الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

38/02/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: وجوب الزكاة عند العيلولة سواء كانت من الحلال أو الحرام / زكاة الفطرة

 

مسألة13: الظاهر عدم اشتراط كون الانفاق من المال الحلال فلو أنفق على عياله من المال الحرام من غصب أو نحوه وجب عليه زكاتهم(1).[1]

مسألة14: الظاهر عدم اشتراط صرف عين ما انفقه أو قيمته بعد صدق العيلولة, فلو أعطى زوجته نفقتها وصرفت غيرها في مصارفها وجب عليه زكاتها, وكذا في غيرها(2).[2]

مسألة15: لو ملّك شخصاً مالاً هبةً أو هديّة وهو أنفقه على نفسه لا يجب عليه زكاته, لأنّه لا يصير عيالاً له بمجرّد ذلك نعم لو كان من عياله عرفاً ووهبه مثلاً لينفقه على نفسه فالظاهر الوجوب(3).[3]

مسألة16: لو استأجر شخصاً واشترط في ضمن العقد ان يكون نفقته عليه لا يبعد وجوب إخراج فطرته, نعم لو اشترط عليه مقدار نفقته فيعطيه دراهم مثلاً ينفق بها على نفسه لم تجب عليه والمناط الصدق العرفي في عدِّه من عياله وعدمه(4).[4]

مسألة17:اذا نزل عليه نازل قهراً عليه ومن غير رضاه وصار ضيفاً عنده مدّة هل تجب عليه فطرته أم لا؟ اشكال وكذا لو عال شخصاً بالا كراه والجبر من غيره نعم في مثل العامل الذي يرسله الظالم لأخذ مال منه فينزل عنده مدّة ظلماً وهو مجبور في طعامه وشرابه فالظاهر عدم الوجوب لعدم صدق العيال ولا الضيف عليه(5).[5]

1)نعم إن الحكم بالفطرة معلّق على العيلولة, فمتى ما صدقت وجب الإخراج من دون فرق بين أنْ يكون الإنفاق الخارجي من حلال أو حرام فالسارق والمقامر والمرابي وأمثالهم تصدق عيلولتهم لزوجاتهم واهل بيتهم وإنْ كان الانفاق من مال محرّم فتصرّفهم أيضاً يكون محرّماً, وهذا يختلف عن صورة الانفاق على ولدي من قبل عمّه فانه يصدق على العم انه هو العائل وليس الأب, أمّا اذا كان الأب يصرف عليه من قبل المال الذي غصبه الأب من العمّ فانّه يصدق على الاب أنّه هو المعيل وإنْ كان المال هو للعمّ الاّ انّه قد غصبه الأب.

نعم نشترط ان يكون الدفع للزكاة وأداء الزكاة من المال الحلال وذلك للزوم كون الدفع سائغ التصرّف.

2) هذه المسألة واضحة

3) هذه المسألة واضحة

4) هذه المسألة واضحة

5) اقول: هنا اربعة موارد:

الاول: النزول القهري ومن دون رضا صاحب الدار وهو يتحقق في الضيف الذي يأتي من دون دعوة ومن دون رضا بل بالقهر.

الثاني: العيلولة الإكراهية, بحيث لو لم يعلْهُ يُسجنُ صاحب الدار أو يُعذّب, فيدفع صاحب الدار السجنَ والعذابَ بالعيلولة اختياراً.

الثالث: اذا أُجبر على عيلولة إنسان معيّن بحيث يخرج المال من جيبه ويُصرف عليهما معاً من دون اختيار له في الصرف على الاخر.

الرابع: العامِل الذي يُرسله الظالم لأخذ المال من صاحب البيت فينزل عنده مدّة ظلماً فيكون صاحب البيت مجبراً على إطعامه وسقيه وإسكانه.

ففي الموارد الثلاثة الأولى استشكل صاحب العروة في صدق العيلولة, أمّا المورد الرابع فقد جزم بعدم صدق العيال فيه.

وقد اعترض البعض على الفرق حيث ان العامل الذي يُرسله الظالم لأخذ مال من صاحب البيت فيكون مجبوراً أو مكرها على الاطعام فهو كالصورة الثالثة والثانية, فيكون صاحب البيت إمّا مجبراً على إعالته أو مكرهاً.

وعلى كلّ حال فانّ منشأ الإشكال هو:

المنشأ الأول: انّ الروايات الموجبة للفطرة على المعيل منصرفة الى الإعالة الإختيارية مثل «كلّ منَ ضممت الى عيالك» وهذه الإعالة هنا قهرية أو إكراهية أو جبرية, وحينئذٍ ستكون فطرة هذا المعال بصورة غير إختيارية عليه لا على المعيل.

