الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقة

34/02/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: إجناب الصائم نفسه في شهر رمضان
 كان الكلام في المسألة 66 حيث قلنا انها تنظر الى الحكم التكليفي، وهي:
 مسألة 66: لا يجوز إجناب نفسه في شهر رمضان إذا ضاق الوقت عن الاغتسال أو التيمم، بل إذا لم يسع للاغتسال ولكن وسع للتيمم
 وقد أشبعنا هذه المسألة بحثا وقلنا يحرم إجناب النفس مع ضيق الوقت عن الغسل وعن التيمم فإنه من مصاديق البقاء على الجنابة متعمدا فهو حرام لأنه فوت الواجب
 إنما الكلام فيما اذا لم يسع الوقت للغسل ووسع للتيمم فقال السيد الخوئي بالعصيان لكن صومه صحيح
 نحن قلنا ان العصيان هنا غير ثابت وغير معلوم لأن تفويت موضوع الطهارة المائية والانتقال الى الطهارة الترابية يعني انه غير قادر على الماء الآن فهو مأمور الآن بالتيمم فلامورد للعصيان
 فهذا الاختلاف بين العلماء من كون هذا الشخص عاصيا أو غير عاصي مبني على ان الطهارة الترابية هل لاتفي بمصلحة الطهارة المائية أو انها تفي بكامل الطهارة المائية فان لم تفي فيتحقق العصيان لأنها توجب بطلان الصوم وان وفت بالطهارة المائية فهي توجب صحة الصوم ومعه فلاعصيان
 فلابد من الرجوع الى الروايات والنظر لماتقوله الروايات في المصلحة بالنسبة للطهارة الترابية فإن كانت كالمصلحة في الطهارة المائية الاّ ان الطهارة المائية أولى من الترابية فيكون الصوم صحيحا ولاعصيان في البين الاّ انه ترك الاولى فقط فلابد من الرجوع الى أدلة التنزيل والنظر فيها
 ولو ظن سعة الوقت فتبين ضيقه فإن كان بعد الفحص صح صومه، وإن كان مع ترك الفحص فعليه القضاء على الأحوط
 فلو ظن سعة الوقت فجامع ثم تبين ان الوقت مضيق فدخل عليه الفجر وهو مجنب وهذا الفرع مطوي في عبارة المصنف فيقول المصنف اذا فحص قبل المجامعة ولم يرى الفجر فواقع ثم تبين الخلاف فصومه صحيح واما لو لم يفحص بأن استصحب بقاء الليل فجامع وتبين ضيق الوقت فمرّ عليه الفجر وهو مجنب فهنا احتاط المصنف وجوبا وقال بالقضاء والدليل هو الروايات المعتبرة التي تقول بهذا التفصيل فلابد الافتاء دون الاحتياط وجوبا
 منها موثقة سماعة فهي تقول بالتفصيل لكنها وآردة في الأكل والشرب ومعلّلة بأنه بدأ بالأكل قبل النظر وهذا التعليل يشمل موردنا فانه بدأ بالمواقعة قبل النظر فعليه القضاء بخلاف ما اذا بدأ بالمواقعة بعد الفحص فلاشيء عليه فالرواية الموجودى في الاكل والشرب لكنها معللة والتعليل يشمل مانحن فيه
 موثقة سماعة بن مهران [1] قال سألته عن رجل أكل أو شرب بعد ماطلع الفجر في شهر رمضان؟ قال ان كان قام فنظر فلم يرى الفجر فأكل ثم عاد فراى الفجر فليتم صومه ولا عادة عليه وان كان قام فأكل وشرب ثم نظر الى الفجر فراى انه قد طلع الفجر فليتم صومه وليقضي يوما آخر لأنه بدأ بالأكل قبل النظر فعليه الاعادة وهذا التعليل يشمل موردنا
 فان المستفاد من التعليل ان علّة الحكم بالاعادة هو البدأ بالأكل قبل النظر ولاخصوصية للأكل والشرب فكل مفطّر بدأ به قبل الفحص موجب للبطلان والقضاء وبعد الفحص لاشيء عليه
 وموثقة ابن مهزيار قال كتب الخليل ابن هاشم الى أبي الحسن (عليه السلام) رجل سمع الوطئ والنداء في شهر رمضان فظن ان النداء للسحور فجامع وخرج فاذا الصبح قد أسفر؟ فكتب بخطه (عليه السلام) يقضي ذلك اليوم انشاء الله فهذا قد جامع من دون فحص وهذه الموثقة نص في موردنا
 قال السيد الخوئي ان ابراهيم بن مهزيار مجهول وهو أخو علي بن مهزيار الذي هو من أصحاب الامام الجواد والامام الهادي (عليهما السلام) لكن ابراهيم بن مهزيار مجهول الاّ انه ورد في كامل الزيارات فهو ثقة لأنه لم يرد فيه طعن فهو موثق على رأيه السابق الاّ ان السيد الخوئي رجع عن هذا التوثيق حيث خص التوثيق بمشايخ ابن قولوية وليس كل من ورد في السند
 في المستمسك لم يذكر السيد الحكيم الرواية الاولى ولا الثانية مع ان موثقة سماعة معللة بحيث تشمل موردنا مع ان السيد الحكيم يرى صحة الصوم اذا جامع ظانا سعة الوقت فتبين ضيقه فدخل عليه الفجر وهو مجنب لأن استصحاب الليل معه وهو حجة فلايكون ممن تعمد البقاء على الجنابة
 ولكن يرد عليه ان القول بصحة الصوم مطلقا مع وجود رواية تفصل بين صورة قبل الفحصل وصورة بعد الفحص فالقول بالصحة مطلقا غير صحيح فإن هذه الرواية امارة والامارة مقدمة على الاستصحاب
 فإذا عملنا بالرواية الاولى الموثقة فيجب على صاحب العروة ان يفتي دون العمل بالاحتياط الوجوبي ولابد للسيد الحكيم أن يفصل ولايقول بالصحة مطلقا
 نحن نقول هنا بوجود وجه للاحتياط الوجوبي فقد يكون المكلف قد استند الى حجة شرعية لسعة الوقت، فان الحجة الشرعية قد يكون الفحص وقد يكون استصحاب بقاء الليل فالسيد الحكيم يقول انا أقول بالتفصيل لاستصحاب بقاء الليل لكن الرواية تقول بالقضاء اذا لم يفحص وان كان أكله حلالاً للإستصحاب
 وعليه فسيكون القولان هو القضاء وعدم القضاء، فان كل منهما عليه دليل فإن لم نتمكن ان نرجّح أحد الدليلين على الآخر فلابد من الاحتياط الوجوبي وهذا هو وجه الاحتياط الوجوبي
 التاسع: من المفطرات الحقنة بالمائع ولو مع الاضطرار إليها لرفع المرض، ولا بأس بالجامد وإن كان الأحوط اجتنابه أيضا
 نحن نقول لايصح التعبير بـ التاسع من المفطرات بل نقول التاسع مما يجب الاجتناب عنه فالحقنة ليست مفطرة بل يجب الاجتناب عنها فان نواها وهو في نهار شهر رمضان فان النية لفعل المفطر تكون مفطرة وان كان قد احتقن وهو ناسيا للصوم فلايكون مفطرا أصلاً
 فنقول يجب الإمساك ولانقول انه مفطر
 


[1] وسائل الشيعة، الباب 44 مما يمسك عنه الصائم، الحديث 3