الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/03/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ما يؤخذ من الكافر بالربا ليس غنيمة حربية وانما من التكسب / كتاب الخمس

المسألة الثالثة:

ما أُخذ من مال الكافر بمثل المعاملات الباطلة الربوية أو القمارية وما شابه ذلك وهنا ذكر صاحب العروة قدس سره انه يختلف عن المسألة الثانية موضوعاً وحكماً, أمّا خروجه عن معنى الغنيمة, فلعدم صدق الغنيمة الحربية عليه كما هو واضح, نعم هو غنيمة من باب التكسّب والاسترباح بالربا اذا كان هذا جائزاً للمسلم

اذا أخذ الربا من الكافر كما هو فتوى المشهور في هذه المسألة والمسألة أخذ الربا من الزوجة اذا كان الآخذ هو الزوج أو أخذ السيد الربا من عبده أو اخذ الوالد الربا من ولده والعكس, فانّ هذا خاضع للخمس بعد استثناء المؤنة عند تمامية الحول.

أقول: اذا كان رأي صاحب العروة قدس سره هو هذا في المسألة الثالثة , فلماذا اذن فصّل بين هذه المسألة والمسألة الثانية فان المسألة الثانية لا يصدق على الأخذ سرقة أو غيلة عنوان الغنيمة الحربية قطعاً, اذن ستكون المسألة الثالثة والثانية من وادٍ واحد.

واذا قلنا انّ الاخذ سرقة أو غيلة يصدق عليه انه غنيمة بالمعنى الاخص لانّ الغنيمة تصدق من دون قتال, فأيضاً لا وجه للتفصيل بين المسألة الثانية والثالثة, فلاحظ.

ملحوظة: المعاملة الربوية مع الكافر اذا كان حربياً أو غير حربي اذا أخذ المسلم الزيادة جوّزها اكثر علمائنا لوجود نصّ بذلك, ولو لم يوجد نصّ بذلك أو كان النصّ ضعيفاً الاّ انّ القاعدة تقول بجواز أخذ الزيادة الربوية من الكافر الحربي فقط, لأنه اذا كان بيننا وبينه حرب ويجوز قتله فكيف لا يجوز أخذ الزيادة الربوية منه.

أمّا الكافر غير الحربي, فلا يجوز أخذ الربا منه الاّ ان يدل النص على ذلك ولكن اذا لم نقبل النص الدالّ على جواز أخذ الربا منه وحرّمنا المعاملة الربوية معهم «كما عليه السيد الخوئي في كتابه الخمس» فتكون المعاملة الربوية معهم محرّمة ولكن اذا عمل شخص مسلم هذه المعاملة المحرّمة وأخذ الربا, فهنا لا يجب ردّ المال الزائد اليه ويجوز التصرف به للأخذ وذلك عملاً بقاعدة الالزام حيث انّهم يسوّغون هذه المعاملة الربوية فيؤخذون بما التزموا به على أنفسهم.

ثم ان المأخوذ منهم بالمعاملة أو الدعوى الباطلة من الحربي وغيره يلحق بالمأخوذ سرقة أو غيلة من الحربي لوحدة المناط فانه كلّه فائدة ومغنم بالمعنى الاعم فيعتبر في وجوب تخميسها إخراج مؤنة السنة.

مسألة2: يجوز أخذ مال النُصّاب أينما وجد لكن الأحوط اخراج خمسه مطلقاً وكذا الاحوط اخراج الخمس مما حواه العسكر من مال البغاة اذا كانوا من النصاب ودخلوا في عنوانهم والاّ فيشكل حلِّيّة مالهم (1). [1]

1)قال السيد الخوئي قدس سره: ان الناصبي لا إحترام لماله لأنّه كالكافر الحربي, بل هو أشد منه, وقد ورد انّ

الله تعالى لم يخلق خلقاً انجس من الكلب وانّ الناصبي لنا أهل البيت انجس منه[2] .

ويدل على الحكم صحيح حفص بن البختري عن ابي عبدالله عليه السلام: قال: خذ مال الناصب حيثما وجدته وادفع الينا الخمس[3] . ومثله صحيح معلى بن خنيس[4] .

ومعنى الناصبي: هو المبغض لأحد المعصومين الاثني عشر عليهم السلام حيث ورد في بعض الروايات:

الناصب لنا اهل البيت عليهم السلام[5] .

