الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقة

34/01/26

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: في جواز النوم للمجنب اذا احتمل الاستيقاظ
 مسألة 56: نوم الجنب في شهر رمضان في الليل مع احتمال الاستيقاظ أو العلم به إذا اتفق استمراره إلى طلوع الفجر على أقسام: فإنه إما أن يكون مع العزم على ترك الغسل وإما أن يكون مع التردد في الغسل وعدمه وإما أن يكون مع الذهول والغفلة عن الغسل وإما أن يكون مع البناء على الاغتسال حين الاستيقاظ مع اتفاق الاستمرار بالنسبة لهذه المسألة التي تقدم الكلام عن بعضها نعد الآن بعض الشيء، فنقول:
 ان الجُنب له ان ينام ليلاً في شهر رمضان مع احتمال الاستيقاظ وليس بحرام فاذا اجنب ليلا يجوز له ان ينام اذا كان يحتمل الاستيقاظ وكذا اذا علم الاستيقاظ وهذا خلافا لما ذهب اليه السيد الخوئي حيث قال بحرمة النوم مع احتمال الاستيقاظ
 اذن ففي حالة الاحتمال والعلم بالاستيقاظ يجوز للمجنب ان ينام فلو نام واستمر نومه الى الفجر فهل يصح صومه أو لايصح؟
 وهذه المسألة ناظرة الى الحكم الوضعي لأن الحكم التكليفي تعرض اليه صاحب العروة فيما تقوم وقلنا جواز النوم كحكم تكليفي
 هنا توجد صور لهذه المسالة
 الصورة الأول: اذا احتمل الانتباه فان نومه جائز لكنه عازم على ترك الغسل كما عند الفسقة الذين لايعتنون بالصوم فهو من تعمد البقاء على الجنابة بل هو من أظهر مصاديق تعمد البقاء على الجنابة فصومه باطل وعليه القضاء والكفارة وهذا هو الحكم الوضعي
 الصورة الثانية: ليس لديه عزم على ترك الغسل بل هو متردد في الغسل وعدمه فحينما نام نام مترددا بالغسل فهذه الصورة تلحق بالعامد حكما
 فان تردده يعني انه لانيّة له على الصوم لأن الصوم هو عبارة عن امساك عن اشياء منها تعمد البقاء على الجنابة أي لابد من الامساك عن التعمد ومن الواضح ان هذه النية لم تتحق عنده مع التردد في الغسل لأن التردد في الغسل يعني انه متردد في البقاء على الجنابة متعمدا أو لا يبقى وهو يلازم التردد في الصوم وهذا يعني عدم الجزم بنية الصوم فلابد من البطلان ووجوب القضاء
 لكن هذا المتردد في نبة الصوم أو المتردد في الغسل هل عمله يحتاج الى كفارة أو لا يحتاج الى الكفارة مع الجزم بوجوب القضاء؟
 هنا صاحب العروة والسيد الخوئي قالا بثبوت الكفارة كصورة ما اذا كان جازما على ترك الغسل فهو جازم على ترك الصوم الاّ انه هنا متردد فهو عامد في ترك الغسل حقيقة وهذا كالمتردد في السفر الى الحج واستمر تررده الى ان فات الوقت فان هيصدق عليه انه ترك الحج عمدا
 ولكن هنا يوجد قول آخر فان هذا الانسان وان بطل صومه الاّ انه لاكفارة عليه لأنه متردد في البقاء على الجنابة والتردد يعني انه غير عامد
 نعم في الخارج لم يتحقق الغسل ولكن عدم حصول الغسل هنا لا لأجل جزمه على ترك الغسل بل ترك الغسل لتردده في الغسل وعدمه
 فالسيد الخوئي يقول ان العمد يحصل بعدم القصد الى الفعل فنقول هل ان عدم القصد هذا يحصل من الجزم وهو عدم القصد المحض أو من التردد ففي عدم القصد المحض يحصل العمد وأما عدم القصد إثراً للتردد فهو ليس من العمد
 وعليه فوجوب الكفارة مشكل في صورة التردد وفيه تأمّل فان التردد ليس من عدم القصد المحض
 الصورة الثالثة: وهو ان ينام ويحتمل الانتباه أو يعلم الانتباه الاّ انه اتفاقا نام الى مابعد الفجر فانه قد غفل وذُهل عن الغسل
