الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقة

32/11/04

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الايدز

 كنّا نتكلم في مسألة ان المرأة المريضة بمرض الايدز اذا تيقنا من مرضها واصبحت حاملا وكان احتمال انتقال المرض الى الطفل واردا ولو بصورة ضعيفة، فهل يجواز لها اسقاط هذا الحمل؟

 الرأي الذي تبنيناه هو عدم جواز الاسقاط حتى لوكان احتمال الاصابة غير ضعيف فضلا عن كون احتمال الاصابة ضعيفا وحتى في الاشهر الاولى من الانعقاد فضلا عن الاشهر الاخيرة لما تقدم من الادلة التي تدل على حرمة اجهاض الجنين وهو منعقد

 فهناك ادلة خاصة في ثبوت الدية اذا تم اسقاطه وقد نهي عن الاسقاط، كما ان هناك ادلة عامة وهي من قتل نفسا بغير نفس فانها شاملة لهذا الجنين الذي في البطن

 لكن هناك كما قلنا رأي لبعض المجامع الفقهية بجواز اسقاطه قبل المائة والعشرون يوما

 كما ان هناك رأي للاطباء يقول بجواز اسقاط الجنين اذا تبين انه سوف ياتي مشهوها وعليلا

 وقد ناقشناها جمعيا لانها فاقدة للدليل بل ادلتها مناقشة

الان ناتي الى مورد اخر وهو

 ان كان وجود هذا الجنين في بطن الام سيستمر الى الشهر السابع والثامن فانه سوف يقتل الام

 فهل يجوز اسقاط هذا الجنين؟

 نقول نعم هنا يجوز قتل هذا الجنين للمحافظة على حياة الام سواء كانت الام مصابة بمرض الايدز او لا

 والدليل هو التزاحم بين حياة الاصل وهو الام وحياة الفرع وهو الجنين فاذا بقي الجنين الى الشهر الثامن فان الام سوف تقتل ويخرج الطفل حيا واما اذا قتلناه وهو في بطن امه فان الام سوف تسلم

 فهنا لابد من ترجيح الام على الطفل لانها الاصل والجنين هو الفرع فلو كان ولابد من موت احدهما فاننا نقدم موت الجنين على موت الام

لايقال لافرق هنا بينهما لان الام نفس بشرية وكذا الطفل نفس بشرية فلا ترجيح للام

فنقول ان اسقاط هذا الجنين لاجل الام لانه مهاجم للام والمهاجمة وهي الام لها حق الدفاع عن النفس

هنا حالة اخرى وهي

 اذا لم تتعرض حياة الام الى الخطر من الجنين المصاب بالمرض لكن بقائه في بطنها سيقلل مدة كمون المرض ويسرع في قتلها أي ان الجنين سيؤي الى موت الام بسرعة

 فهل يجوز اسقاط الحمل في هذه الحالة ام لا؟

اولا: ان هذا الكلام من الاطباء ليس كلاما عمليا بل هو كلام نظري واجتهادي لايمكن القطع به والاعتماد عليه جزما

ثانيا: ان هذا لو كان قطعا عمليا فلو احسنا برعاية الاعم فلانقطع بان السبب في كمون المرض هو الحمل

ثالثا: لو ظهر المرض مبكرا فلادخل له في قصر اجل الام او لايكون لنا علم في تاثيره فان كلام الدكتور ليس جزميا

بل نقول حتى اذا علمنا وقلنا ان قول الطبيب اكثر من الاجتهاد وثبت ان بقاء الطفل في بطن امه سيقلل من عمر الام

 فهل هذا يبرر اسقاط الجنين؟

 نقول ان هذا لايبرر قتل الجنين لمجرد تحسن حالة الام الصحية للادلة المتقدمة على حرمة قتل الانسان التي تشمل الجنين

ثم هل يمكن القول ان المجاعة اذا حلت بقطر او قارة بحيث اذا قتلنا نصفهم فان الحالة الصحية للاخرين ستتحسن

 فهل هذا سيكون مبررا لقتل نصف القارة؟

 كلا لايجوز القتل لمجرد كون القتل يؤي الى تحسن الوضع الصحي للاخرين

 الميرزا جواد التبريزي (قده) كان يفتي بجواز قتل الجنين اذا ادى بقائه حتما الى قتل الام لانه مهاجم فيجوز قتل المهاجم واسقاط الجنين، وهذه الفتوى لم تذكر في كتاب معين بل حصلت اثر مناقشات شفهية معه

 اما غيره من العلماء لم يستندوا الى هذا الدليل بل استندوا الى تقديم الاهم على المهم وطبقوا الاهم على الام

 نعم قد ينقاش كون الام أهم كما ناقشه السيد السيستاني فان كل من الام والجنين هو نفس بشرية ولا تقديم لاحدهما على الاخر فاذا تجاوزنا هذا الدليل يأتي دليل الميرزا وهو دليل متين بحسب الظاهر

