الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقة

33/11/21

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: صوم المستحاضة
 المسألة التي تطرقنا اليها وهي اشتراط الاغسال النهارية في صوم المستحاضة وقد ذكرها صاحب العروة وقال على الأحوط
 وقد اختلف العلماء في هذه المسألة حيث قال بعضهم بالاغتسال للصبح والظهرين لصحة صومها ومنهم من قال بالاغتسال للعشائين أيضا ومنهم كابن ادريس قال نشترط في صومها كل ماعليها من تبديل القطنة وغسل الموضع ومنهم من لايتعرض الى حدث المستحاضة الكثيرة حيث قال بصحة صومها وانما الغسل لأجل الصلاة فقط
 وقد اوردت عدة اشكالات على هذه الرواية ذكرنا واجبنا عنها جميعا
 لكننا اشكلنا على هذه الرواية بأنها لم تغتسل للحيض بعد الطهر فاذا جائتها الاستحاضة فلابد لها من الغسل للحيض لأجل صحة الصوم ومعه فهذه الرواية خارجة عن مانحن فيه
 فهذه الرواية تشتمل على شيئين وهو ان السائل سأل عن المرأة التي خالفت مخالفة اولية وهي لم تغتسل من غسل الحيض
 وان جواب الامام الامام (عليه السلام) بقضاء الصوم قد يكون لأجل المخالفة الاولى وهي ترك غسل الحيض وان عدم الاغتسال لكل صلاة غير مضر بالصوم بل هو مضر بالصلاة
 هنا يقول صاحب الجواهر ان الاغتسال واجب على المستحاضة الكثيرة لأجل الصلاة وأما صومها فليس فيه شرط من هذه الناحية لكن هذه الرواية قالت بوجوب قضاء الصوم فيكون القضاء لأجل الدليل الخاص وهو هذه الرواية التي أمرت به فنلتزم بالقضاء من دون القول بفساد الصوم
 ثم انه على مبنى المشهور من ان البقاء على حدث الاستحاضة الكثيرة من دون غسل لكل صلاتين مبطل للصوم ولابد من القضاء
 ولكن هل هذه الرواية مختصة بالاستحاضة الكثيرة أو تعم الاستحاضة المتوسطة التي لابد لها من الاغتسال لصلاة الصبح فلو لم تغتسل فصومها باطل؟
 وهل تعم هذه الرواية الاغسال الليلة أو تختص بالاغسال النهارية كما قاله صاحب العروة؟
 أما البحث الاول من التعميم للاستحاضة المتوسطة فهذا غير تام لأن الرواية قيدت الغسل في الصحيحة المذكورة بان الغسل لكل صلاتين وهذا من مختصات المستحاضة الكثيرة ولاوجه لتعميمها للاستحاضة المتوسطة والقليلة
 واما البحث الثاني من الاختصاص بالاغسال النهارية فنقول لاوجه للتخصيص بغسل الصبح والظهرين كما فعل صاحب العروة لأن التخصيص غريب مع تصريح الرواية بالغسل لكل صلاتين
 نعم صاحب الجواهر الذي يقول بان الشرط المتأخر غير معقول فله ان يقول ذلك اما نحن حيث نرى بمعقولية الشرط المتأخر فلا نترك ذلك ونقول بان هذه المرأة لابد ان تغتسل غسل العشائين لليوم السابق والاّ فلا يرتفع حدث الاستحاضة
 ومنشأ التخصيص بالاغسال النهارية كما قال به صاحب العروة وغيره هو ان المعتبر هو الاغسال المقارنة للصوم والاغسال المقارنة للصوم هي الاغسال النهارية
 ولكن الرواية وموضوع قضاء الصوم وبطلان الصوم هو انها لم تعمل ما تعمله المستحاضة من الغسل لكل صلاتين وهذا التعبير يشمل الأغسال النهارية والليلية
