الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقة

33/04/25

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: كتاب الصوم ــ النيّة
 بالنسبة الى المسألة التاسعة التي تقدمت وهو اذا نذر صوم يوم خميس معين ثم نذر ان يصوم اليوم الثاني بعد ان يرزق ولدا ورزق ولدا في يوم الاربعاء فتحقق النذر الثاني في نفس اليوم فاتفق نذر الصوم الثاني في نفس صوم النذر الأول وهو يوم الخميس
 فقال السيد اليزدي (قده) هنا بكفاية صوم هذا اليوم ويسقط النذران
 والسيد الخوئي (قده) قال بصحة هذه الفتوى من السيد الماتن بناء على ان الأمر بالنذر توصلي ثم تكلم عن صحة النذر الثاني عند تحقق النذر الاول فقال نعم يصح النذر الثاني فيما لو كان النذر الاول يتعلق بموضوع والنذر الثاني يتعلق بموضوع اخر وهو ان يصوم اليوم الذي بعد ان يرزق ولدا واتفاقا اتحدا فصيام يوم الخميس يوجب صحة النذرين
 ولكن اذا نذر ان يعطي اكبر شخص في البلد درهما ونذر ان يعطي لعالم البلد درهما واتفق ان اتحادا في شخص واحد فهنا قال بان النذر الثاني ملغى أو هو تأكيد للاول
 قلنا في الصورة الاولى لوصام يوم الخميس فانه يفي بكلا النذرين وكذا اذا اعطى درهما لعالم البلد الذي هو أكبر شخص في البلد فهو أيضا وفاء بالنذر
 ومثال آخر وهو لو نذر ان يعطي أكبر أولاد زيد درهما ثم نذر ان يعطي لخالد درهما وكان هو الأكبر من أولاد زيد فالنذرين موضوعهما واحد فلو اعطى درهما واحدا فانه قد وفى بالنذر وهذا المثال ليس من باب الاتفاق بل هو دائما كذلك بخلاف المثال الأول فان العالم اتفق انه أكبر أهل البلد
 وقد حصلت بعض المناقشات
 اولا: ان مثال نذر الصوم أول خميس ونذر أول يوم بعد ان يولد له ولد يختلف عن مثال العالم الذي هو اكبر شخص في البلد فان مثال الصيام لايمكن فيه تكرار الصوم يوم الخميس اما المثال الثاني فيمكن فيه التكرار بتكرار الاعطاء وكذا في مثال ابن زيد وخالد فان تكرار الامتثال ممكن
 لكن هناك قاعد فقهية يذكرها الفقهاء يقال لها قاعدة التداخل بأن يكتفى فيها بفعل واحد رغم وجود أمرين بشيئين عكس ماذكروه في الاصول فانهم قالوا ان الاصل عدم التداخل
 وتجري هذه القاعدة في الفقه في صور عدم قابلية الفعل للتكرار كما اذا كان الزمان غير قابل لأن يقع فيه صومان وهو كالمثال الاول
 ومثال آخر وهو اذا طلقت المرأة فيجب عليها ان تعدد بعد الطلاق مباشرة وكذا في وطئ الشبهة لابد لها من العدة فلو طلقت بعد وطئ الشبهة فهنا لابد من العدة لاجل الوطئ شبهة وللطلاق وهذه العدة لايمكن تعددها أو زنى الانسان بذات محرم وهو كافر فلابد من قتله وبما انه كافر زنى بمسلمة فلابد من قتله ولكن هنا لايمكن تكرار القتل ففي مثال الصوم لايمكن تكراره ومعه فيحصل التداخل فيسقط الامران بفعل واحد
 وهنا قاعدة اصولية تقول اذا وُجد أمران على شيئ واحد خارجي فالمأمور به طبيعة واحدة والطبيعة الواحدة يستحيل ان يتعلق أمران بها من دون امتياز في البين فالظهور يكون في محل الأمر الثاني على التأكيد كما اذا نذرنا ان نعطي درهما لعالم البلد ثم نذرنا ان نعطي أكبر شخص في البلد درهما واتفق اتحادهما في شخص واحد فهنا المتعلق للأمرين واحد وقد اُمرنا بالطبيعة فيمكن هنا التكرار لكنه ليس بواجب لأن الطبيعة قد حصلت بالاعطاء الأول ويستحيل تكرار الطبيعة من دون امتياز ومعه فيكون الأمر الثاني هو تأكيد للامر الأول وليس بتأسيس
 وهنا قاعدة اصولية ثانية وهي وجود أمرين على موضوعين مختلفين كالغسل للجنابة والغسل لمس الميت فهنا جاء أمران على موضوعين فلابد من غسلين وهذه القاعدة تسمى قاعدة عدم التداخل بخلاف القاعدة السابقة فهي تقول بالتداخل فيما لو توجه أمران على موضوع واحد، فالقاعدة الاصولية الثانية تقول اذا جاء أمران على موضوعين مختلفين فالأصل عدم التداخل الاّ اذا جاء دليل خاص على التداخل أي يدل على اكتفاء غسل واحد عن الجميع
 فالامثلة التي ذكرها السيد الخوئي منها مايكون التداخل في المسألة الفقهية كصوم اول خميس من شعبان وصوم اليوم الاول لو زرق ولدا فهنا الزمان لايسع لأكثر من صوم واحد، والمثال الثاني وهو اكرام عالم البلد واكرام اكبر شخص في البلد فهو مثال للتداخل الاصولي فيسقط الامرين بالاعطاء مرة واحدة، وكذا في مثال اكرام أكبر أولاد زيد وأبو خالد واتحدا بان كانا شخصا واحدا وهذا الاتحاد دائمي فهو مأمور بالطبيعة ولايؤمر بالطبيعة مرتين الاّ مع الامتياز في الاعطاء
 فكلام السيد الخوئي في نذ ريوم الخميس كلا النذرين صحيحين ولكن لايمكن صوم اكثر من يوم واحد، وكذا المثال الثاني بان نذر ان يكرم عالم البلد واكبر شخص في البلد فالنذر صحيح ويتحقق بالامتثال الواحد، وأما المثال الثالث كابن زيد و ابو خالد أي اذا كان الاتحاد بينهما دائمي فهنا النذر الثاني باطل أو تأكيد
 ونحن قلنا لايمكن القول بالتأكيد مع فرض البطلان لأن التاكيد يعني الصحة ويكتفى بالامتثال الواحد وقلنا ان النكتة في تفسير معنى النذر فالمشهور قال ان النذر هو الالتزام فيكون هنا التزامين فالنذر الثاني يكون تأكيد للنذر الاول ولكن اذا قلنا ان النذر هو تمليك لله فلايمكن التلميك مرّة ثانية فيكون التمليك الثاني باطلا
 فقوله اما باطل أو تاكيد فكأنه ينظر الى معنى النذر عند المشهور وهو الالتزام بالعمل لله وعند غير المشهور هو تمليك العمل لله، فلو اخذنا بالمعنى الاول فيكون التزام العمل الثاني لله صحيح لكنه تأكيد واذا قلنا ان النذر هو تمليك لله فيكون التمليك الثاني باطلا
 فالكلام كله صحيح ومسند بقواعد اصولية وفقهية