الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/04/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: عدم اعتبار النصاب في خمس الغنيمة / كتاب الخمس

مسألة 4: لا يعتبر في وجوب الخمس في الغنائم بلوغ النصاب عشرين ديناراً فيجب إخراج خمسه قليلاً كان أو

كثيراً على الأصح(1).[1]

مسألة5: السلب من الغنيمة فيجب اخراج خمسه على السالب (2).

1)اقول: نعم هذا هو الصحيح المعروف المشهور وذلك للإطلاقات من الكتاب والسنّة وهي المتّبعة وخالف في ذلك المفيد في كتابه الغريّة, حكاه عنه في المختلف[2] .

كما أشار اليه في الجواهر حيث اعتبر النصاب عشرين ديناراً الاّ انه ليس للمفيد موافق ولم يعلم له اي مستند حتى رواية ضعيفة.

فلعلّ الشيخ المفيد رحمه الله ينظر الى روايات اعتبار النصاب في المعدن والكنز والغوص لأنّ الامام أجاب في بعض هذه الموارد فقال: (انّ ما يكون في مثله الزكاة ففيه الخمس)[3] ومن هذا الجواب قد يفهم عدم اعتبار وخصوصية للمعدن والكنز والغوص, لأنّ الجواب يشبه التعليل بأن كلّ ما كان في مثله الزكاة وهو (مائتا درهم) أو (عشرين ديناراً) ففيه الخمس, فتعدى الى كلّ شيء من الغنائم سواء كانت غنيمة معدن أو كنز أو غوص أو غيرها كالغنيمة الحربية فاذا بلغت عشرين ديناراً ففيها الخمس والاّ فلا.

ولكن هذا الدليل يوجب على المفيد ان يقول بوجوب الخمس في غنيمة ارباح المكاسب أي فوائد ارباح المكاسب اذا بلغت عشرين ديناراً وان لا يقول بوجوب الخمس فيها إن لم تبلغ كذلك, وهو كما ترى مشكل ولم يلتزم به ظاهراً. اذن دليل المفيد هو هذا, الاّ انّ الجزم بصحته مع لازمه الذي لم يلتزم به أحد مشكل, لذا المصير الى ما ذهب اليه المشهور بل الكلّ عدا المفيد هو الصحيح والأحوط.

2)قد يقال ان هذه الفتوى من قبل صاحب العروة قدس سره غريبة, لأنه يقول: (السلب من الغنيمة)[4] وهذا يقتضي اشتراك جميع المقاتلين فيه بعد اخراج حصّة الإمام وقبيله.

ثم يقول: (يجب اخراج خمسه على السالب) وهذه العبارة تقتضي انه للسالب لا لجميع المقاتلين.

والجواب: لا يوجد تعارض بين الجملة الأولى والثانية وذلك: لان الجملة الاولى صحيحة اذ لا ينبغي الإشكال في صدق عنوان الغنيمة على السلب بعد وقوع المعركة وقتل المسلم للكافر لان الغنيمة لا يعتبر فيها الاّ الأخذ بالقوّة والقهر والغلبة وهذا السلب قد حصلت فيه هذه الامور فهو غنيمة.

ثم هنا بين الجملة الأولى والثانية توجد جملة مطوية وهي عبارة عن حكم شرعي سنتعرض له وهو: ان السلب للسالب.

أمّا الجملة الثانية: فقد قالت: «يجب اخراج الخمس على السالب» وهذه الجملة متفرّعة على الجملة الأولى والثانية, فانّ السلب اذا كان للسالب وهو غنيمة حربيّة فيجب فيه الخمس استناداً الى الآية الكريمة فأي تناقضٍ واي غرابةٍ في ذلك؟!

وبعبارة اخرى: ان الجملة الاولى والثانية تقولان: ان السلب غنيمة وهو للسالب فلا يشترك معه المقاتلون.

والجملة الثالثة تقول: انّ السلب الذي هو للسالب وهو غنيمة يجب اخراج خمسه للإمام وقبيله بما انه غنيمة, فلا غرابة ولا تعارض.

