الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/03/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: وجوب الخمس في ما يحصل عليه في الهجوم زمن الغيبة / كتاب الخمس

نعم اذا كان الكافر محارباً اي يريد قتلنا وتحطيم ديننا وليس مسالماً, بل كان محارباً مجاهراً بذلك فهنا تصحّ المحاربة معه ويكون دمه هدراً[1] .

سواء باغتنا فنقف له بالمرصاد أو باغتناه بعد اعلان الحرب علينا وهو ما يسّمى بالهجوم, ولكنّه هجوم بعد إعلان الحرب وإرادة استئصالنا وعمل لذلك, وحينئذٍ هنا في هذه الصورة يكون دم الكافر هدراً ولا حرمة لأمواله ويجوز اخذها وتملكها بالحيازة, وهنا يصدق على كل ما يؤخذ منه بعد اعلان الحرب انه غنيمة بالمعنى والأخص.

أمّا اذا كانت دولة الكفر مسالمة لا تريد القضاء على ديننا وعلينا فلا يجوز السلب والنهب منهم في هذا الزمان الذي صارت الدول تابعة لهيئة الأمم المتحدَة واعضاءً فيها وتريد التعايش بسلام, فهذا عصر المعاهدات والصلح بين الدول, فلا يجوز أيّ اعتداء للسلب والنهب مالم تكن الدولة معلنة الحرب علينا, وعليه فنحن نخالف صاحب العروة اذا كان يريد في هذه المسألة خصوص الأخذ بنحو السلب والنهب منهم من دون حرب معلنة منهم ضدّنا, كما نخالف السيد الخوئي قدس سره القائل: (بان كلّ من لم يكن مسلماً ولم يدفع الجزية فهو محارب) كما هو مذكور في صراط النجاة جواباً عن سؤال قدّم له في معنى المحارب, اذْ نقول: بأنّ المحارب هو من أعلن الحرب علينا ويريد القضاء على ديننا وعلينا, والذمّي هو الذي يكون في ارض الاسلام ولم يدخل فيه, وهناك شقّ ثالث وهو المحارب ولم يكن في أرضنا ليدفع الجزية, بل في دولته المسالمة التي لا تريد القضاء على ديننا وعلينا وهي داخلة «مثل حكومتنا» في الامم المتحدة كأعضاء تتعامل معنا تعامل التعايش السلمي الصحيح غير المعادي, فهذه الدول تعتبر أنها قد دخلت معنا في

معاهدة وصلح فهذا ليس زمن الحرب بل هو زمن الصلح والمعاهدات فلا ينطبق عليهم عنوان الكافر الحربي الذي يجوز أخذ ماله بالسلب والنهب, فلاحظ.

المسألة الثانية: ما اذا أخذ مال الكافر بالسرقة والغيلة, وقد ألحقه صاحب العروة بالمسألة الأوُلى في وجوب الخمس بعنوان الغنيمة الحربية.

ويرد عليه: ان عنوان الغنيمة هو ما يكون مأخوذاً بالقهر والقتال وبعد إعلان الحرب من قبل الكافر علينا من أجل القضاء علينا, اما اذا أخذ مال الكافر غير المعلن للحرب غصباً وسرقة وغيلةً, فهل هو جائز؟

واذا كان جائزاً فهل هو غنيمة بالمعنى الأخص أو غنيمة بمعنى أنّه فائدة فتكون خاضعة للخمس بعد استثناء مؤنة السنة؟

والجواب: قد نقول انه لا يجوز اذا دخل تحت عنوان الخيانة للكافر الحربي, فهي محرّمة مع كلّ أحد للأدلّة اللفظية المصرّحة بحرمة الخيانة حتى للكافر.

أمّا اذا لم يدخل تحت عنوان الخيانة, كما اذا وجدنا مالاً للكافر الحربي وهو معّين معروف الاّ أنّ هذا العمل اذا كان جائزاً ولا يصدق عليه انه خيانة , الاّ أنه لا يصدق عليه انه غنيمة حربية, بل هو غنيمة داخلة في ارباح مكاسب السنة فيجب فيها الخمس بعد استثناء مؤنة السنة وعلى هذا فيكون هذا مخالفاً لرأي صاحب العروة الذي أوجب الخمس من دون استثناء مؤنة السنة.

