الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقة

34/07/21

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: تكليف الكفار بالفروع
 قلنا فيما تقدم انه لم يصح دليل واحد من قبل صاحب الحدائق والسيد الخوئي على ان الكفار غير مكلفين بالفروع بل ثبت عندنا كما قاله المشهور من ان الكفار مكلفون بالفروع كالاصول اما من العمومات ولله على البيت حج البيت من استطاع اليه سبيلا وهكذا ياأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم فهذا عام
 كما انه توجد آية خاصة وهي يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون وهو الايمان بالقران سواء الفروع منه أو الاصول، ثم قال تعالى ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين وهذه كلها فروع والمخاطب هو بني اسرائيل
 فهنا أوجدنا أدلة خاصة في خطاب الكفار أو أدلة عامة تشمل المسلم وغيره فالكفار مكلفون بالفروع كتكليفهم بالاصول هذا مع وجود الاجماعات التي تدل على ان الخطابات القرانية هي لجميع البشر
 وان المخالف في هذه المسألة من الامامية هو صاحب الحدائق والسيد الخوئي نعم نُسب ذلك الى الفيض الكاشاني والاسترابادي لكن السيد الخوئي يقول ان في هذه النسبة منع ثم على فرض صحة النسبة فإن هؤلاء الأربعة هم جميعا من المتأخرين في قبال بقية العلماء
 وقال صاحب الجواهر ان المسألة متّفق عليها بين الامامية والعامة الاّ أبي حنيفة وان خلاف أبي حنيفة لايعبئ به
 نحن نقول في الإشكال على صاحب الجواهر ان العامة ليسوا متفين على تكليف الكفار بالفروع بل مشهورهم ذهب الى ذلك مع وجود المخالف في ذلك غير أبي جنيفة فهو قول عند الحنابلة والشافعية فهذا القول غير متفق عند العامة
 ثم انه بعد ان ثبت ان الكافر مكلف بالفروع فلو صلى وصام وأعطى الزكاة وهو كافر فهو عمله صحيح؟
 هنا نقول ان عمله غير صحيح فالسيد الخوئي يقول ان عمله ليس بصحيح لأن الشرك وهو قسم من الكفر يحبط العمل السابق على الشرك لقوله تعالى لان أشركت ليحبطن عملك فيكون العمل حين الشرك محبوطا بالأولية، وأما الكافر غير المشرك كالملحد فقد تقدم ان انفاقه غير مقبول وعدم القبول ملازم لعدم الصحة
 نحن نقول بأن هذا الحكم صحيح وهو عدم قبول عمل الكافر لكن أدلة السيد الخوئي هنا لانقبلها وقد تقدم دليل ذلك مفصلا وان القاعدة هي ان عدم القبول إذا كان لأجل وجود المعصية فمعناه الصحة وعدم الثواب وأما عدم القبول اذا أتى بدون معصية فهذا يكشف عن فقد شرط الصحة فعدم الصحة من الكافر هو لأجل عدم نية القربة
 هنا وجدنا دليل آخر على تكليف الكفار بالفروع وهو قوله تعالى مخاطبا المجرمين ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين فالعذاب وهو السقر لأجل عدم العمل بالفروع وعدم العمل بالاصول فالكافر يعذب لعدم عمله بالفروع وعدم عمله بالاصول فيعذب من ناحيتين
 قلنا ان في هذه المسالة قولان فقول بعدم تكليفهم بالفروع كما قاله السيد الخوئي وقول بتكليفهم بالفروع وهو القول المشهور بين الامامية
 ولكن الأقوال في هذه المسألة أكثر من قولين فقد قال بعض الحنابلة ان الكفار مخاطبون بالنواهي فقد بدليل ان ترك المنهي عنه ممكن وان لم يكن قصد للقربة وهذا بخلاف الأوامر فهي تحتاج الى قصد القربة وهذا القول داخل في القول بتكليف الكفار بالفروع
 القول الرابع هو ان الكفار مخاطبون بما عدا الجهاد فان الجهاد غير مخاطبون به لأنه يعني مقاتلة نفسه وهذا غير ممكن ولكننا نقول ان الجهاد عمل قربي وفي سبيل الله فيتوقف على الايمان بالله ورسوله وهو ممكن بأن يقاتل الكافرين
 القول الخامس هو ان المرتد مخاطب الفروع دون الكافر الأصلي فالمرتد ملتزم بأحكام الاسلام بخلاف الكافر الأصلي ولكن هذا القول لاوجه له لأن الالتزام بأحكام الاسلام كان قبل الردة واما بعد الردة فهو غير ملتزم بأحكام الاسلام فلاوجه لهذا القول
 هنا نقول ان أصحاب الأقوال الخمسة متفقون على امور: أولا: عدم صحة العبادات من الكافر، ثانيا: ان الكافر غير ملزم بالقضاء بعد اسلامه، ثالثا: الاتفاق على معاقبة الكافر على كفره وتتفاوت المعاقبة والعذاب بحسب عمله، رابعا: ان الكافر معاقب على سرقته اذا تصرف بمال الغير وغير ذلك من الأحكام، وغير ذلك من الفروع من انه اذا اجنب فلابد له من الاغتسال، خامسا: مطالب بالفروع بشرط تحصيل شرطها وهو الايمان، وعليه فيرتفع الخلاف في هذه المسألة ويكو ن الخلاف لفظيا ولا أثر له في الفقه
 نعم يبقى الخلاف في ان الكافر اذا فعل الخير فهل تكتب له الحسنات أو ان السيئات فقط هي التي تكتب له فهل تكتب له هذه الامور التي لاتحتاج الى نية القربة، ذهب البعض الى انه يثاب على أفعال الخير في الآخرة وذهب البعض الى انه يثاب عليها بنعم الدنيا فقط دون الآخرة وذهب البعض الى ان أعماله الخيرية محصاة من أجل ثواب الدنيا فإذا أسلم فإنها تضاف الى حسناته حين الاسلام فيثاب عليها في الآخرة
 وان هذه المسألة تطرح أيضا في الاصول وهو شروط التكليف فقالوا ان حصول الشرط لايشترط فيه توجيه التكليف بمعنى ان التكليف متوجه الى الشخص وان لم يحصل شرط العمل وهو الاسلام فهذه مسألة تُبحث في الاصول، كما يقال ان التكليف بالشريعة الاسلامية لايتوقف على تحقق شرط الايمان أو الاسلام وهذه المسالة تبحث في الاصول أيضا