الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقة

34/05/07

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: إذا أفطر متعمدا ثم سافر بعد الزوال
 قلنا ان السيد الخوئي ناقش صاحب لعروة حيث قال اذا علمت بإفطارك ولم تعلم انه كان في شهر رمضان فعليك كفارة كبيرة أو إنه كان في قضاء شهر رمضان بعد الظهر فعليك اطعام عشرة مساكين هنا قال صاحب العروة بكفاية اطعام ستين مسكينا ثم ترقى فقال بل يكفي اطعام عشرة مساكين
 السيد الخوئي قال هنا لايكفي اطعام عشرة مساكين لأن الأمر دار بين متباينين فان أفطر في نهار شهر رمضان فعليه إحدى الخصال الثلاثة وهي عتق رقبة أو اطعام ستين مسكينا أو صوم شهرين متتابعين أما اذا أفطر في قضاء شهر رمضان بعد الزوال فعليه اطعام عشر مساكين وهذا تباين بينهما فلابد من الاحتياط اما باطعام عشرة مساكين وعتق رقبة أو صوم شهرين متتابعين أو أن يحتاط بإطعام ستين مسكينا فإننا معه نقطع بالإمتثال فلا تكفي العشرة لأنه من موارد المتباينين
 نحن قلنا أيها السيد الخوئي لو كان كلامك كما هو في الروايات فهو تام لكن لاتوجد ولو رواية واحدة بهذا اللسان فان هذا الكلام قد انتزعه الفقهاء من الروايات فلا قيمة له بل ان القيمة للسان الروايات ومعه فلا تباين في البين
 صحيحة عبد الله بن سنان من أفطر في شهر رمضان متعمدا فعليه ان يعتق نسمة اويصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا ولاتوجد جملة (إحدى الخصال الثلاث) في الرواية
 وفي بعض الروايات تصدق على ستين مسكينا وفي بعض الروايات يتصدق بعشرين صاعا وفي بعض الروايات يتصدق بقدر مايطيق وفي رواية عليه اطعام ستين مسكينا مد لكل مسكين وهذه الروايات في الباب 8 مما يمسك عنه الصائم
 فالمأمور به اطعام ستين مسكين حينئذ هنا لايعلم هل يطعم ستين مسكينا فيما إذا أفطر في نهار شهر رمضان أو عشرة مساكين فيما أذا أفطر في قضاء شهر رمضان ومعه فالأمر يدور بين إطعام ستين مسكينا وبين إطعام عشرة مساكين فالأمر هنا يدور بين الأقل والأكثر والأقل متيقن والأكثر مشكوك فيجري البرائة عن الأكثر ويقتصر على الأقل ويتم كلام صاحب العروة
 ثم ان مبنى دوران الأمر بين الأقل والأكثر فيقتصر على الأقل هل يراد منه الدوران المفهومي أو الدوران المصداقي؟
 فان اُريد منه الدوران المفهومي فدائما يكون مفهوم إحدى الخصال مباينا لمفهوم إطعام عشرة مساكين فمفهوم إطعام ستين مسكينا هو مفهوم الأكثر ومفهوم إطعام عشرة مساكين هو مفهوم الأقل لكن بينهما تباين
 أما الصحيح فهو الدوان المصداقي فهنا الأقل متيقن والأكثر مشكوك فينحل العلم الإجمالي فيجب الأقل ويُنفى الأكثر فما قاله صاحب العروة هو الصحيح وماقاله السيد الخوئي صحيح اذا قالت الروايات (عليه إحدى الخصال الثلاث) لكن لاتقول الروايات بذلك
 مسألة 11: إذا أفطر متعمدا ثم سافر بعد الزوال لم تسقط عنه الكفارة بلا إشكال وكذا إذا سافر قبل الزوال للفرار عنها بل وكذا لو بدا له السفر لا بقصد الفرار على الأقوى وكذا لو سافر فأفطر قبل الوصول إلى حد الترخص وأما لو أفطر متعمدا ثم عرض له عارض قهري من حيض أو نفاس أو مرض أو جنون أو نحو ذلك من الأعذار ففي السقوط وعدمه وجهان بل قولان أحوطهما الثاني وأقواهما الأول فقال صاحب العروة بعدم سقوط الكفارة في هذ الفروع الأربعة وهي لو أفطر صباحا ثم سافر بعد الظهر وكذا اذا افطر صباحا ثم سافر قبل الزوال وكذا اذا افطر صباحا وسافر لأمر طارئ وهكذا لو أفطر قبل ان يصل حد الترخص فهنا العارض اختياري والكفارة تثبت