واذا شككنا في وجوب الفطرة على هذه الموارد فالبراءة تقول بعدم الوجوب.

والجواب: كما يقول السيد الخوئي قدس سره: ان الإطلاق محكّم لأن جملة «كلّ مَن ضممت الى عيالك» أو« كل من أغلقت عليه بابك» يصدق في صورة الإختيار والإكراه والقهر والجبر.

أقول:

أولاً: كأنَّ السيد الخوئي قدس سره يريد من الإطلاق, العمومات, لأنّ الادلّة هي عامّة كما تقدّمت الجملتان وكذا قوله: «الفطرة واجبة على كلّ مَن يعول» وهي صحيحة عمر بن يزيد[6] . وكذلك قوله عليه السلام: «تصدّق عن جميع مَن تعول» وهي صحيحة محمد بن مسلم[7] .

ثانياً: كأنّ السيد الخوئي قدس سره لم يفرّق هنا بين الإكراه والإجبار فجعلهما معاً بمعنى الاجبار, بينما الصحيح هو التفريق كما تقدّم منه ومن غيره في كتاب الصوم حيث كان الافطار الإكراهي متحقّقاً عند حدوث الإكراه على الافطار ويجب القضاء دون تحقّق الافطار عند الافطار الجبري كما في إيجار الماء في حلق إنسان جبراً, فلاحظ.

ثالثاً: ان موضوع الفطرة هو العيلولة الاختيارية دائماً, إلاّ انّ هذا الاختيار مرّة يكون مع طيب نفس, ومرّة يكون من دون طيب نفس, وهذا يتحقق مع الإكراه فإنّ العيلولة تحصل وتكون مرادةً واختيارية لأجل دفع ماهو مهدّد به اذا لم يفعل العيلولة الإكراهية الاختيارية.

نعم الاجبار على العيلولة - كما اذا أُخذ من جيبه المال جبراً وأُشتري به ما يأكل به الاثنان, أو اذا اخذ من محلّه الطعام جبراً عليه فأكله - لا يصدق عليه عيلولة وذلك لعدم اختياره في هذا الإطعام.

اذن العيلولة الاكراهية يصدق معها الاعالة, لأن المعيل يعيلهم باختياره ولو كان سبب هذه الإعالة الاختيارية هو الاكراه له عليها والتهديد بأنّه لو لم يفعل لسجن أو عذّب. اذن في صورة الإعالة الاختيارية ولو كان سببها الضيف القهري ومن دون دعوة ومن دون رضا, وكذا اذا سَّببها الإكراه فالفطرة على المعيل الاختياري وان لم يكن من طيب نفس. من دون رضا وطيب نفس, فالعيلولة لا تعني الانفاق فقط, بل لابدّ أنْ يتكفله المعيل ويعتني به, وهذا مفهوم مشكّك بين الأقل والاكثر فاذا شككنا في تحقّقه فنرجع الى عمومات وجوب الفطرة على كل إنسان واجد للشرائط وهو موضوع لوجوب الفطرة فتكون الفطرة على المعال في هذه الموارد.

والجواب: ان الانفاق والاعتناء والتكفّل يمكن ان يقع إختياراً وإكراهاً وقهراً ولو من دون طيب نفس كما اذا جاء الوالد ونزل الى ولده قهراً وإكراهاً فانفق عليه واعتنى به ولو مكرهاً. اذن الأقرب وجوب الفطرة كلّما صدق عنوان العيلولة الفعلية ولو كانت إكراهاً وحياءً وامّا اذا لم تصدق العيلولة كما في صورة الإجبار فلا فطرة على المعيل إجباراً وتجب إكراهاً وقهراً وحياءً, فلاحظ.


[1] العروة الوثقى، السيد محمدكاظم الطباطبائي اليزدي، ج4، ص215، ط جماعة المدرسین.
[2] العروة الوثقى، السيد محمدكاظم الطباطبائي اليزدي، ج4، ص215، ط جماعة المدرسین.
[3] العروة الوثقى، السيد محمدكاظم الطباطبائي اليزدي، ج4، ص215، ط جماعة المدرسین.
[4] العروة الوثقى، السيد محمدكاظم الطباطبائي اليزدي، ج4، ص216، ط جماعة المدرسین.
[5] العروة الوثقى، السيد محمدكاظم الطباطبائي اليزدي، ج4، ص216، ط جماعة المدرسین.
[6] وسائل الشيعة، العلامة الشيخ حرّ العاملي، ج9، ص327، ابواب زكاة الفطرة، باب1، ح2، ط آل البیت.
[7] وسائل الشيعة، العلامة الشيخ حرّ العاملي، ج9، ص327، ابواب زكاة الفطرة، باب1، ح3، ط آل البیت.