الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقة

36/03/21

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:يجوز للمعتكف أن يشترط حين النيّة الرجوع متى شاء
مسألة 40: يجوز له أن يشترط حين النية الرجوع متى شاء حتى في اليوم الثالث سواء علق الرجوع على عروض عارض أولا، بل يشترط الرجوع متى شاء حتى بلا سبب عارض، ولا يجوز له اشتراط جواز المنافيات كالجماع ونحوه مع بقاء الاعتكاف على حاله ويعتبر أن يكون الشرط المذكور حال النية فلا اعتبار بالشرط قبلها أو بعد الشروع فيه وإن كان قبل الدخول في اليوم الثالث ولو شرط حين النية ثم بعد ذلك أسقط حكم شرطه فالظاهر عدم سقوطه وإن كان الأحوط ترتيب آثار السقوط من الإتمام بعد إكمال اليومين[1] فللمعكتف حين النية اشتراط الرجوع من الاعتكاف متى شاء حتى في اليوم الثالث سواء عرض له عارض أو لم يعرض له عارض ففتوى صاحب العروة هنا فتوى واسعة، وقد دلّت على هذا الحكم روايات كثيرة
فلو قال اعتكف ثلاثة أيام واشترط على الله ان أخرج متى ما أدرت فله الفسخ حتى في اليوم الثالث فلو اعكف وقال اسقط شرطي، ولو شرط حين النية ثم بعد ذلك أسقط حكم شرطه فالظاهر عدم سقوطه وإن كان الأحوط ترتيب آثار السقوط من الإتمام بعد إكمال اليومين[2] فقال السيد المصنف الظاهر عدم سقوط شرطه باعتبار ان الشرط هو حق للشارط وغير قابل للاسقاط فله ان يخرج حتى في اليوم الثالث
قال السيد الخوئي ان الحقوق ثلاثة منها مايمكن إسقاطها ومنها مالايمكن اسقاطها، فقال توجد شروط في العقود والايقاعات قابل للفسخ كتعليق الالتزام بالعقد أو الايقاع في صورة حصول الشرط كقوله بعتك البيت بمليون دينار بشرط ان تسلم المال لي في النجف فان لم يحصل الشرط فللبايع حق الفسخ ففي هذه الصورة للبايع ان يسقط شرطه وان لم يتحقق الشرط
وتارة هناك شرط في العقود والايقاعات غير قابل للفسخ فالنكاح عقد غير قابل للفسخ والطلاق ايقاع غير قابل للفسخ فهنا معنى الشرط هو ان يكون العقد والايقاع معلق على الشرط بمعنى ان كان الشرط موجودا فيصح والاّ فيبطل للقاعدة التي تقول ان التعليق في العقود والايقاعات باطل
وأما في الاعتكاف فهو شرط مع الله وليس شرط مع الناس فهو ليس شرط في عقد وليس شرط في الايقاع بل هو شرط مع الله، فماهو معنى هذا الشرط وما هو الدليل على جواز اسقاطه؟
فيقول السيد الخوئي ان معنى هذا الشرط في الاعتكاف هو ان للمعتكف جواز الرجوع من الاعتكاف حتى في اليوم الثالث فكأن الله تعالى قال شرعت للمعتكف جواز الرجوع حتى في اليوم الثالث وعليه فيكون حكم شرعي ويجوز له الرجوع وهذا الحكم الشرعي جاء قبل من الشرط وحينئذ فارجاع هذا الاعتكاف الذي يجوز فيه الرجوع كحكم شرعي الى الاعتكاف اللازم يحتاج الى دليل مع انه لايوجد دليل على الجواز بل الدليل ضده لأن الله اذا حكم ان الاعتكاف المشرع لزيد هو الذي يجوز فيه الفسخ فهو حكم شرعي وان الحكم الشرعي لايسقط بالاسقاط، ويقول السيد الخوئي حتى لو قلنا ان الرجوع حق للشارط فلا دليل على جواز اسقاطه
نحن نقول ان الصورة الثانية والصورة الثالثة وهما جواز الاسقاط اما هذا الشرط الثالث الذي مع الله في الاعتكاف فهو حكم شرعي نتج نتيجة الشرط واذا لم نقل هو حكم شرعي بل هو حق فلا دليل على اسقاط هذا الحق
نحن نقول ان الصورة الثانية الشرط في العقود والايقاعات غير القابلة للفسخ كالزواج والطلاق فان نفس هذا المعنى موجود في الشرط الثالث الذي هو مع الله في الاعتكاف وذلك لأن الشرط في الصورة الثانية في الحقيقة لابد من الالتزام بالشرط وهذا الشرط صار موضوعا لحكم شرعي وهو وجوب الالتزام بمضمون الشرط فيكون موضوعا لجواز الشرط وكذا الكلام نفسه يأتي في الصورة الثالثة فكل منهما صار موضوعا للحكم، فاذا قلنا ان الصورة الثاني يجوز فيها الاسقاط فلابد من القول بالاسقاط أيضا في الصورة الثالثة وخصوصا اذا قلنا ان دليل الصورة الثانية هو السيرة العقلائية فان العقلاء قالوا اذا قال المعتكف اسقطت الشرط الذي اشترطه على الله فيسقط حكمه وهو جواز فسخ الاعتكاف في اليوم الثالث
