الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/04/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: شرطية النصاب في خمس المعدن

وهناك قول ثالث: قال به ابو الصلاح الحلبي حيث قال: ان النصاب في المعدن هو ديناراً واحد.

ودليل القول الثالث: هو رواية شاذّة لم يعمل بها أحد وهي ضعيفة ايضاً لجهالة محمد بن علي بن ابي عبدالله فإنّه لم يرد في الفقه كله الاّ هنا ورواية اخرى ينقلها علي بن اسباط عن محمد بن علي بن ابي عبدالله في كتاب الصلاة من الكافي[1] .

وهي ما رواه البزنطي عن محمد بن علي بن ابي عبدالله عن ابي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عمّا يخرج من البحر من اللؤلؤ والياقوت والزبرجد وعن معادن الذهب والفضة هل فيها زكاة؟ فقال عليه السلام: اذا بلغ قيمته ديناراً ففيه الخمس[2] .

ولكن لنا ان نقول: ان الرواية معتبرة لان محمد بن علي بن ابي عبدالله قد روى عنه البزنطي ونحن في بحث خبر الواحد قد قبلنا الاجماع العام والخاص لتصحيح ما يصح عن جماعة ومن الاجماع الخاص ما قام على رواية البزنطي فتكون الرواية معتبرة الى الامام عليه السلام اي كلّ من وقع بين البزنطي والامام عليه السلام فلا ننظر الى ما بعد البزنطي للشهادة الحسيّة على ان العصابة اجمعت على تصحيح ما يصح عن جماعة, منهم البزنطي.

ولكن نحن ندّعي الوثوق والاطمئنان بأنّ هذه الرواية قد سقط منها كلمة (عشرين) لان البزنطي نفسه قد روى ان نصاب المعدن عشرون ديناراً وقد عمل بها بعض المتقدمين ومشهور المتأخرين.

والشاهد على وجود السقوط هو:

1ـ لو كان النصاب ديناراً لقال: (ديناراً واحداً) اي لعقّبه بلفظ (واحد) ولا يكتفي بقوله (ديناراً) وذلك لانّ التنوين هنا للتنكير لا للوحدة, وتستفاد الوحدة من الاطلاق وهو لا يناسب التحديد.

2ـ ان كلمة (ديناراً) هي تمييز وليست مفعولاً به, حيث ان الجملة هكذا اذا بلغ المعدن ديناراً ففيه الخمس, فدينار لا تكون مفعولاً به, اذن هي تمييز فحينئذٍ نتساءل عن المميَّز فأين هذا المميَّز؟ والجواب انه سقط وهو كلمة (عشرين).

3ـ ثم ان البزنطي على جلالة قدره كيف روى شيئين متضادين في نصاب المعدن من دون ان يسأل الإمام عليه السلام عن ذلك الاختلاف.

4ـ على ان النصاب اذا كان عشرين ديناراً فهو له سابقة في كون نصاب الزكاة كذلك, أمّا الدينار فلم يعهد انه نصاب أصلاً.

هذا كله بالإضافة الى ان الرواية القائلة: بأنّ نصاب المعدن دينارٌ حتى اذا لم نقبل هذه الشواهد على إسقاط كلمة عشرين, فهي ليست حجّة من باب شذوذها, اذ لم يعمل بها الاّ الحلبي, فلا تقاوم ما سيأتي من الرواية الثانية

للبزنطي التي تقول بان نصاب المعدن هو عشرون ديناراً وهي رواية مشهورة جدّاً بين الاصحاب, وحينئذٍ تأتينا قاعدة: «خذ ما اشتهر بين اصحابك ودع الشاذ النادر».

ومع هذا نقول: ان عدم اعتبار النصاب في المعدن احوط استحباباً.

وأمّا دليل القول الاول: فان كثيراً من الروايات وانْ لم يعتبر النصاب في المعدن ولكن صحيح البزنطي قد تضمنت النصاب بعشرين ديناراً حيث قال: سألت ابا الحسن الرضا عليه السلام عمّا أُخرج المعدن من قليل أو كثير هل فيه شيء؟ قال: ليس فيه شيء حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين ديناراً[3] .

وهذا الحديث الصحيح يقيّد اطلاق النصوص لأنّه ليس موهوناً, وذلك لعمل الشيخ الطوسي في النهاية والمبسوط وابن حمزة والشيخ المفيد في الغريّة به وهم من القدماء, وقد عمل به ايضاً جمهور المتأخرين.

كما أنّه نصٌّ في الخمس, فلا يصح ما قيل من أنّ الحديث قد يكون في الزكاة وذلك: لأنه لو كان في الزكاة لقال: «ما يكون الزكاة» بينما هو قال: «ما يكون في مثله» اذن المنظور في الرواية هو غير الزكاة وما هو الاّ الخمس.

هذا بالإضافة الى ان المركوز في ذهن الشيعة خصوصاً البزنطي هو ان المعدن فيه الخمس لا الزكاة لأنّ الزكاة لا تتعلّق بالمعدن, بل تتعلّق بالمال المسكوك من ذهب أو فضة.

 


[1] فروع الكافي ج2 وفي التهذيب ج452 من ابواب كيفية الصلاة وصفتها.
[2] وسائل باب3 مما يجب فيه الخمس ح5.
[3] وسائل باب:4 مما يجب فيه الخمس ح1.