ومن هذا نستفيد ان الغنائم الحربية على قسمين:

قسم يكون للمقاتلين لا يشترك معه غيره من المقاتلين كما في السلب وما جعله النبي أو الامام أو الحاكم الشرعي لفرد أو جماعة فانه غنيمة لهم ولا يشترك معهم المقاتلون.

وقسم يكون للمقاتلين.

وفي كليهما يجب الخمس للإمام وقبيله.

ولكن يرد على هذا التوجيه كلام صاحب العروة ما تقدّم من أنّ ما يجعله النبي أو الامام أو الحاكم الشرعي لفرد أو جهة يخرج من الغنيمة قبل تخميسها وكأن هذا الكلام المتقدّم يقول بعدم وجوب الخمس في ما يجعله لفرد أو جماعة أو جهة ومنه السلب الذي يجعله الرئيس للسالب.

وعلى كل حال: نبحث الآن عن دليل المسألة بعد ان تبيّن انها ليست غريبة: فنقول: ان المشهور على الالسنة

والمعروف عند أهل السنة: «ان السلب للسالب» لما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) هذه الجملة اذ روى ابو قتادة: ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال يوم حنين- وهو من أشدّ حروبه- بعد ما وضعت الحرب اوزارها: (من قتل قتيلاً فله سلبُه)[5] [6] . وفي صحيح مسلم: «ان من قتل قتيلاً فله سلبه وسلاحه»[7] .

ويرد عليه: ان هذا الحديث غير ثابت من طرقنا فلا يثبت ان السلب للسالب كحكم شرعي.

نعم اذا ثبت ان هذا من الجعل بحيث يمكن ان يجعله النبي أو الإمام أو الحاكم الشرعي للسالب فهو غنيمة لشخص معيّن لا خمس فيها لانّ الخمس هو في الغنيمة التي يغنمها المقاتلون فتخمس والاربعة اخماس للمقاتلين وما يجعله النبي أو الامام أو الحاكم الشرعي «رئيس الجيش الشرعي» ليس شركة ومشاعاً بين المقاتلين والامام وقبيله بل هو مخصوص للمجعول له, الاّ ان الكلام في ثبوت الجعل من قبل النبي أو الامام أنّ السلب للقاتل.

ولنا ان نقول: ان الجعل الذي يجعله الامام أو رئيس الجيش الى فرد أو اكثر يكون ملكاً له الاّ ان الكلام في خمسه فهل فيه الخمس أو لا؟.

والجواب: فليكن انّه ليس مشاعاً بين المقاتلين, الاّ انه غنيمة بالمعنى الأخص وقد حصل بالقوّة والقهر والغلبة وحينئذٍ تشمله الآية الكريمة بين المقاتلين, فلاحظ.

الا ان يكون هناك دليل يخرج الجعل الذي يجعله رئيس الجيش لفرد معّين عن الخمس.

اذن فتوى صاحب العروة قدس سره صحيحة اذا ثبت ان الرسول جعله للسلب أو ثبتت الرواية عن الرسول (صلى الله عليه وآله) الاّ ان الكلام في ثبوت الرواية أو ثبوت الجعل.

وحينئذٍ اذا لم يثبت الحديث والجعل يكون السلب غنيمة فيه الخمس والاربعة اخماس للمقاتلين, عملاً بالإطلاقات.

 


[1] العروة الوثقى، السيد محمدكاظم الطباطبائي اليزدي، ج4، ص235، ط جماعة المدرسین.
[2] المختلف3: 191 مسألة (148).
[3] من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج2، ص40.
[4] العروة الوثقى، السيد محمدكاظم الطباطبائي اليزدي، ج4، ص235، ط جماعة المدرسین.
[5] يراجع سيرة ابن هشام4: غزوة حنين.
[6] سيره ابن هشام ت السقا، عبد الملك بن هشام، ج2، ص448.
[7] صحيح مسلم، ج3، ص1371، 1751.