الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقة

33/12/19

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: صوم المستحاضة
 كنا نتكلم فيمن نسي غسل الجنابة حتى مضت عليه ايام متعددة وهو صائم فهل صومه صحيح أو باطل؟
 قلنا هذه المسألة فيها ثلاثة أقوال والاقوى هو الاول وهو بطلان الصوم خلافا للقول الثاني الذي يقول بصحة الصوم وخلافا للقول الثالث الذي يقول ان اغتسل ولو غسلا مستحبا فيصح الصوم الذي بعد الغسل لا ماقبله
 ونحن اخترنا القول الثالث الذي يقول من نسي غسل الجنابة حتى مضت عليه أيام فان اغتسل في ضمن الشهر فيصح الصوم الذي بعد الاغتسال والاّ فلا يكون الصوم صحيحا للدليل الدال على تداخل الاغسال كصحيحة زرارة في باب 34 من الجنابة الحديث الاول قال اذا اغتسلت بعد طلوع الفجر اجزئك غسلك ذلك للجنابة والحجامة وعرفة والنحر والحلق والذبح والزيارة فاذا اجتمعت عليك حقوق الله اجزائها عنك غسل واحد ثم قال وكذا المرأة يجزائها غسل واحد لجنابتها واحرامها وجمعتها وغسلها من حيضها وعيدها وهو من الاجزاء القهري فما بعد الغسل يكون صومه صحيحا
 وتوجد رواية صحيحة تقول من نسي غسل الجنابة فعليه القضاء وهذه تدل على البطلان فلازم القضاء بطلان الصوم الاّ ان تلك الروايات التي تقول بالتداخل القهري فهي تقول بصحة الصوم بعد الغسل
 قال السيد الماتن (قده): والأحوط إلحاق غير شهر رمضان من النذر المعين ونحوه به وإن كان الأقوى عدمه والاحتياط هنا استحبابي
 لأن النص يقول من نسي غسل الجنابة في شهر رمضان فالدليل مختص في شهر رمضان
 وان الدليل الذي جعلنا نخرج عن الروايات القائلة بأن البقاء على الجنابة عمدا حتى يطلع الفجر عليه القضاء هو روايات خاصة في شهر رمضان لمن نسي الجنابة
 أما صوم غير شهر رمضان من النذر المعين أو الواجب لموسع أو قضاء شهر رمضان فهو داخل تحت الروايات التي تقول لو بقي على الجنابة عمدا حتى يطلع الفجر فصومه باطل وأما النسيان فصومه صحيح
 فالنذر المعين والواجب الموسع لادليل على التعدي اليهما فيمنت نسي غسل الجنابة أياما متعددة لأن الحكم مختص بشهر رمضان كصحيحة الحلبي في الباب 30 مما يصح منه الصوم الحديث 3 قال سئل الامام الصادق (عليه السلام) عن رجل أجنب في شهر رمضان فنسى ان يغتسل حتى خرج شهر رمضان؟ قال عليه ان يقضي الصلاة والصيام فالدليل مختص بشهر رمضان فنلتزم به
 وهذا القيد وهو من نسي غسل الجنابة راجع الى صوم شهر رمضان وليس الى طبيعة الصوم فالقيد يكون في شهر رمضان فقط وليس هو قيد لمطلق الصوم
 وكذا لايشمل قضاء شهر رمضان لأن قضاء شهر رمضان هو طبيعة اخرى غير طبيعة شهر رمضان فالدليل دلّ على قضاء من نسي الجنابة في شهر رمضان وقضاء شهر رمضان نوع وطبيعة اخرى من الصوم
 وأما اقض ما فات كما فات فهو يدل على ان الصلاة اذا فاتتك حضرا فاقضها رباعية واذا فاتتك سفرا فاقضها قصرا ولاتقول ان القضاء كالأداء
 فخصوصيات شهر رمضان تختلف عن قضاء شهر رمضان ففي كفارة شهر رمضان ستين مسكين بينما في كفارة القضاء عشرة مساكين ويحرم ابطال صوم شهر رمضان بعد وقبل الظهر بينما قضاء شهر رمضان يجوز ابطاله قبل الظهر اذا موسعا فقضاء شهر رمضان يختلف عن شهر رمضان
 نعم السيد الحكيم قال في المستمسك ان قضاء شهر رمضان يلحق بشهر رمضان ولكن لادليل عليه بل الدليل ضده ففي شهر رمضان لدينا صحيحة الحلبي التي تقول سئل الامام الصادق (عليه السلام) عن رجل أجنب في شهر رمضان فنسى ان يغتسل حتى خرج شهر رمضان؟ قال عليه ان يقضي الصلاة والصيام ولازمه بطلان الصوم، وفي غير شهر رمضان لدينا روايات تقول البقاء على الجنابة متعمدا حتى طلوع الفجر فعليه القضاء وهذا لم يكن متعمدا فصومه صحيح
 فالأدلة تقول بصحة صوم قضاء شهر رمضان لأنه لم يكن متعمدا البقاء على الجنابة
 فكلام السيد الحكيم يعوزه الدليل الاّ ان يقاتل انه ناظر الى ان اقض مافات كما فات ناظرة الى الصوم وان المقضي كالقضاء وهذا لادليل عليه ولكنها واردة في الصلاة وان القضاء يختلف عن المقضي في الكفارة وفي جواز الابطال وعدمه كما تقدم