نعم الحكم الشرعي الصادر من الله لايمكن اسقاطه الاّ ان مانحن فيه ليس حكما شرعيا من الله كما صورة السيد الخوئي بل ان مانحن فيه موضوع لحكم
ولعله لأجل هذه المناقشة قال صاحب الجواهر ان هذا الشرط في الاعتكاف قابل للاسقاط لأنه حق جعله المكلف لنفسه على الله فاذا أسقطه سقط، حيث جعل هذا الشرط في نجاة العباد موافقا للاحتياط
فما قيل من ان هذا حكم سببه الاشتراط وليس للمعتكف رفع الحكم هو مجرد مغالطة فان هذا الحكم لأن هذا الحكم موضوعه الاشتراط حيث ان المكلف أوجده لحكم فيمكنه ان يزيل الموضوع وبازالة الموضوع ينعدم الحكم
أقول لعل دليل فتوى صاحب الجواهر ماقلناه من ان الشرط في الصورة الثانية موضوع الحكم وكذا في الصورة الثالثة فالشرط فيها موضوع الجواز فاذا اُعدم الموضوع فيزول الحكم
مسألة 41: كما يجوز اشتراط الرجوع في الاعتكاف حين عقد نيته كذلك يجوز اشتراطه في نذره كأن يقول لله علي أن أعتكف بشرط أن يكون لي الرجوع عند عروض كذا أو مطلقا وحينئذ فيجوز له الرجوع وإن لم يشترط حين الشروع في الاعتكاف فيكفي الاشتراط حال النذر في جواز الرجوع لكن الأحوط ذكر الشرط حال الشروع أيضا ولا فرق في كون النذر اعتكاف أيام معينة أو غير معينة متتابعة أو غير متتابعة فيجوز الرجوع في الجميع مع الشرط المذكور في النذر ولا يجب القضاء بعد الرجوع مع التعين ولا الاستئناف مع الإطلاق[3] فقلنا بجواز اشتراط الرجوع في الاعتكاف حين النية هذا ماتقدم، هنا قال المصنف بجواز الرجوع في نذر الاعتكاف
قال صاحب الجواهر هذا عبارة عن شرط الرجوع في الاعتكاف فلا يحتاج الى دليل جديد على صحة فسخ الاعتكاف في نذر الاعتكاف فهو عبارة اخرى عن شرط الفسخ في الاعتكاف، فان الاعتكاف المشروع قسمان مطلق وخاص وكلاهما مشروع فالشرط في نذر الاعتكاف هو شرط راجع للاعتكاف وحكمه حكم المسألة السابقة وهي شرط الرجوع في الاعتكاف
فهو كما قالت صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة حيث فهمنا من مفهومها ذلك، وهي:
صحيحة محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إذا اعتكف يوما ولم يكن اشترط فله أن يخرج ويفسخ الاعتكاف، وإن أقام يومين ولم يكن اشترط فليس له أن يفسخ اعتكافه حتى تمضي ثلاثة أيام [4] فمفهومها قال ان الاعتكاف قسمان قسم اعتكاف مطلق لايجوز فيه الرجوع في اليوم الثالث وقسم قالت بجواز الرجوع فيه وهو الاعتكاف المشروط وان المنذور من هذا القسم الثاني وهو الاعتكاف المشروط الذي يجوز فيه الرجوع
لكن جماعة كصاحب المدارك وصاحب الحدائق استشكلوا في صحة هذا الشرط في النذر فقالوا يوجد لدينا دليل على جواز الشرط في الاعتكاف أما هذا فهو شرط في النذر ولادليل على صحة الشرط في النذر
أما السيد الحكيم ففصّل وقال اذا كان الشرط في النذر هو لتقييد الاعتكاف المنذور فالاعتكاف في المنذور قسمين مطلق ومشروط فيجوز نذر كل منهما فيصح نذر الاعتكاف المشروط كما يصح نذر المطلق، وحينئذ اذا جاء بالاعتكاف بقصد الوفاء بالنذر فقد قصد الاعتكاف المشروط فيرجع هذا الشرط الى الاشتراط في الاعتكاف اما اذا كان المراد الشرط في ضمن النذر فهو ليس شرط الاعتكاف فان هذا الشرط يقيّد النذر ولايقيّد الاعتكاف فالاشكال واضح


[1] العروة الوثقى، السيد اليزدي، ج3، ص692، ط جامعة المدرسين.
[2] العروة الوثقى، السيد اليزدي، ج3، ص692، ط جامعة المدرسين.
[3] العروة الوثقى، السيد اليزدي، ج3، ص692، ط جامعة المدرسين.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، أبواب الاعتكاف، ج10، ص543، باب4، ح1، ط آل البيت.