن مع الشك في التخميس فضلاً عن العلم بالعدم وبناءً على عدم اعتبار الإخراج في خمس المعدن «وهو الذي دلّ عليه الدليل كما سبق وهو المختار» فمن أخذ معدناً من ارض المعدن «ملك المعدن لأوّل وهلة» فعليه الخمس, سواء أخرجه هو ام أخرجه السيل ام اخرجه إنسان لم يُعلم منه قصد الحيازة والتمليك.

أقول: حتى اذا إعتبرنا الاخراج فانّ الاخراج هنا متحقق اذ لم يعتبر اخراج الغانم فليكن الإخراج من غيره فهو قد يُحقّق الاخراج والغنيمة أو الحيازة, فلاحظ.


[1] مستمسك العروة الوثقى، السيد محسن الطباطبائي الحكيم، ج9، ص462، ط بیروت.
[2] المستند في شرح العروة الوثقى، 25: 57.
[3] المستند في شرح العروة الوثقى، السيد أبوالقاسم الخوئي - الشيخ مرتضى البروجردي، ج15، ص54.
[4] وسائل الشيعة، العلامة الشيخ حرّ العاملي، ج9، ص545، ابواب الأنفال وما يختص بالامام، باب4، ح6، ط آل البیت.
[5] موسوعة الامام الخوئي، ج25، ص55.