 واما غسل الليلة اللاحقة فهو دخيل في صحةالصوم وذلك لجواز الشرط المتقدم الذي تعقلناه
 لايقال ان هذا بعيد عن اذهان العرف والمتشرعة
 ولكن هذا ليس بعيد فللشارع ان يشترط شرطا متاخرا وهو الصوم الذي يتبعه الغسل الليلي
 ثم ان الرواية قالت ان المستحاضة اذا لم تعمل الغسل لكل صلاتين فصومها باطل فلو لم تاتي المستحاضة الكثيرة غسل الصبح فمقتضى الرواية صحة صومها
 ولكننا نقول ان صومها ليس بصحيح و يبطل صومها لأن الغسل لكل صلاتين هو من مختصات المستحاضة الكثيرة أي ان الشارع يقول بأنها لم تعمل بوظيفتها من الغسل للصلوات وان المرتكز عند السائل وهو علي بن مهزيار ان الغسل إنما يلزم باعتبار رفعه للحدث الأصغر وان هذا الحدث هو مثل حدث الحيض والنفاس الاّ ان ذلك حدث أكبر وهذا حدث أصغر
 ثم انه لافرق بين الغسل للظهرين والغسل للصبح مادامت الاستحاضة كثيرة فالعرف لايفرق بين غسل الصبح والعشائين فان المستحاضة اذا لم تعمل بالاغسال الواجبة عليها جميعا فيكون صومها باطلا
 وهذا كله بناء على مسلك المشهور القائل بأن المستحاضة الكثيرة اذا لم تعمل بوظيفتها من الأغسال فيكون غسلها باطلا وعليها القضاء
 لكننا شككنا في ذلك وقلنا ان الرواية ليست في هذا المورد بل هي في مورد اخر
 ثم هنا شبهة اخرى وهي ان الاستحاضة هي أمر كثير الابتلاء به بالنسبة للنساء كما في الحيض فبالنسبة للحيض فقد وردت روايات روايات تقول بان المرأة لاتتمكن من الصوم مع كونها حائضا واما بالنسبة للمستحاضة فلا توجد الاّ هذه الرواية الواحدة عن الامام الهادي (عليه السلام) فيظهر ان تأخير هذا الحكم الى زمان الامام الهادي (عليه السلام) يدل على عدم اعتبار الغسل بالنسبة لصوم المستحاضة
 ولكن الجواب ان الاحكام جائت تدريجية ولعل التأخير فيه مصلحة فلعله ارجئ الحكم الى زمان الامام الهادي (عليه السلام) على ان هذه الرواية تقول ان النبي (صلى الله عليه واله) كان يأمر المؤمنات بذلك
 وان عدم وصول هذا الحكم الينا قد يكون لأجل المنع الذي تحقق بالنسبة الى تدوين السنة النبوية أو حرق الكتب أو غير ذلك من موانع الوصول
 فهذه الرواية قال المشهور بانها واردة في الاستحاضة الكثيرة بينما نحن قلنا بانها واردة في المستحاضة التي لم تغتسل غسل الحيض
 وأما بالنسبة لقول المشهور فيرد على هذه الرواية
 أولا: ان الدخيل في صحة الصوم ظاهرا هو الغسل للصلاة فالمستحاضة تعمل بوظيفتها من الاغسال للصلاة لا ان الغسل معتبر بنفسه للصوم فلو بقيت على حدث الاستحاضة حتى طلوع الفجر ثم اغتسلت للفجر فصومها صحيح فليس هذا الحدث كحدث الحيض أو الجنابة
 ثانيا: اذا اغتسلت قبل الفجر فلايمكن ان تصلي بهذا الغسل صلاة الفجر لان صلاة الحائض بعد الغسل تكون فورية فلو قلنا ان غسلها قبل الفجر دخيل في صحة الصوم فنشك في صحة الصلاة به من جهة لزوم الموالاة بين الغسل وبين أداء الصلاة فلو توانت فلابد من ان تغتسل غسلا آخر لأجل الصلاة لان خروج الدم يكون حدثا لها