 هنا صاحب العروة قال ان هذا على القوى يلحق بالصورة الرابعة الآتية وهو انه اذا نام النومة الاولى فلا شيء عليه واذا كانت النومة الثانية فعليه القضاء واذا كانت النوم الثالثة فعلية القضاء والكفارة
 ولكن السيد الماتن احتاط استحبابا بالحاق القضاء والكفارة بالنومة الاولى والثانية
 اما السيد الخوئي فيقول هنا أي مع الذهول عليه القضاء دون الكفارة فهو مثل الصورة الثانية فهو متردد في الغسل حتى طلع الفجر عليه
 وقد استدل السيد الخوئي على ثبوت القضاء في حقة باعتبار ان الذاهل يعني الناسي فهذا ممن علم الجنابة والاحتلام ونسيهما وتوجد نصوص تقول ان الناسي لغسل الجنابة اذا مرّت عليه أيام أو مرّ عليه تمام الشهر فانه يقضي الصوم لأن تلك النصوص تشمله
 واما عدم الكفارة فهو لأن الكفارة لاوجه لها مطلقا حتى احتياطا فان الناسي ليس من العامد والكفارة هي ملازمة للعامد
 الصورة الرابعة: وهو ان يكون نومه المستمر الى طلوع الفجر مع البناء على الاغتسال قبل الفجر لكن اتفاقا استمر نومه الى مابعد الفجر فصومه صحيح اذا كانت نومته النومة الاولى
 اما اذا استمر نومه الى مابعد الفجر وكان في النومه الثانية فهنا عليه القضاء دون الكفارة
 وقال صاحب العروة ان عليه الكفارة ان كان في النومة الثالثة
 وتفصيل هذا القسم الرابع يحتاج الى الدليل
 أما القسم الأول وهو ان يكون عازما على الغسل والصوم فدليله كما قال السيد الخوئي لدينا ثلاث طوائف من الروايات تقول ان نومه صحيح مطلقا
 الطائفة الاولى: رواية ابي سعيد القماط حيث الامام الصادق (عليه السلام) عمن أجنب في شهر رمضان فنام حتى أصبح؟ قال لاشيء عليه وذلك لان جنابته كانت في وقت حلال أي في الليل
 فهذه الطائفة لم تقيّد وتقول سواء كان عازما على الغسل أو لم يكن عازما على الغسل
 الطائفة الثاني: موثقة سماعة سألته (عليه السلام) عن رجل اصابته جنابة في جوف الليل في رمضان فنام وقد علم بها ولم يستيقظ حتى طلع الفجر؟ قال عليه ان يتم صومه ويقضي يوما آخر وهي مطلقا سواء عزم على الغسل أو لم يعزم
 الطائفة الثالثة: صحيح الحلبي في رجل احتلم أول الليل ثم نام متعمدا في شهر رمضان حتى طلع الفجر؟ قال يتم صومه ذلك ثم يقضي وهذه واردة في التعمد
 هنا قال السيد الخوئي نؤمن بانقلاب النسبة فالطائفة الاولى تقول من نام فصومه صحيح مطلقا بينما الطائفة الثانية تقول بصحة الصوم فبين الطائفة الاولى والثانية تعارض
 بينما الطائفة الثالثة تقول اذا نام متعمدا فصومه باطل وفي رواية اخرى عليه الكفّارة
 فهذه الطائفة الثالثة تخصص الطائفة الاولى وتقول ان صومه ليس صحيح دائما بل اذا تعمد عدم الغسل فصومه باطل ويصح صومه اذا نوى الغسل
 ومع صيرورة الطائفة الاولى خاصة في صورة العزم على الغسل فتكون مقيّدة للطائفة الثانية فتكون الطائفة الثانية بمعنى ان صومه باطل اذا لم يعزم على الغسل وهو معنى انقلاب النسبة
 فالطائفة الثالثة تقيد الطائفة الاولى ومعه فتكون الطائفة الثانية اخص من الثانية
 نحن في الاصول لم نقبل إنقلاب النسبة كما ان المشهور لم يقبل انقلاب النسبة فيما اذا كانت هناك روايات متعارضة على نحو التباين ويأتي دليل ثالث فيقيّد أحدهما فتنقلب النسبة بين الدليل الأول والثاني من التباين الى العموم والخصوص المطلق
 نحن تبعا للمشهور لم نقبل انقلاب النسبة في الاصول خلافا للميرزا النائيني والسيد الخوئي
 وان الميرزا النائيني والسيد الخوئي عندما قالا بإنقلاب النسبة فقالا ان تصور انقلاب النسبة مساوق للتصديق بها ولكننا لم نقبل بذلك
