الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقة

33/04/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: كتاب الصوم ــ النيّة
 انتهينا الى المسألة الثامنة وباعتبار ان المسألة الثامنة هي كالمسألة الثانية التي تقدمت فسيكون البحث الآن حول المسألة التاسعة
 مسألة 9: إذا نذر صوم يوم خميس معين ونذر صوم يوم معين من شهر معين فاتفق في ذلك الخميس المعين يكفيه صومه ويسقط النذران فإن قصدهما اُثيب عليهما وإن قصد أحدهما اُثيب عليه وسقط عنه الآخر
 ومثاله كما لو نذر ان يصوم أول خميس من شهر شعبان ثم نذر أن يصوم بعد اليوم الذي يأتيه ولد فولد له ولد ليلة الخميس فاتفق ان يكون يوم النذر الذي هو الخميس وهو اليوم الذي لابد من صيامه لأجل الولد فهنا يكفيه صوم الخميس المعين ويسقط النذران فلو قصد كلا النذرين فانه سيثاب عليهما وان قصد أحدهما فانه يثاب عليه ويسقط النذر الثاني عنه
 هذا ماقاله السيد صاحب العروة (قده)
 نحن نقول لو قلنا بالقاعدة التي تقول ان الوفاء بالنذر لايحتاج الاّ الى المجيئ بالمنذور من دون قصد الوفاء وهذه القاعدة قال بها السيد الحكيم وتبعه السيد الخوئي فعليه نقول حتى لو لم يقصد أحد النذرين وجاء بصوم الخميس الذي هو أول خميس من شعبان فيصح لأن المنذور لايحتاج الى قصد العنوان وقد جاء بالفعل قال تعالى وليوفوا نذورهم
 هنا قال السيد الخوئي إنما تكون فتوى صاحب العروة صحيحة بناء على ان الأمر النذري توصلي ولايلزم قصد العنوان فيه ومعه فتكون الفتوى من الماتن صحيحة
 ويقول السيد الخوئي ان النذرين الذان اتفقا في يوم واحد هل كليهما صحيحان أو ان أحدهما صحيح والآخر باطل؟
 فيقول هنا صورتان لهذه المسألة فتارة النذر الأول والنذر الثاني صحيح وتارة النذر الأول صحيح ولكن النذر الثاني باطل
 أما صورة صحة كلا النذرين وهي كما اختاره صاحب العروة وهو كما اذا تعلق النذر الأول بعنوان وهو صوم أول يوم خميس من شهر شعبان وتعلق النذر الثاني بعنوان آخر وهو ان يصوم الذي بعد ان يولد له ولد وهذا عنوان آخر وبين العنوانين عموم وخصوص من وجه
 وكما اذا نذر ان يعطي درهما لعالم البلد ونذر ان يعطي درهما لأكبر شخص في البلد فاتفق ان كان أكبر شخص في البلد هو عالم البلد فهنا بينهما عموم وخصوص من وجه وعليه فيصح النذران وبدفع درهم واحد يسقط كلا النذرين
 ففيما نحن فيه كذلك وهو اذا صام يوم الخميس فانه يتحقق كلا النذرين لأنه قد وُجد مصداق النذرين فيسقط كلا النذرين وهذا هو مراد صاحب العروة
 وتارة اخرى يتعلق النذر بعنوانين ولكن معنونهما واحد ومعه فيكون قد تعلق النذران بشيئ واحد خارجا وقد اشير اليه بعنوانين كما اذا نذر ان يعطي أكبر أولاد زيد درهما ثم نذر ان يعطي لوالد خالد درهما وبعدها تبن ان والد خالد هو أكبر أولاد زيد فالنذران تعلقا بشيئ واحد خارجا فيكون النذر الثاني ملغى أو تأكيد للأول فلا ينعقد مستقلا بخلاف الصورة الاولى
 فهنا دائما أكبر ولد زيد هو والد خالد وليست القضية إتفاقية بل هي قضية خارجية بينما في مسألة الصوم تحقق الصوم في يوم واحد فهي قضية حقيقة واتفاقية
 هنا نقول أما قول السيد الخوئي بأن الأمر النذري توصلي ولايلزم قصد العنوان فيه فقد تقدم ان الأمر النذر توصلي صحيح ولكن كونه توصلي فلايلزم قصد العنوان فيه اذا كان له عنوان فهذا غير صحيح فان القاعدة غير مختصة بالتعبديات
 نعم ان كلام السيد الحكيم من ان صوم النذر هو عبارة عن المجيئ بالمنذور من دون عنوان الوفاء فهو كلام صحيح لأنه لاعنوان هنا
 ثم ان السيد الخوئي جاء بمثال نذرين متعلقين بمعنون واحد فقال ببطلان النذر الثاني ولكن خانه التعبير حيث قال فيكون النذر الثاني ملغى أو تاكيدا للأول فالملغى يعني البطلان والتأكيد للأول يعني الصحة وهذا من خيانة التعبير
 نقول هنا في ذهن السيد الخوئي شيئ لم يلتفت اليه المقرر فلابد من نرجع الى معنى النذر ونرى ماهو معنى النذر؟
 هنا اختلفت كلمات العلماء بمعنى النذر والمشهور ذهب الى ان النذر هو الالتزام بعمل لله فلا يفيد النذر الاّ ان يحدث العبد التزاما بعمل لله تعالى
 وذهب اخرون الى ان النذر ليس هو التزام بعمل لله بل النذر هو عبارة عن تمليك العمل لله تعالى فاذا نذر فيعني انه جعل صوم يوم الخميس ملكا لله وتسليم هذا العمل لله متفرعا على جعل العمل ملكا لله تعالى
 حينئذ فعلى هذا المعنى الثاني للنذر يكون النذر متكلفا أمرين:
 أولاً: الأمر الوضعي
 ثانيا: الأمر التكليفي المتفرع على الأمر الوضعي وهو وجوب أداء كل ملك الى مالكه
 وعلى هذا المعنى الثاني فلا معنى ان يملك العبد شيئا واحدا لله مرتين على نحو القضية الخارجية
 وهذا هو الذي ذهب اليه السيد الحكيم في مستمسكه وتترتب عليه ثمرة وهو اذا أفطر العبد هذا اليوم فعليه كفارة واحدة أما المعنى الأول للنذر فانه يلتزم ان يعمل هذا العمل لله من دون تمليك فلا مانع من تأكيد الالتزام الأول بالالتزام الثاني
 فعلى رأي المشهور اذا أفطر في ذلك اليوم الذي التزم فيه التزامين فعليه كفارتان للنذر الأول وللنذر الثاني
 فالنذر يختلف معناه فتارة هو التزام بأن يصوم لله وتارة انه تمليك العمل لله وهو قول غير مشهور
 وعلى هذا القول غير المشهور فلا معنى لتمليك شيئ خارجي مرتين فيكون التمليك الثاني باطلا
 واما على المعنى الأول فلابأس بالالتزام بالتزام ثاني بأن يعمل هذا العمل لله فاذا أفطر فيس ذلك اليوم فعليه كفارتين
 لذالك قال انه ملغى بناء على تفسير النذر بأنه تمليك العمل لله أو تأكيد استنادا الى المعنى المشهور للنذر وهو العمل لله
 فنقول ان تعبير السيد الخوئي دقيق وهو ناظر الى معنى النذر المشهور وغير المشهور فعبر على رأي المشهور بأنه تأكيد باعتبار للالتزام الأول وملغى باعتبار انه تمليك العمل لله
 فالنذر الثاني ملغى أو مؤكد هو مبتني على معنى النذر عند المشهور وعند غير المشهور