اذاً عندنا في جواز الاجهاض ثلاثة حالات

الاولى: الاجهاض من دون مبرر سوى ان الحمل مريض وهذا لايجوز قطعا

الثانية: الحمل يريد قتل الام قطعا ويقينا فيجوز قتله

الثالثة: الحمل يقلل من حياة الام ومن صحة الام ويقصر من فترة كمون المرض فلايجوز للام اسقاطه

استدراك

 بالنسبة الى الرضاعة تقدم الكلام في انه اذا وجدت مرضعة فهي تقدم على الام المريضة التي يحتمل انتقال المرض منها الى الطفل، واما اذا لم تكن مرضعة وهناك غذاء طبيعي فهو مقدم ايضا على الام

 ولكن اذا كانت الحياة غير نظيفة وتتولد للطفل امراض من الغذاء الطبيعي فيكون ارضاع الام هو المتعين وهو المقدم على غيره

ونقول هنا ان لبن الام المريضة اولى من لبن المرضعة، فنتراجع عما قلناه فان لبن الام مقدم على التغذية الصناعية ولبن المرضعة

 فان نسبة انتقال المرض من لبن الام المريضة الى الطفل هي نسبة ضعيفة جداً

 على انه يمكن ان تتم رضاعة الطفل بصورة غير مباشرة بعد استخراجه وتسخينة ومعه فستقتل الفايروسات المحتمل تواجدها في اللبن

ماحكم حضانة الام المصابة لولدها السليم

 بالنسبة الى حق الحضانة لم يثبت انتقال العدوى من الام الى الطفل في الاسر بطريق الحضانة

 فان اسباب انتقال العدوى هي الانتقال الجنسي وعن طريق التزريق وعن طريق الحمل والرضاعة بصورة نادرة

 اما عن طريق الحضانة بتنظيفه وتربيته وغسله فهو غير ثابت في الاسر فالحضانة لاتوجب نقل العدوى من المريض الى الصحيح

فتجوز الحضانة من الام المصابة الى ولدها اذا تحقق امران

الاول: ان مرض الايدز ينتقل بواسطة الالتقاء الجنسي والابر المشتركة فاذا تجنبت الام ملامسة الاغشية المخاطية للطفل عند اصابتها بجروح أو تلوثت يدها بسائل جنسي او تتلوث يدها بدم الحيض فمع تجنبها لهذه الامور لا مانع من حضانتها

الثاني: ان حق الحضانة فيه جهتان

 الاولى: للطفل وهي تطوره النفسي ونشأته الطبيعية

 الثانية: حق الام به فانها تأنس بذالك

 فعليه لايجوز حرمان الام من حضانة ولدها وان كانت مريضة بمرض الايدز

المنظمة الاسلامية للعلوم الطبية

 قد اصدرت هذه المنظمة بالاشتراك مع مجمع الفقه الاسلامي ضمن قراراتها بيانا حول الايدز، تقول

 لامانع شرعامن حضانة الام المصابة بفريوس الايدز لطفلها ولكن بما ان احتمال العدوى اثناء الرضاعة وارد وان كان قليلا فان الاحوط هو عدم ارضاع الام لطفلها اذا امكن ان توجد للرضيع ضئر سليمة ترضعه او ان تتوفر بدائل اخرى للتغذية بصورة كافية من الالبان المجففة

ولكننا نقول ان الام المصابة ترضعه بصورة غير مباشرة فانها اولى بعد استخراج وتسخين الحليب فالفيروس يقتل بالحرارة

 كما ان الغذاء الصناعي اذا كان في بلاد تهتم بالنظافة اهتماما كاملا فهنا قد يقال ان الغذاء الصناعي يجوز

 اما اذا كانت البلاد قد انعدمت فيها النظافة او النظافة فيها قليلة فقال المختصون ان موت الاطفال نتيجة الغذاء الطبيعي ووجود الاسهال والامراض المعدية عند الاطفال اكثر بكثير مما اذا ارضعته الام المصابة بمرض الايدز

 فلا نُجوّز ان تحرم الام من حضانة ولدها ولانحرم الطفل من رعاية من هي افضل له من غيرها

 مع ان العدوى لاتنتقل اذا حافظت الام على مراعاة الامور اللازمة لعدم انتقال العدوى

 وكذا الارضاع بالنسبة الى الثلاثة ايام الاولى هو واجب ولايسقط هذا الواجب بوجود احتمال ضعيف لانتقال المرض كما انه يجوز الارضاع بصورة غير مباشرة بعد اخذ اللبن وتسخينه

 كما ان الكثير من العلماء يقولون بوجوب الارضاع لمدة سنتين والبعض يقول بالاستحباب

 اذاً الرأي الذي نرتئيه في الحضانة هو عدم سقوط الحضانة اذا كانت الام مريضة مع مراعاتها للوسائل الصحيحة السليمة

السؤال العاشر

 ماحكم اعتبار مرض الايدز مرض الموت