الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقة

34/01/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: من أجنب ثم نام
 مسألة 55: من كان جُنبا في شهر رمضان في الليل لا يجوز له أن ينام قبل الاغتسال إذا علم أنه لايستيقظ قبل الفجر للاغتسال ولو نام واستمر إلى الفجر لحقه حكم البقاء متعمدا فيجب عليه القضاء والكفارة فهنا الحرمة التكليفة ثابتة وعليه القضاء والكفارة وهما حكمان وضعيان ولابد ان يستغفر ربه لفعله المعصية
 وأما إن احتمل الاستيقاظ جاز له النوم وإن كان من النوم الثاني أو الثالث أو الأزيد فلا يكون نومه حراما وهنا لم يذكر المصنف الحكم الوضعي بل ذكر الحكم التكليفي فقط وهو جواز النوم
 وإن كان الأحوط ترك النوم الثاني فما زاد وإن اتفق استمراره إلى الفجر غاية الأمر وجوب القضاء أو مع الكفارة في بعض الصور كما سيتبين
 نحن نقول أما الصورة الاولى فالنوم حرام عليه باعتباره مكلفا بالصوم ومكلف بمقدمات الصوم وهو الغسل ومعه فيحرم عليه النوم
 وكما يصدق العمد على من بقي متعمدا على الجنابة حتى طلوع الفجر فكذا يصدق العمد على العزم على عدم الغسل فينام فهو من التعمد أيضا
 وكذا اذا نام وهو يعلم انه لايستيقض قبل الفجر فهو من العامد على البقاء على الجنابة حتى طلوع الفجر
 فالعمد يصدق في هذه الصور
 وان النوم ليس هو من العذر مع علمه انه لايستيقض باعتبار ان التكليف بالصوم موجود من الليل غايته الزمان غير متحقق الآن كالتكليف بالحج
 بل نقول ان أكثر موارد تعمد البقاء على الجنابة واردة في النوم وهي مذكورة في الباب 16 مما يمسك عنه الصائم الحديث الاول صحيح الحلبي فهو عازم على الغسل وينام او ينام وهو عالم بعدم الاستيقاظ فهنا يعاقب لأنه فعل المعصية فعليه القضاء والكفارة ويجب عليه الاستغفار لانه فعل المعصية بتركه للواجب
 وهذا الكلام يختلف عمن ينام قبل وجوب الصلاة ويعلم انه لايستيقظ للصلاة فالأكثر هنا قال بجواز النوم لأن الصلاة غير واجبة بينما الصوم فوجوبه ثابت من الليل
 ثم ان هذا الحكم الذي ذكره صاحب العروة ثابت لو استمر النوم اما اذا استيقظ من النوم واغتسل فهنا لاشيئ عليه سوى حرمة التجري الثابتة عندنا وأما حرمة المعصية فغير ثابتة فان حرمة المعصية تثبت في صورة عدم الاستيقاظ
 اما الصورة الثانية وهي ان يحتمل الاستيقاظ فقد قال صاحب العروة بجواز النوم فقد ذكر الحكم التكليفي فقط واما الحكم الوضعي فانه سيتعرض في مسألة ثانية
 نحن نقول ان من احتمل الانتباه والاستيقاظ قبل الفجر على نحوين: فتارة يحتمل الانتباه مع كونه معتاد للانتباه وتارة يحتمل الانتباه ولكنه غير معتاد للانتباه
 فنقول ان من احتمل الانتباه اذا كان معتاد الانتباه فله ان ينام باعتباره مطمئن بالاستيقاظ وان الاطمئنان هو بنفسه حجة كالعلم
 واما ان يكون من احتمل الانتباه غير معتاد الانتباه
 فهنا اقوال ثلاثة:
 الأول: وهو قول المشهور جواز النوم بمجرد انه يحتمل الانتباه فله النوم
 الثاني: خلاف المشهور حيث قال جماعة بعدم جواز النوم مطلقا
 وقد استندوا الى رواية ضعيفة في الباب 16 مما يمسك عنه الصائم الحديث 4 وهي رواية ابراهيم بن عبد الحميد عن بعض مواليه قال سألته عن احتلام الصائم ...ان أجنب ليلا في شهر رمضان فلا ينم حتى يغتسل وهي ضعيفة بالإرسال
 الثالث: جواز النومة الاولى فقط دون غيرها فلو استيقظ من النومة الاولى فلايجوز له معاودة النوم ثانية
 وقد استدل على هذا القول بصحيحة معاوية بن عمار في الباب 15 مما يمسك عنه الصائم الحديث الاول، قالت قلت للصادق (عليه السلام) الرجل يجنب أول الليل ثم ينام حتى يصبح في شهر رمضان؟ قال ليس عليه شيئ
 قال قلت فان استيقظ ثم نام حتى أصبح؟ قال فليقضي ذلك اليوم عقوبة فقالوا ان تعليل القضاء بالعقوبة في النومة الثانية يعني ان النوم الثاني حرام
 ولكن هذا القول باطل فان العقوبة المستلزمة للحرمة هي العقوبة الاخروية وليست عقوبة القضاء وان القضاء عقوبة دنيوية وان العقوبة الدنيوية لاتدل على الحرمة
 فماذكره صاحب العروة من ان الذي يحتمل الاستيقاظ له ان ينام النومة الاولى او الثانية أو الثالثة لابد من التفصيل فيه والتفريق فيه بين من عادته الانتباه فله ذلك وبين من ليس عادته الانتباه ففيه أقوال ثلاثة بالجواز والعدم والتفصيل كما تقدم
 وقد ذهب السيد الخوئي الى القول الثاني وهو حرمة النوم لو كان محتمل الانتباه ولكنه لم يكن معتاد الانتباه واستدل بان النوم الذي يحتمل فيه الاستيقاظ فكذا يحتمل فيه عدم الانتباه فهذا النوم محكوم بالاستمرار الى الفجر بالاستصحاب وقد صدر باختياره فهو من التعمد على البقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر فعليه القضاء والكفارة ويستغفر ربه
 ففي صحيحة الحلبي في الباب 16 مما يمسك عنه الصائم الحديث الاول عن الامام الصادق (عليه السلام) في الرجل احتلم في أول الليل او اصاب من اهله ثم نام متعمدا في شهر رمضان حتى طلع الفجر؟ فقال يتم صومه ثم يقضيه ويستغفر ربه
 وفي الحديث الثاني من نفس الباب قال فيه الكفارة أيضا وفي نفس الباب روايات تنهى عن نومه فيدل على حرمة النوم
 نحن هنا لنا وقفة مهمة مع السيد الخوئي بان هذا لايمكن ان يدخل تحت العمد فان العمد هو الجزم على ترك الغسل او يقصد عدم الغسل
 أما ماذكره السيد الخوئي من ان احتمال الاستيقاظ واحتمال عدم الاستيقاظ فهو محكوم بالاستمرار ولكن هذا لم يعزم على ترك الغسل ولم يقصد ترك الغسل فهو ليس بعامد على ترك الغسل