 ونحن لم نقبل انقلاب النسبة فنقول لدينا طائفة تقول من نام بعد الجنابة حتى أصبح فصومه صحيح مطلقا أي سواء عزم على ترك الغسل أو عزم على الغسل
 وطائفة اخرى وهي الطائفة الثانية حيث تقول عكس مقالة الطائفة الاولى فتقول ان من نام بعد الجنابة حتى أصبح فان صومه باطل سواء عزم على ترك الغسل او كان ناويا للغسل
 والنسبة بين هاتين الطائفتين هي نسبة التباين فالاولى تصحح الصوم مطلقا لمن نام مجنبا حتى أصبح بينما الطائفة الثانية تبطل صوم مطلقا لمن نام مجنبا حتى اصبح فبينهما التباين
 وأما الطائفة الثالثة فتقول ان من نام متعمدا على ترك الغسل فان صومه باطل
 فنقول ان هذه الطائفة الثالثة تقيد كل من الطائفة الاولى بان تقيد صحة الصوم اذا لم يكن عازما على ترك الغسل وكذا تقيد الطائفة الثانية بان تقيد بطلان الصوم في صورة العزم على ترك الغسل
 ولا استهجان في ان تكون طائفة من الروايات تقيد طائفتين من الروايات
 إذا لدينا دليل على ان من احتمل الانتباه او علم الانتباه وكان عازما على الغسل فصومه صحيح اذا استمر نومه الى طلوع الفجر وهذه هي الصورة الرابعة
 اما الصورة الثانية وهي انه قد اجنب ثم نام محتملا للانتباه ثم استيقظ ونام ثانية واستمر نومه فعليه القضاء دون الكفارة كما هو المعروف بين الاصحاب
 وتدل على هذا الحكم صحيحتان
 الصحيحة الاولى: صحيحة معاوية بن عمار في الباب 15 مما يمسك عنه الصائم الحديث الأول قال قلت للامام الصادق (عليه السلام) الرجل يجنب في أول الليل ثم ينام حتى يصبح في شهر رمضان؟ قال ليس عليه شيء، قلت فانه استيقظ من النومة الاولى ثم نام حتى أصبح؟قال فاليقضي ذلك عقوبة
 فالنومة الاولى لاشيء عليه كما ذهبنا الى ذلك وذلك للأدلة المتقدمة وليس لأجل هذه الرواية فان هذه الرواية تقول بعدم إضرار النومة الاولى مطلقا
 وأما النومة الثانية فذيل هذه الرواية يشير الى النومة الثانية ولابد من تقييده بعدم العزم على عدم الغسل وهو محل كلامنا
 ثم هنا توجد قرائن تدل على انه نام عازما على الغسل وهي قوله (عليه السلام) عليه القضاء عقوبة وذلك لأن هذا الشخص تسامح متساهل في مسألة الغسل فأراد الشارع ان ينبهه على التسامح والتساهل وذلك بدليل قوله (عليه السلام) عقوبة
 الصحيحة الثانية: صحيحة بن أبي يعفور في الباب 15 مما يمسك عنه الصائم الحديث 2 قال قلت للصادق (عليه السلام) الرجل يجنب في شهر رمضان ثم يستيقظ ثم ينام ثم يستيقظ ثم ينام حتى يصبح؟ قال يتم صومه ويقضي يوما اخر وان لم يستيقظ حتى يصبح أتم صومه وجاز له
 قال صاحب العروة توجد نسخة ثانية لهذه الرواية وهي موافقة للصحيحة الاولى وهي صحيحة معاوية بن عمار لكن في نسخة اخرى ذكرت النومة الاولى فقط وهي الرجل يجنب في شهر رمضان ثم يستيقظ ثم ينام حتى يصبح؟ قال يتم صومه ويقضي يوما آخر فعلى هذه النسخة ليس هناك نومة ثانية
 هنا السيد الخوئي يقول ان صاحب العروة قد التبس عليه الأمر في ذلك فان هذا ليس من اختلاف النسخ بل هو من اختلاف المصادر فالنسخة الاولى التي تشتمل على النومة الثانية موجود في كتاب من لايحضره الفقيه للشيخ الصدوق والنسخة الثانية التي لايوجد فيها النومة الثانية واردة في التهذيب للشيخ الطوسي ومعه فيكون من الاختلاف في المصادر
 ومع اختلاف المصادر فيدور الأمر بين ان تكون هذه الزيادة صادرة من الامام (عليه السلام) مع الزيادة أو صادره من الامام (عليه السلام) مع النقيصة فقالوا هنا بترجيح مصدر كتاب الفقيه لأن الصدوق متخصص في فن الحديث فمن هذه الناحية هو أضبط من الشيخ الطوسي (قدس سرهما)