اذن نحن نختار «اذا قلنا ان هذا العمل جائز في الكافر الحربي» بأنّ ما يؤخذ من الكافر سرقة أو غيلة لا يكون داخلاً تحت الغنيمة القتالية, بل يكون داخلاً تحت عنوان أرباح المكاسب فيجب الخمس بعد مؤنة السنة.

ويؤيّد هذا أو يدل عليه ورود مكاتبة علي بن مهزيار التي مثلّت للفائدة بالمعنى الأعم بالمال المأخوذ من عدو يصطلم كما ورد في الحديث, واليك الحديث (هو صحيح علي بن مهزيار عن ابي جعفر الثاني (الجواد عليه السلام) قال... فامّا الغنائم والفوايد فهي واجبة عليهم في كل عام قال تعالى(انما غنمتم.. فالغنائم والفوايد يرحمك الله فهي الغنيمة يغنمها المرء والفائدة يفيدها والجائزة من الانسان للإنسان التي لها خطر والميراث الذي لا يحتسب من غير أب ولا ابن ومثل عدو يصطلم فيؤخذ ماله ومثل مال يؤخذ ولا يعرف له صاحب[2] .

وظاهرها انه ليس عدواً شخصياً, بل المراد العداوة المبدئية ومن ابرزها الكافر الحربي.

أمّا الكافر غير الحربي اذا وجدنا ماله في الطريق فلا يجوز أخذ ماله لأنّ هذا الزمن زمن المعاهدات والصلح الذي يكون مستبطناً فيه عدم الجواز حتى هذا العمل الذي لا يصدق عليه أنّه خيانة الاّ انه منافٍ للعهد والاتفاق الذي يجب تطبيقهما في هذا الزمن.

 


[1] نعم توجد رواية يذكرها اهل المنابر لم نتحقق سندها الاّ انها تصلح للتأييد لما نقول من ان الاسلام لا ينشر بالسيف فان لم يؤمن الانسان بالإسلام لا يقتل وهي ما روي من ان مشركاً غافل النبي (صلى الله عليه وآله) ووضع سيفه على رقبته وقال له: من ينجيك منّي يا محمد؟ فقال له: الله ثم اراد المشرك قتل النبي، فسقط السيف منه فأخذه النبي ووضعه على رقبة المشرك وقال النبي (صلى الله عليه وآله): ألآن من ينجيك منّي؟ فقال المشرك حلمك يا محمد فقال النبي (صلى الله عليه وآله) قل لا اله الاّ الله محمد رسول الله فقال: لا أقول، فقال له: اذن لا تقف مع الاعداء ضدّنا فقال المشرك لك ذلك.هذه الرواية فيها جنبتان :الأولى: ان الكافر الذي غافل النبي (صلى الله عليه وآله) واراد قتله هو كافر محارب اعلن الحرب واراد القتل، وهنا يجوز للنبي (ص) قتله ولا يستسلم النبي (ص) له، ولذا حينما رفع السيف لأجل قتل النبي (صلى الله عليه وآله) ووقع السيف من يده أخذه النبي (صلى الله عليه وآله) واراد قتله، فقتله جائز، ولكن النبي (صلى الله عليه وآله) رحمة به قد عفا عنه عند قدرته على قتله.الثانية: هل يجوز نشر الدين والاسلام بالسيف بحيث اذا لم يكن الكافر مقتنعاً بالدين والاسلام فُيقتل وان لم يرد قتلنا؟والجواب: لا يجوز ذلك وهذه الرواية ان صحّت فهي من ادلة هذا القول فانّ النبي (صلى الله عليه وآله)) عندما تسلّط عليه وكان يجوز له قتله لأنه محارب معلن بالحرب وسعى لها دعاه الى الاسلام (بشهادة ان لا اله الاّ الله وان محمداً رسول الله) فلم يقبل وفي هذه الحالة لا يجوز قتله لأنه لم يكن محارباً وقد خرج عن الحرابة اذن عفو رسول الله عن قتله هو للجنبة الأُولى، فلاحظ.
[2] وسائل الشيعة، العاملي، ج9، ص501، ابواب يجب فيه الخمس، الباب8، ح5، ط آل البيت.