 ثم قال صاحب العروة اذا أفطر الإنسان متعمدا ثم عرض له عارض قهري كما لو أفطرت المرأة ثم حاضت أو نفست أو جُنت أو تمرضت مرضا يضر بها الصوم فقال هنا بوجود وجه لعدم سقوط الكفارة وهو الأحوط ثم يقول ان الأقوى هو سقوط الكفارة في هذه الموارد الأربعة لعروض عارض قهري يوجب الإفطار
 فأربعة موارد لاتسقط الكفارة وهي الموارد التي حصل السفر بالإختيار وفي أربعة موارد تسقط الكفارة وهي موارد حدوث حادث قهري
 وهذه الموارد الأربعة التي قال فيها بسقوط الكفارة بنى فيها الأمر على ان الآمر وهو الله عزوجل مع علمه بانتفاء شرط وجوب الصوم فلايجوز له ان يأمر بالصوم ومعه فان الأكل قبل تحقق العارض القهري لايوجب الكفارة لأنه لا أمر أصلا بالصوم
 نحن نقول ان هذا الدليل لو صح وهو ان الآمر لو علم بشرط انتفاء الصوم فلا يأمر ومعه فلماذا فرّق صاحب العروة بين الحيض الذي عدمه شرط وجوب الصوم والسفر لافرارا من الصوم؟
 فلو كان الجواب بوجد نص في السفر بأنه لوأفطر وسافر فلا تسقط الكفارة فنقول أيضا يوجد نص في الحيض والنفاس بأن المرأة اذا أكلت صباحا ثم حاضت أو ظهرا فعليها الكفارة ماهو وجه التفريق
 ثم ان الكفارة هل تسقط بعروض مايوجب بطلان الصوم من حيض أو نفاس أو سفر مضطر اليه أو جنون أو مرض يمنع من الصوم؟
 الجواب لاإشكال في عدم سقوط الكفارة بالسفر بعد الزوال ثم انه لو سافر مفطرا قبل الزوال بحيث تكون وظيفته الإفطار كما لو بيّت النية أو مطلقا فإن كفارته لاتسقط بل ثابتة عليه فان المستثنى هو المريض والمسافر لامن سيكون مريضا أو من سيكون مسافرا
 ثم ان من أراد السفر وقبل حد الترخص لو أقدم على الإفطار فقد ذكرت الروايات منعه من الأكل قبل الخروج من البلد ففي صحيح الحلبي في الباب 5 ممن يصح منه الصوم الحديث 2 عن الامام الصادق (عليه السلام) انه سئل عن الرجل يخرج من بيته وهو يريد السفر وهو صائم؟ قال ان خرج من قبل ان ينتصف النهار فاليفطر وليقضي ذلك اليوم أما اذا خرج بعد الزوال فلا يفطر
 وكذا رواية علي بن يقطين في الباب 5 ممن يصح منه الصوم الحديث 10 عن الامام موسى بن جعفر (عليه السلام) في الرجل يسافر في شهر رمضان أيفطر في منزله؟ قال اذا حدّث نفسه في الليل أفطر اذا خرج من منزله فهذه لاتقول اذا نوى السفر فانه يفطر بل قالت اذا خرج بحيث يصدق عليه السفر
 فمن لم يسافرا ولم يصل الى حد الترخص فهو مأمور بالإمساك في شهر رمضان سواء كان صومه شرعيا أو لغويا فإذا أفطر فيصدق عليه انه أفطر عمدا في نهار شهر رمضان فكل من يجب عليه الصوم اذا تناول المفطر فعليه الكفارة
 نأتي الآن الى الموارد الاخرى وهي صورة الحيض والنفاس حيث قال المصنف بأنها اذا أكلت صباحا ثم حاضت بعد الظهر فلا كفارة عليها
 نحن نقول هذه أيضا عليها الكفارة لأنها خالفت ماوجب عليها من لزوم الإمساك في نهار شهر رمضان