 نعم قد يدعى ان صحيحتي ابن سنان في قضاء شهر رمضان وكذا موثقة سماعة في قضاء شهر رمضان أيضا فقد يقال انها تشمل النسيان لمن بقي على الجنابة حتى يطلع الفجر
 صحيحة ابن سنان انه سأل الامام الصادق (عليه السلام) عن الرجل يقضي شهر رمضان فيجنب من أول الليل ولايغتسل حتى يجيئ آخر الليل وهو يرى ان الفجر قد طلع؟ قال لايصوم ذلك اليوم ويصوم غيره
 والصحيحة الثانية لابن سنان كتب أبي الى الامام الصادق (عليه السلام) وكان يقضي شهر رمضان وقال اني أصبحت بالغسل وأصابتني الجنابة فلم اغتسل حتى طلع الفجر؟ فقال لاتصم ذلك اليوم وصم غيره
 وموثقة سماعة سألته عن رجل أصابته جنابة في جوف الليل في رمضان فنام وعلم بها ولم يستيقض حتى أدركه الفجر؟ فقال عليه ان يتم صومه ويقضي يوما آخر فقلت ان كان ذلك من الرجل وهو يقضي شهر رمضان؟ قال (عليه السلام) فاليأكل يومه ذلك وليقضي فانه لايشبه رمضان شيئا من الشهور وهذه الروايات الثلاثة موردها العمد
 أما الموثقة الأخيرة فان الحكم بالقضاء في شهر رمضان وهو الشق الأول فهي قرينة على ان الرواية في العمد
 وأما الصحيحتان وكذا الموثقة فان لم نقبل انها في صورة العمد فهي تشمل غير العمد ولكن التأخير فيها كان بالاختيار فهذا الحكم بلزوم القضاء لايستلزم الحكم في مسألتنا من ان النسيان في شهر رمضان أيضا فيه القضاء
 فهنا ثلاثة صور تأخير الجنابة عمدا وتأخير غسل الجنابة لا عن عمد الاّ انه بالاختيار وصورة النسيان وهو تأخير غسل الجنابة لا بالاختيار فلو قلنا ان هذه الروايات الثلاثة غير مختصة بالعمد وتشمل صورة غير العمد أيضا وهو تأخير الغسل اختيارا
 وأما الصورة الثالثة وهو النسيان فهي تأخير الغسل لا عمدا ولا اختيارا فالروايات الثلاثة لاتشمل مانحن فيه
 فنقول ان السيد الحكيم عندما الحق قضاء شهر رمضان بشهر رمضان فقد يكون دليله هذه الروايات الثلاثة ولكن هذه الروايات لاتشمل النسيان وان كانت غير مختصة بالعمد
 قال المصنف كما أن الأقوى عدم إلحاق غسل الحيض والنفاس لو نسيتهما بالجنابة في ذلك وإن كان أحوط فالمرأة التي نسيت غسل الحيض والنفاس هل تقضي اولا تقضي فهنا لادليل على القضاء
 نعم من نسي غسل الجنابة فقال الدليل بوجوب القضاء لأن النص ورد في الجنابة وأما غسل الحيض والنفاس لو نسيته المرأة فلا دليل على وجوب القضاء الاّ ان يقال بالأولوية القطعية كما قاله صاحب الجواهر
 وهذه الاولوية التي يدعيها صاحب الجواهر هو باعتباره ناظر الى نص يقول في المرأة الجنب التي فاجئها الحيض حيث قال (عليه السلام) فاجئها ماهو أعظم من الجنابة فتكو ن الأولوية القطعية التي قال بها صاحب الجواهر هي مأخوذة من النص وليست من العرف
 هنا قد يقال لا توجد أولوية باعتبار ان الحائض ليست اولى من الجنب في كل حكم ثبت للجنب فاذا ثبت للجنب فلا يثبت للحائض والمراد من الأعظم في الرواية لعلة لبعض الاحكام الثابتة للحائض فالحائض لايجوز طلاقها ولايجوز وطئها وهذا بخلاف المرأة الجنب
 أو ان الأعظمية من ناحية النجاسة الخبثية فان الدم قذر وهو أعظم من الجنابة فان التقاء الختانين ليس فيه قذارة عرفية فلعل الحديث ناظر الى بعض أحكام الحائض والنفساء التي هي موجودة في الجنب أو ناظر الى القذارة العرفية
 ومعه فيبقى ان غسل الحيض والنفاس اذا نسيته المرأة فلا دليل على قضاء الصوم
 ثم هنا مناقشة اخرى وهي ان بطلان الصوم مع عدم الغسل للحيض والنفاس فقد بطل صومها سواء في شهر رمضان او في واجب اخر مع التعدي فان ذلك لأجل صدق التواني فيبطل الصوم معه وأما الناسية لغسل الحيض والنفاس فلا يصدق عليها عنوان التواني
 ومعه فلو نسيت المراة غسل الحيض والنفاس فيصح صومها لانه لايصدق فوت الصوم عليها او اننا نرجع الى الرواية التي تقول لايضر الصائم ماصنع اذا اجتنب اربع فصومها صحيح
 نعم لو نسيت المرأة غسل حيضها أو نفاسها فنظن ان صومها غير صحيح ولكن هذا الظن لايغني من الحق شيئا
 فمن نسيت غسل الحيض والنفاس في شهر رمضان لايبطل صومها وان دليل البطلان ورد في نسيان غسل الجنابة