وقد ورد أيضاً عنهم عليهم السلام: «ان حبّنا إيمان وبغضنا كفر»[6] [7] .

ولكن هناك صحيح عبدالله بن سنان يعمم الناصب لمطلق من نصب العداء العلمي و الخارجي لأهل البيت عليهم السلام وان لم يكن في قلبه بغض حيث قال في الصحيح:

«.. ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت, لأنك لا تجد رجلاً يقول: انا ابغض محمداً وآل محمد, ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم انكم تتولونا وأنكم من شيعتنا»[8] .

اذن على هذه الصحيحة فقد وسع الإمام عليه السلام النصب لمن يعادي الجري العملي والخارجي للمعصوم ولاصحابه ولمواليه.

وايضاً نقول: ليس مطلق من يخالف اعتقاد الشيعة هو ناصبي, بل ليس كلّ من يعادي الشيعة هو ناصبي, بل الناصبي هو من يعادي جري المعصوم واصحابه الذين يوالونه لانهم يوالونه.

وقد ذكر السيد الحكيم في مستمسكه خبر اسحاق بن عمّار قال: قال أبو عبدالله عليه السلام: (مال الناصب وكل شيء يملكه) حلال, الاّ امرأته فان نكاح أهل الشرك جائز, فانّ لكلّ قوم نكاح, ولو لا أن اخاف عليكم ان يقتل رجل منكم «ورجل منكم خير من الف رجل منهم» لأمرناكم بالقتل لهم, وان ذلك الى الامام عليه السلام[9] .

وهذا الخبر يدلّ على حلية مال الناصبي لنا نحن الامامية.

وقال السيد الخوئي قدس سره: «وكذا هو رأي صاحب العروة»: «لا اشكال في وجوب تخميسه كما قالت

الصحيحتان المتقدمتان خلافاً لصاحب العروة حيث قال: (بالاحتياط في اخراج خمسه)[10] .

ولكن السيد الخوئي قال بعد ان قال بوجوب اخراج الخمس وعدم الاشكال في ذلك قال: هل تخميس مال الناصبي الذي حلّ لنا أخذه ابتداءً وفوراً كما في غنائم الحرب أو يجب التخميس بعد إخراج مؤنة السنة؟[11] .

وقد قال صاحب العروة قدس سره: (ان الاحوط اخراج الخمس فوراً) بينما السيد الخوئي قدس سره قال: (ان الاقوى اخراج الخمس فوراً عملاً بإطلاق الصحيحتين)[12] .

لأنّ الدليل دلّ على ان الخمس بعد المؤنة ناظر الى الفوائد بالاكتساب من صناعة أو تجارة أو زراعة, امّا غير هذه الامور كغنائم دار الحرب والمعدن والمال المختلط بالحرام والحلال ونحوها ومنها المأخوذ من الناصب فالمتّبع اطلاق دليل وجوب الخمس المقتضي لوجوب التخميس فوراً.

 


[1] العروة الوثقى، السيد محمدكاظم الطباطبائي اليزدي، ج4، ص249، ط جماعة المدرسین.
[2] وسائل الشيعة، العاملي، ج1، ص220، ابواب الماء المضاف، الباب11، ح5، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، العاملي، ج9، ص488، ابواب يجب فيه الخمس، الباب2، ح6، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، العاملي، ج9، ص488، ابواب يجب فيه الخمس، الباب2، ح7، ط آل البيت.
[5] وسائل باب11 من الماء المضاف ح1.
[6] وسائل الشيعة، العاملي، ج28، ص346، ابواب حدّ المرتدّ، الباب10، ح23، ط آل البيت.
[7] وسائل الشيعة، العاملي، ج28، ص346، ابواب حدّ المرتدّ، الباب10، ح24، ط آل البيت.
[8] وسائل الشيعة، العاملي، ج9، ص488، ابواب يجب فيه الخمس، الباب2، ح3، ط آل البيت.
[9] وسائل الشيعة، العاملي، ج15، ص80، ابواب جهاد العدو، الباب26، ح2، ط آل البيت.
[10] المستند في شرح العروة الوثقى25.
[11] المستند في شرح العروة الوثقى25.
[12] المستند في شرح العروة الوثقى25.